إشراقة استحباب مدح الطعام والنهي عن ذمه


391 إشراقة استحباب مدح الطعام والنهي عن ذمه

ذ. عبد الحميد صدوق

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ((ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما قط، إن اشتهاه أكله، وإن كرهه تركه))(متفق عليه).

قال ابن بطال رحمه الله تعالى : “هذا من حسن الأدب مع الله تعالى، لأنه إذا عاب المرء ما كر هه من الطعام فقد رد على الله رزقه، وقد يكره بعض الناس من الطعام ما لا يكرهه غيرهم،

ونعم الله لا تعاب، وإنما يجب الشكر عليها، لأنه لا يجِبُ لنا عليه شيء منها، بل هو متفضل في إعطائه عادل في منه”(1).

 

وقيل : إن كان العيب من جهة الخلقة كره، وإن كان من جهة الصنعة لم يكره، لأن صنعة الله لا تعاب، وصنعة الآدميين تعاب.

قوله : ((إن اشتهاه أكله وإن كرهه)) أي إذا تقززت نفسه منه ولم يقبله بطبعه كما فعل في الضب “تركه” وما عاب أبدا.

واستحباب مدحه تطييبا لخاطر من تعب في إعداده وإحضاره، ولا يكسر قلبه بعيبه وذمه. وعن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل أهله الأُدُم فقالوا : ما عندنا إلا خل. فدعا به، فجعل يأكل ويقول : ((نعم الأُدُم الخلُّ نعم الأدم الخل))(رواه مسلم).

قال جابر رضي الله عنه : ((فما زلت أحب الخل مند سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا من حسن التأسي عند الصحابة إذ الخل طعام في منتهى التواضع، قال الخطابي رحمه الله تعالى : معناه مدح الإقلال في المأكل ومنع النفس عن ملاذّ الأطعمة، تقديره ائتدموا بالخل وما في معناه مما تخف مؤنته، ولا يعزّ وجوده.

وهذا فهم جيد لأن النبي صلى الله عليه وسلم عندما سأل أهله الإدام قالوا : ما عندما إلا خل، استصغروا شأنه، لكن النبي صلى الله عليه وسلم مدحه ودعا به.

قال أهل اللغة : الإدام بكسر الهمزة ما يؤتدم به يقال : أدم الخبز يأدمه بكسر الدال.

——

1- شرح ابن بطال 506/9.

 

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>