الحرب الجنسية على الإسلام لن تفلح


أوراق شاهدة

بعيدا عن صخب الاحتفاء الغربي بزواج الشواذ من بعضهم البعض وفرقعة الإعلام الغربي المساند لهم في حربه على معارضي هذا الانفلات خاصة بالدول الإسلامية، تبدو صورة واقعهم الحقيقي مخيفة ومدعاة للقلق (لأنهم في جميع الأحوال أناس مثلنا  والمسلم مأمور بالرحمة للعالمين والحزن والشفقة على الضالين الذين افتقدوا بوصلة الرشد والتوازن). إذ خلصت  الدراسات الاجتماعية والطبية  في أبحاث كثيرة إلى أن المصابين بالشذوذ الجنسي أكثر عرضة للتعاطي لشرب الخمر والإسراف في تناوله مع ما يرافق إدمانهم من موجات عنف وعدوانية.  كما أنهم أكثر ميلا إلى الاكتئاب الحاد المصحوب بالنزوع إلى الانتحار..

وفي المقابل، وفي الجانب “المشرق” من الصورة،  تطالعنا القرارات الأخيرة لمنظمة الصحة العالمية التي سحبت تصنيفها القديم للشذوذ كمرض نفسي لتعتبره بعد إفلاح الضغوط الخفية، عملا وتصرفا عاديا لأناس أسوياء، ثم هناك الاعتراف المجلجل  لهيئة الأمم المتحدة  بالمثليين، والخروج المدوي على أكثر من صعيد للشواذ إلى العلن وتحقيقهم لتوسع غير مسبوق  في كل طبقات المجتمع إلى حد التصويت لصالحهم في عدة دول غربية والسماح لهم بعقد زيجاتهم الشاذة  رسميا وأمام الشهود والضيوف وعدسات الكاميرا وفي عقر الكنائس يا حسرة.

وقد تسنى لهم هذا الصعود اللافت إلى الواجهة لنجاحهم في اختراق دواليب القرار العليا حيث لم يعد معارضوهم يتجرؤون على انتقادهم إلا همسا، خوفا من التصنيف في خانة التخلف والتطرف. يقول أحد المفكرين الغربيين في هذا السياق  وهو الفيلسوف الفرنسي تيــبـوكولان  : (إن الناس لم يعودوا قادرين على التعبير على وجهات نظرهم بخصوص الشذوذ الجنسي لوجود لوبي يسعى إلى تكميم الأفواه ومنع التفكير في بعض القضايا واتخاذ بعض المواقف خاصة من لدن الكنيسة والأديان الكبرى والتلويح بتهمة التخلف في وجه المعارضين).

ويعمل هذا اللوبي الدولي في إطار سياسة عالمية خفية تسندها عقول شيطانية متمكنة لعولمة الفساد وجعله مرادفا للحق في الاختلاف وحقا من الحقوق الإنسانية المشروعة.

وفي الوقت الذي تتكثف فيه الحملات الإعلامية ضد حدث  أوقضية ما، تتعلق بالعالم الإسلامي كمسألة الختان على سبيل المثال لإبراز كل الأضرار الصحية، (حتى وإن لم تثبت) لضرب هذه الممارسة التي تأكدت إيجابيتها علميا، وذلك في اتجاه إلصاق تهمة العنف والوحشية بالمسلمين، فإن آخر الأبحاث  الطبية المتعلقة  بعواقب الشذوذ الجنسي الخطيرة كما أسلفنا في بداية حديثنا يتم صرف الأضواء عنها، وقليلون هم الذين يعرفون أن الشذوذ الجنسي يورث  أخطر أمراض السرطان والالتهابات الجلدية المستعصية حول منطقة الشرج  كالبثور والأورام الضخمة والتمزقات الأليمة والسيلان الغائطي المستمر كما أنه يقتل حاسة الميل الطبيعي نحو الجنس الآخر ويورث للشخص المدمن برودا مستديما في علاقته بالزوجة والعكس صحيح، كما أن آخر الأبحاث تشير إلى أن هناك فيروسا مقاوما لكل المضادات الحيوية يستوطن جسد الشواذ، إضافة إلى فقدان الجسم للمناعة واستحالته إلى مشتل للكثير من الأمراض الجنسية القاتلة.  ومن الوقائع الصادمة في السنوات الأخيرة نشر جمعية محاربة للأفلام الإباحية بالغرب لتقرير مفصل عن حياة رجال ونساء دخلوا عالم الجنس التجاري والشذوذ بكل أنواعه فانتهت حياتهم بشكل مأساوي قتلا أو انتحارا بعد أخذهم لجرعات زائدة من المخدرات  في إطار نوبات الاكتئاب المتأتية من تبخيس وتعذيب النفس التي تلازمهم.

