ملكة جمال المسلمات


 

عنوان مثير لقصاصة إخبارية نشرت وأذيعت هنا وهناك وبمختلف اللغات، مؤداها أن مسابقة نظمت في أندونيسيا لاختيار ملكة جمال المسلمات، شاركت فيها حوالي 500 شابة مسلمة، اختيرت منهن 20 شابة من عدد من الدول الإسلامية (إيران وماليزيا وبروناي ونيجيريا وبنغلاديش وإندونيسيا) للمشاركة في المرحلة النهائية ، وكان الفوز من نصيب فتاة من نيجيريا، تبلغ من العمر21سنة.

غير أن الجمال هنا لم يكن جمالا حسيا جسديا، ولكنه جمال معنوي روحي، إذ كانت مقاييس الجمال في هذه المسابقة الفريدة تبدأ بمعرفة بداية الالتزام بالحجاب ومدى التمسك به مظهراً وتطبيقا، ثم مدى الالتزام بتعاليم الإسلام وشرائعه، وخاصة ما يتعلق بشؤون المرأة، مع الخضوع في الأخير لمراقبة عملية مكثفة لعدة أيام كانت تبدأ بصلاة الفجر.

ولقد كانت طقوس الإعلان عن فوز”ملكة الجمال المسلمات” مشابهة لما يجري عند الآخرين، بما في ذلك بكاء الفتاة الفائزة حينما أُعلنت النتيحة، لكن مع فارق أساسي وهو حجاب الفتيات والنساء، منظِّمات وحاضرات، ثم إن الفائزة لَم تجمع بين البكاء والضحك، بل بين البكاء والسجود شكرا لله تعالى على هذا الفوز الذي حصلت عليه، معبرة في تصريح لها أن الحجاب ليس عائقا عن أي نشاط.

إن فكرة تنظيم مسابقة من هذا النوع رغم ما فيها من التقليد، لكنها فكرة طريفة ومهمة، فالمرأة ليست مادة فقط، ليست سلعة تباع وتشترى، ليست وسيلة للمتعة كما يريد لها أقوامنا وإن زعموا غير ذلك، بل هي قبل كل شيء سموٌّ روحي ومعنوي وقدوة تربوية ومربية للأجيال وصانعة المستقبل.

فلقد كرم الله تعالى الإنسان وفضله على كثير ممن خلق تفضيلا، وزاد المرأة تكريما بأن جعلها مطلوبة غير طالبة، مستورة غير مبتذلة. وهي في كل ذلك شقيقة لكل رجل في الأحكام. جعل الجنة تحت أقدامها أمًّا، وجعل الجنة لمن يحسن تربيتها بنتاً، وجعل مثل ذلك لمن يَبُرُّ بها أختاً، وأوصى بالإحسان إليها ومعاشرتها بالمعروف زوجةً، وربط كل ذلك بالتقوى ومراقبته تعالى وبالحذر من غضبه وعذابه. فلماذا لا تكرَّم المرأة العفيفة الطاهرة الطيبة المجتهدة في طاعة ربها، إكراما لها وتشجيعا على سلوك جادة الخير؟ وخاصة في زمن كثرت فيه المغريات والإثارات.

ليس هذا فقط بل ينبغي أن يلتفت إلى كل النساء اللواتي يتحدين القيود، وهن في طاعة الله تعالى، سواء أ كانت هذه القيود قيود تقاليد لا تفيد، أو قيود حداثة هدامة.

فكم من امرأة حفظت القرآن بعد جهل وأمية، وكم من امرأة أصبحت قارئة كاتبة بعد أمية مطبقة، وكم من سيدة أصبحت رائدة للإنتاج والإبداع، أو بارعة في الاقتصاد والتسيير، بعد احتقار وتهميش، وكم من سيدة ربت أبناءها وأحسنت تربيتهم حتى غدوا رجالا يصدقون ما يعاهدون الله عليه، وكم من سيدة حرة تجوع لكنها تأنـف أن تأكل بثدييها. وكم، وكم… من النساء المسلمات في العالم اللواتي يبذلن الغالي والنفيس من أجل صناعة جيل الغد على تقوى من الله ورضوان، دون أن يلتفت إليهن أحد.

ولذلك أقول إن ما أقدمت عليه هذه الجهة الإندونيسية من فعل يستحق التنويه والتشجيع، وإنه لمثال يمكن أن يحتذى من قبل المنظمات والهيئات الصادقة التي تعنى بشؤون المرأة والفتاة…

 

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>