اللغة العربية لغة القرآن : مباني ومعاني (19)


تابع البنية اصطلاحا : مناقشة الشطر الثاني من العنوان

بإنهائنا للحلقة الماضية رقم 18 المحجة عدد427 نكون قد أتممنا مناقشة العنوان أعلاه بشطريه : أولهما : العربية لغة القرآن بما استوجبته هذه العبارة من استشهاد بآيات من القرآن الكريم، وثانيهما : مباني ومعاني مع شرح كلمة البنية لغة واصطلاحا، وقد وظفنا مجموعة من القواعد التي نرى أنها مناسبة للكشف عن المعنى المناسب لفهم هذه العبارة أو تلك سواء فيما يتعلق بكلمات العنوان، أو الآيات المستشهد بها، وهدفنا من استحضار هذه القواعد أمران : أولهما مقارنة كل ما ذكر منها مع كل ما يمكن أن ينضوي تحت مصطلح البنية من الأمثلة، وما قد يبقى خارج التعريف ولو كان من حيث وظيفته في الكلام من جنس بعض ما ينطبق عليه المصطلح المذكور، والأمر الثاني هو التنبيه إلى استحضار وظائف قواعد اللغة، كل القواعد المطلوبة أثناء التعامل مع أي نص مكتوب بلغة عربية سليمة بصفة عامة، والنصوص الشرعية بصفة خاصة، وفي مقدمتها القرآن الكريم الذي يمثل أعلى مستوى لمتن اللغة العربية. ذلك أن أية كلمة بأي شكل كانت تدل على معنى معين، وعليه ينبغي أن يشملها تعريف البنية اصطلاحا لأن المقصود من مفهوم البنية الذي هو على وزن فِعْلة هو السعي إلى الربط بين شكل الكلمة ووظيفتها الدلالية في مجال معين وهو ما ورد في تعريف البنية لغة، ولعل هذا ما بني عليه تعريفها اصطلاحا.
يقول ابن منظور “ابن الأعرابي : البِنى: الأبنية من المدر والصوف، وكذلك البِنَى من الكرم.. وقال غيره : يقال بِنْية وهي مثل رِشْوة ورشا كأن البنية الهيئة التي بني عليها مثل المِشية، والرِّكبة… ل ع 14/94 ع 1-2. ويستفاد من قول ابن منظور في النص أعلاه “كأن البنية الهيئة..الخ” أن كل شكل من أشكال الكلمات يدل على معنى معين في مجال معين ولا ينبغي أن يقصر الأمر على نوع خاص من الكلمات دون سواه كما يفهم من تعريف البنية اصطلاحا كما ورد عند الكفوي والاسترابادي. وعليه نلخص القواعد التي وظفناها في الحلقات الماضية المتعلقة بشرح العنوان لنرى مدى إمكان استجابة تعريف البنية اصطلاحا لأشكالها ووظائفها الدلالية دون استثناء، وعليه نعيد كتابة الآيات التي استشهدنا بها في الموضوع على علاقة اللغة العربية بالقرآن. ثم نذكر ما ورد في كل منها ملخصا مما وقفنا عنده وذلك فيما يلي :
< الآية الأولى : قال تعالى : ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر، لسان الذي يلحدون إليه أعجمي، وهذا لسان عربي مبين .
القواعد المشار إليها :
• أفعال مضارعة : وهي نعلم ـ يقولون يعلمه.
• أسماء وصفات وهي : بشر ـ لسان ـ الذي ـ أعجمي ـ عربي ـ مبين. الحلقة (2) المحجة عدد 384.
< الآية الثانية : قال تعالى : وإنه لتنزيل رب العالمين، نزل به الروح الامين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين، وإنه لفي زبر الاولين ( الشعراء : 192- 193).
القواعد المشار إليها :
• واو العطف مرتان أـ وإنه لتنزيل ـ ب : “وإنه لفي زبر…
• المركب الإضافي مرتان في تركيب واحد هما.
أ ـ تنزيل + رب العالمين. ب رب+ العالمين
ب ـ اللام في قوله “لتكون. الحلقة 4-5 المحجة 386-387.
