الاحتمال الأول: كيف لو هبت الريح فهزت أستار بيتك… وحرك هجير الظلم صبيب الدمع في صحراء أحقادك… فتفجر ساخنا ببعث الحرقة في حنايا ذاتك… أنت يا أيها الغصن المقطوع عن أصله… أنت أيها الفتى المطرود من فصله… فانتفضت كطائر جريح أصابته طلقة قناص… وحملت جرحك في المنافي هاربا من غطرسة الرصاص؟!
الاحتمال الثاني:كيف لو سحبك العسكر من بين أطفالك… واقتادوك معصوب العينين إلى حيث قرارك… وزوجتك الولهى تندب من خلفهم… ويحكم ماذا جنى أطهارها؟َ!… حتى طغى في الأرض فجارها… واستباحوا حمى الملة ومزقوا أسمالها.
الاحتمال الثالث: كيف لو جلست كالمعتاد تشرب قهوتك المسائية…، وتتابع رتابة إحدى القنوات الإخبارية… إذ جاءك النذير وألقى على وجهك قميص ابنك الذي اغتاله الجيش في مظاهرة طلابية… فهتفت من لوعتك يا واهب الحياة مني الصبر، ومنك العوض عن هذه الرزية؟!
الاحتمال الرابع: كيف لو استفقت يوما فوجدت أرض مدينتك قد فرشت وردا… وأصبح الإنسان في شوارعها إنسانا، والحياة من حوله شهدا… وأطفال حارتك يرفلون في أثوابهم الزاهية… يبتسمون للكاميرات وصوت المنشد يملأ الحي بألحان شادية… تنبهت فإذا أكوام القمامة قد اختفت من أزقة المدينة، ولبست الشوارع، كل الشوارع مظاهر البهجة والزينة… فركت عينيك من فرط الذهول… أأنا في حلم، أم تغيرت من سحرها الفصول؟! … سألت جارك البقال في شرود… ماذا جرى في الدنيا يا مسعود؟!… فتبسم ضاحكا من غباوتك، لله ذرك يا محمود !!… غدا سيزور أهل الكنانة وفد رفيع من حكومة القرود.
ذ. أحمد الأشـهـب