الدورة التأهيلية الأولى للجامعة العالمية المفتوحة للدراسات المصطلحية 1


أ.د. الشاهد البوشيخي

الأمين العام لـمؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع) في افتتاح

الدورة التأهيلية الأولى للجامعة العالمية المفتوحة للدراسات المصطلحية

 

 

المسألة المصطلحية” هي قلب الإشكال، ومفتاح الإقلاع، ومحرك التجديد

المسألة المصطلحية” هي محـور الصراع، وجوهر النزاع، ومركز الدفـاع

 

بسم الله الرحمن الرحيم

أيها الضيوف الأكارم

مرحبا بكم في بلدكم وبين أهليكم،

مرحبا بضيوف العلم في بلد العلم، وضيوف المصطلح في بلد المصطلح. وإنا والله لمستحون من بضاعتنا المزجاة، ولكن اشتد الطلب، وكثر الرَّغب، فلم نملك إلا الاستجابة للطلب.

فعذرا عذرا وأنتم الكرماء الحلماء عمَّا طرأ أو يطرأ من تقصير. وإنما الجزاء الأوفى لنا ولكم عند الله تعالى العلي القدير.

أيها الضيوف الأكارم

الحديث عن المسألة المصطلحية حديث ذو شجون، وما في الصدر منه أكثر مما في السطر:

ولو أن قيسا أنطقتني رماحها نطقت ولكن الرماح أجرت.

فيا حسرة على قيس ((و)) رماح قيس)).

ويا ليت قومي يعلمون بأن ((المسألة المصطلحية(( هي قلب الإشكال، ومفتاح الإقلاع، ومحرك التجديد. ذلك بأنها تتعلق ماضيا بفهم الذات، وحاضرا بخطاب الذات، ومستقبلا ببناء الذات.

ويا ليت قومي يعلمون بأن ((المسألة المصطلحية(( هي محور الصراع، وجوهر النزاع، ومركز الدفاع. ذلك بأن عليها المدار منذ استخلاف آدم عليه السلام حتى قيام الساعة، وفيها النزاع بين المستكبرين والمستضعفين في مختلف الأمصار والأعصار، وبها الدفاع عن الهوية الدينية، والخصوصية الثقافية، والوِجْهة الحضارية.

ألا ليت قومي يعلمون بأن المصطلح الذي أنزل إليهم من ربهم هو المصطلح، و أنهم لو أقاموا المصطلح الذي أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم.

ألا ما أحوج الأرض اليوم إلى من يقيم فيها مصطلح الذكر كما أنزل {إنا نحن نزلنا الذكر، وإنا له لحافظون}(الحجر 9)، لتستدير من جديد كهيئتها يوم خلق الله السموات والأرض، ويقام الميزان والوزن بالقسط.

ألا إن شأن مصطلح الذكر لعظيم، وتغييره أو تبديله مما يحسبه الناس هينا وهو عند الله عظيم، ومسه بسوء مس بالنظام العام للكون والحياة والإنسان جد أثيم.

أيها المحبون للمصطلح وآله.

إن هذه الجامعة ما أنشئت إلا لجمع نخبة مصطفاة من الأمة قصد التعاون معها على مشروع النهوض للشهود: نهوض الأمة الشامل، وشهودها الحضاري العالمي القادم بحول الله تعالى، انطلاقا من القرآن العظيم، روح الأمة وباعثها، وهاديها، ومسدد سيرها.

وإن هذه الدورة : دورة القرآن الكريم والدراسة المصطلحية -الرؤية والمنهج- ما نظمت إلا للتشاور العلمي في المنهج اللازم لذلك النهوض لتحقيق ذلك الشهود، مع من اختارهم الله تعالى ليكونوا طليعة تلك النخبة.

أيها المحبون للقرآن العظيم وأهله.

لا جرم أنه إذا صح الفهم صح العمل، وإذا صح العمل تحسن الحال. ومنذ أجيال وأجيال، حيل بين الأمة وبين كتاب ربها بمختلف الأشكال، فكان ما كان…

ومتى حجب القرآن حاجب، وحال بينه وبين الناس حائل، فقد قُطعَ بوجه من الوجوه ما أمر الله به أن يوصل. وما أكثر قطاع الطريق عبر القرون!:

- المحارب لانتشار اللسان العربي في الأمة قاطع طريق.

- والمفسر للقرآن بغير دلالة زمن التنزيل قاطع طريق.

- والملزم للناس بهدى كتاب غير كتاب الله عز وجل قاطع طريق.

- والمتخذ إسوة غير رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو المبين، قاطع طريق.

- والمبعد للقرآن من التعليم والإعلام والحياة قاطع طريق.

- وغيرهم… وغيرهم… ممن يمنع وصول القرآن إلى الأمة، أو يمنع وصول الأمة إلى القرآن… كلهم قاطع طريق.

ولتعود المياه إلى مجاريها، يجب إعادة وصل الإنسان بالقرآن، وإحلال القرآن في الإنسان، ليستضيء بالقرآن كل الكيان وتظهر ثمرات القرآن في كل الأكوان.

ولن يعذر اليوم قادر قدرة ما، على وصل ما، أو إحلال ما، ألا يبذل أقصى ما يستطيع في الإسهام في إحياء الأمة بالقرآن. فلقد بلغ السيل الزُّبىَ، ووصل الحزام الطُّبْيَيْن. ولا كشف لغمّة الأمة إلا بالقرآن.

إن انشغال صفوة من الباحثين بتجديد فهم القرآن، هو انشغال بالذي إذا صلح صلح العمل كله، وإذا فسد فسد العمل كله، ألا وهو الفهم.

وخير تمهيد لفهم القرآن فهم مصطلحاته، وخير تمهيد لفهم مصطلحاته استيعاب الفهوم السابقة، ولا ينهض بذلك الاستيعاب على وجه محرر ميسر، غير المعجم التاريخي للمصطلحات القرآنية المعرفة، الذي هو تمهيد لما هو أهم منه، ألا وهو المعجم المفهومي لمصطلحات القرآن العظيم.

فهل سينهض بعد هذا النداء رجال لا تلهيهم مغانم ولا مغارم عن ذكر الله وإقام فهم القرآن؟.

وهل سينهض بعد هذا النداء رجال بأموالهم وأنفسهم للنهوض بهذا المشروع التاريخي المؤسِّس لتجديد الخلف على استيعاب جهود السلف؟

وهل ستنفر طائفة من رواحل الباحثين ليتفقهوا في الدين، وليفقهوا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يفقهون؟

اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. ولا حول ولا قوة إلا بك.

 


اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>

One thought on “الدورة التأهيلية الأولى للجامعة العالمية المفتوحة للدراسات المصطلحية

  • أسمهان الغليمي

    يا ليت قومنا سيدي الفاضل يعلمون ما وجب تقديمه في العلوم فهم حيارى تائهون .يقودهم من لا بصيرة له .أي نعم القرآن يتلى ويحفظ في كل المساجد لكن أين الفهم والتطبق أين التنزيل .مصطلحات القرآن تبدل والتبديل يتدوال من طرف من نحسبهم من العلماء واذا تم النكير عليهم استغربوا الأمر ورفضوه.فالأمر فعلا يحتاج الى رواحل أخلصت لله المسير في صحراء جرداء تحتاج الى سنين وسنين كي تزهر وتنبت لعله يكون في زمان غير زماننا وانتم سيدي تؤسسون لذلك فالله المعين وهو من وراء القصد.