< الآية الثالثة : قال تعالى : ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة. وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا لتنذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين (الأحقاف : 12).
القواعد المشار إليها :
• واو العطف في قوله : “ومن قبله”.
• حرف “من” ويحتمل أحد المعنيين :
أ ـ أن تكون صلة زائدة…
ب ـ للتمييز ورفع الإبهام…
• قَبْلُ : من ألفاظ الجهات الست الموضوعة لأمكنة مبهمة.
• المصدر : كتاب على وزن فِعال بكسر الفاء من فعل كتب يكتب كتابة، وأصلها الجمع.
• الدلالة المعجمية للكلمتين : إماما ورحمة. الإمام من يؤتم به. ورحمة : على وزن فَعْلة هي بالنسبة للإنسان حالة وجدانية تعرض غالبا لمن به رقة القلب… (الحلقة ـ 6 ـ المحجة عدد 388).
• هذا : يسمون هذه الكلمة اسم إشارة. وهي للقريب بتجردها من قرينة تدل على البعد.
• الإضافة في : “كتاب موسى” والنعت والحال في قوله : وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا (الحلقة 7 المحجة عدد 389).
• اسم الفاعل : مُصَدِّق من فِعْل صدَّق بتشديد الدال الذي أصله صَدَق يَصْدُق وياتي متعديا تارة ولازما أخرى (الحلقة 8 المحجة 392).
• مُصدق يعرب نعتا ويفيد التخصيص.
• لسانا : ودلالتها المعجمية نوعان :
أـ مؤنثة وتعني اللغة.
ب ـ مذكر ويعني الجارحة.
• حال : وتعرب لسانا في الآية حالا، (الحلقة 9 المحجة 393 والحلقة 11 المحجة عدد 410).
< العنوان العام : اللغة العربية لغة القرآن: مباني ومعاني .
القواعد المشار إليها :
• الإضافة في قوله : “لغة القرآن” الحلقة الأولى المحجة عدد 383.
• البنية لغة الحلقة 14 المحجة عدد 417
• مباني جمع تكسير مفردة مبني. وهو مصدر ميمي أقوى دلالة من غيره من المصادر غير مصدرة بالميم.
• الأصل المعجمي : يحتمل شكلين من الكتابة باعتبار حرف العلة الأخير.
أـ بنا بألف ممدودة.
ب ـ بنى بألف مقصورة. ولكل شكل مجاله الدلالي (14 المحجة عدد 417).
• كل المشتقات تحتفظ في بنيتها بالحرفين. ب ـ ن مثل البنية، والبِنَى، والأبنية، والبُنى : والبناء والبنية.. والبواني. (الحلقة 14 المحجة عدد 417).
وقد استعمل سيبويه عددا من هذه المشتقات وغيرها وهو يعالج مسائل متنوعة. (الحلقة 15-16 المحجة عدد 419).
• البنية اصطلاحا مع تسجيل أمثلة تطبيقية. توضح العلاقة بين شكل البنية ومعناها العام والخاص (الحلقة 17-18).
يلاحظ من خلال ما أثبتناه من القواعد التي وظفناها في كل آية أن عددها 21 قاعدة مطبقة على الأنواع التالية.
• حروف المعاني.
• أفعال المضارع.
• الاسم المركب تركيب إضافة :
• الإضافة.
• الألفاظ الدالة على الجهة.
• المصادر.
• الدلالة المعجمية بالنسبة لبعض الكلمات.
• اسم الإشارة.
• اسم الفاعل.
• النعت.
• الحال.
• جمع التكسير…الخ.
ولكل نوع من بين هذه الأنواع وظيفته الدلالية الخاصة في مجاله، والأسئلة التي تفرض نفسها بناء على كل ما سبق وغيره مما لم يذكر هي :
أـ هل يستوعب مصطلح البنية كل ما ذكر من أنواع الكلمات؟
ب ـ هل يدرك المتعامل مع النصوص المكتوبة باللغة العربية دلالات كل ما يستعمله من مكونات الكلام؟
دـ هل نستحضر دلالات مكونات الكلام أثناء تلقين قواعد اللغة العربية للراغبين فيها؟ هل وهل؟.
يُتبع

.د. الحسين كنوان

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>