وفي السياق ذاته  سمعنا في السنوات الأخيرة من الكتاب العلمانيين من يقول {بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير} إن تحريم الشذوذ لم يرد ذكره في القرآن الكريم، والله عز وجل نعت هذا الفعل المشين بالفاحشة  في قوله تعالى: {ولوطا إذ قال لقومه إنكم لتاتون الفاحشة ما سبقكم بها من احد من العالمين}(العنكبوت : 27)، ثم في آية أخرى من سورة الأعراف  حرم سبحانه بشكل قطعي كل ما يصنف في إطار الفاحشة في قوله تعالى  : {قل انما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن}(آية 33).. فهل هناك من توضيح أكبر من هاتين الآيتين في تحريم هذه الفاحشة التي تضيع الأنساب وتشتت الأسر وتقضي على مؤسسة الزواج وتبيد النسل وتشيع الأمراض الفتاكة وتنتج النفسيات الانتحارية؟؟؟؟؟.

ومع ذلك فإن الدعوات التي تصدر هنا وهناك والداعية لتطبيق شرع الله عز وجل في هذه الفئة الضالة تغفل عن سياقات تنزيل العقاب الرباني الذي طال قوم لوط حيث أن الداعية وهو نبي الله لوط عليه السلام توفرت فيه شروط العبودية لله عز وجل من إخلاص وصبر وتضحية والدعوة إلى الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر… فنصره على قومه وعجل بإبادتهم {وما ربك بظلام للعبيد}.

وبالتالي يتوجب على المتصدين لمهمة الأمر بالمعروف أن تتوفر فيهم صفات الأنبياء في تطهير الذات وتزكيتها قبل تطهير وتوجيه الآخرين.

ومن جهة أخرى فسياقات المرحلية في تنزيل أولي الأمر للعقاب الرباني  بما تقتضيه من تدرج في تطبيق الأحكام كما هو وارد في المنظومة الإسلامية، تدعو إلى التريث في تنزيل العقوبات الشرعية، خاصة ونحن نشهد أشرس هجمة وبأسلحة التكنولوجيا الأكثر تطورا لضرب مفهوم التطهر والاستعفاف على كل المستويات. ونسبة القصف اليومي للأخلاق من خلال وسائط الإعلام والاتصال  تضلل وتوقع في الفاحشة أشد الأنفس زهدا وورعا، ولا يكاد يمر يوم دون أن نسمع عن حوادث اغتصاب واعتداء جنسي ضد قاصرين  تتورط فيها جل فئات المجتمع.

لأجل ذلك يتعين على الدعاة الصادقين الحاملين لهم الإصلاح أن يضاعفوا جهودهم لملامسة كواليس هذه القضايا المسكوت عنها  بكل الحلم والمصابرة مع السعي للتواصل مع هذه الفئات المشوشة، وبسط بضاعة التزكية كما جاءت بها السيرة والسنة النبوية الشريفة تلك البضاعة التي تحمل البلسم في طياتها والشفاء من كل داء إلا السام، قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم : ((إن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء علمه من علمه وجهله من جهله)). هذا في حالة إذا ما سلمنا بأن الأمر في حالة الشذوذ يتعلق بأمراض نفسية وتكوين بيولوجي لا يد للمصاب فيه.  وحمل الدعاة لمشعل التنوير والتوجيه والتحسيس برحمة الله وواسع مغفرته لمن تاب وأصلح مع التنبيه إلى مخاطر الخطابات الإعلامية الموجهة لهدم القيم والأخلاق، وإطلاع المستهدفين من شباب المسلمين  على الأمراض الفتاكة التي تكمن خلف إنفاذ هذه الشهوات المريضة، وتبيان بشاعتها والآلام الجسدية التي تتربص بالمتعاطين للشذوذ، كل ذلك من شأنه أن يزيل هالة الترغيب والإثارة التي ترافق هذه الممارسات المشينة.

وعلى كل الغيورين من محبي الإصلاح والمحافظة على استقرار الأسرة المسلمة بل الأسر في العالم أجمع أن  يتفرغوا لمواجهة هذا الطوفان واستنقاذ الأرواح التائهة من خضم هذا السيل العارم ولا يحبطهم حجم هذه الهجمة الهستيرية على الإسلام ولا البلاءات التي تعترضهم في طريق الدعوة لأن سبيل الجنة محفوفة بالمكاره ولكنها تفضي في الأخير إلى الجنة والله حافظ دينه كما لن تفلح هذه المناوشات القزمية في النيل من قامة الإسلام العملاقة، والمستقبل للإسلام بمقتضى السنن الربانية، ويوشك سبحانه أن يكنس كل هذا الزبد إلى غير رجعة.

قال تعالى : {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الاعلون إن كنتم مومنين إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الايام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين}(آل عمران : 139- 140- 141).

 

 

 

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>