إلى أن نلتــــــقي – تحية للمرأة الـمغربية


أكثر من مشهد يدُل على أن المرأة المغربية تقوم بمهمات كبرى، وأنها حُمِّلت من الأعمال ما لا ينتبه إليه الكثير من الذكور، ولا أقول الرجال: > حينما نذهب إلى المؤسسات التعليمية نرى أن من يتابع الأبناء في دراستهم ونتائجهم، أغلبيتهم المطلقة من الأمهات، وبالطبع فإن من يهتم بالابن أو البنت قبل الذهاب إلى المدرسة صباحا، وبعد عودتهم مساءً هي الأم. > حينما ندخل العيادات والمستشفيات لنرى من يصاحب المريض من أجل الاستطباب نجد المرأة، أُمّا كانت أو بِنتا أو أختا أو زوجة، ونادراً ما نجد الرجال. > حينما نذهب إلى الأسواق لنرى من يشتري مستلزمات الطبخ، نجد المرأة… والرجل يكاد أن يشكل استثناءً، وخاصة في الأسواق التي تتوسط الأحياء. > حينما نتفقد الحضور في الدروس والمحاضرات وخاصة في الكليات والجامعات ذات الاستقطاب المفتوح، نجد الفتيات، أما العنصر الذكوري فيكاد يخلو من بعضها تماما. > حينما نقوم بإحصاء للنتائج المحصل عليها في مختلف المستويات الدراسية، نجد أن العنصر النسوي هو المهيمن على أفضلها. > حينما نتتبع السلوك والانضباط في المؤسسات التعليمية أيضا، نجد أن الإناث يحصدن التميز فيها في الغالب. > حينما نزور المدارس الخاصة، وخاصة الابتدائية منها، لا نكاد نجد من هيأة التدريس إلّا الإناث، بسبب صبرهن وقناعتهن ونجاعتهن في تربية النشء. > حينما تعج المقاهي بالرواد مستريحين، وأغلبهم، إن لم نقل كلهم، من الذكور تكون المرأة منهمكة في إعداد شؤون البيت وتعهد الصغار. > ثم بعد هذا قد تكون المرأة موظفة أو مستخدمة، تعمل طوال النهار في العمل، وقبل ذلك وبعده في البيت. > حتى برامج محو الأمية على اختلاف مستوياتها غالبا ما يكون الإقبال عليها من قِبل النساء. كل هذا وغيره كثير مما نعْلمُه نحنُ الذكور، أو نحن الرجال، حَق العلم، ثم مع ذلك نُطالب بالمزيد… بالمزيد من تجريد المرأة من أنوثتها وخصوصيتها تحت شعارات براقة خدَّاعة: المساواة، عدم التمييز، الحقوق، المساواة، المناصفة، ونحْو ذلك. بالمزيد من دفْعها نحو تَحمُّل مالا تستطيع من الأعباء داخل البيت وخارجه، حتى ترفع راية الاستسلام التي رفَعتها تلك الأم قديما بعد أن حمل ابنها على ظهرها ما لا تطيق، فطلب منها إضافة الرحى على ظهرها، فقالت له افعل ما شئت يا بني “ما نَيْضا ما نَايْضَا”. نعم هكذا ربما يُراد لنِسائنا وبناتنا أن يكُنَّ: “خدما وخَوَلاً، وربما إماءً” وليس شريكات للرجال وشقائق لهم، لهن ما لهن من حقوق، وعليهن ما عليهن من واجبات، مثلهن في ذلك مثل الرجال. فتحية إلى المرأة المغربية على ما بذلت وتبذُل في كل وقت وحين.. تحية إليها كل صباح ومساء. وتحية لمن اعترف بحقوقها فعلاً لا قولاً، وأنزلها منزلتها التي تتحقق بالكثير من السلوكات معها، وخاصة بـ : < الإخلاص لها وعدم خيانتها، وأكبر الخيانة تجريدها من أنوثتها. < واجب النفقة إن فضَّلت القعود في البيت، تخليصا لها من نار العمل خارج البيت وحماية لها من الذئاب البشرية. < عدم ظلمها والاعتداء عليها كيفما كان نوع هذا الظلم معنويا أو ماديا. < تمكينها من حقوقها كاملة غير منقوصة كما نص عليها الشرع الحكيم… تحية لمن أكرمها حق الإكرام وأنزلها منزلتها اللائقة بها، التي فطرها الله عليها، وقد قيل : ((ما أكرمهن إلا كريم، ولا أهانهن إلا لئيم)).

د. عبد الرحيم الرحموني

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>