أية المرأتين أحق بالشكوى؟ وأيتهما أوفر حقوقا من الأخرى؟ المرأة المسلمة أم غيرها..؟


تتعرض المرأة المسلمة دون غيرها لغزو فكري علماني إلحادي يقوده خصوم الإسلام وأعداؤه وعملاؤهم بهدف تشكيكها في دينها وقيمها، وتشن حولها ومن أجلها حملات دعائية شرسة في محاولة لإقناعها بأنها ضحية دينها وشريعتها وتُقدمها على أنها مظلومة مهانة، وأنها مهضومة الحقوق، محرومة من كل ما تتمتع به المرأة غير المسلمة من احترام وحقوق وخاصة في قانون الأسرة وأحكامها، وتتغاضى تلك الجهات عمداً أو خوفا عما تعانيه المرأة غير المسلمة من مآسٍ وما تتعرض له من مشاكل وما تتحمله من حيف وظلم لحقوقها وحرمان من حقوق تتمتع بها المرأة المسلمة دونها، ولا تجرؤ تلك الجهات عن إثارتها والدفاع عنها والمطالبة بإنصافها بنفس الحماس والغيرة التي تبديها في التعامل مع قضايا المرأة المسلمة، وأمام هذا الإصرار على التعامل مع قضايا المرأة بمكيالين والنظر إليها بمنظارين، والإصرار على استغلال قضايا المرأة المسلمة للتشويش على الإسلام وتحريضها على التمرد على دينها والتنكر لشريعتها والمطالبة بتعديلها أو تعطيلها. أقول أمام هذا كله لا يسعنا إلا أن نفتح ملف حقوق المرأة عندنا وعند غيرنا والمقارنة بينهما للأسباب التالية :

1- ليعلم الجميع أية المرأتين أحق بالشكوى والنصرة؟ وأيتهما أبخس أو أوفر حقوقا من الأخرى المرأة المسلمة أم غيرها؟

2- ليعلم الجميع أن الإسلام المتهم ظلما وزورا بالإساءة إلى المرأة هو أحرص الديانات كلها على حقوق المرأة وأكثرها توسعا فيها وتوفيرا لها.

3- لتعلم المرأة المسلمة المغرر بها عمق الهاوية التي سقطت فيها وفداحة الجرم الذي ترتكبه في حق دينها ومدى استغلال خصوم الاسلام لقضيتها، وتعود إلى رشدها وتكف  عن الصياح والعويل على ضياع حقوقها وتستغيث بملاحدة الشرق والغرب لاسترجاعها حسب زعمها.

 4- ليرى الجميع أيضا العجب العجاب المسكوت عنه الذي تعانيه المرأة غير المسلمة في مجال حقوق المرأة.

وأول هذه العجائب التي تكشفها هذه المقارنة هي ما تفاجئنا به الوضعية المالية للزوجة اليهودية بالمقارنة بالوضعية المالية للزوجة المسلمة المتمثلة في المفاجآت الثلاث التالية :

أولا : في باب حق الزوجة في التصرف في مالها:

1- أن الزوجة اليهودية كل ما يهدى لها في عرسها وكل ما تكسبه من عمل بعد زواجها هو ملك لزوجها دونها. يصدق عليها المثل القائل : “العبد وما كسب لسيده”. بينما الزوجة المسلمة تملك كل ما يهدى لها وكل ما تكسبه من عملها هو ملك لها دون أن يكون للزوج فيه أدنى حق إلا ما تطوعت به له عن طيب خاطر.

وهو حق ضمنه لها الإسلام نص عليه في الكتاب والسنة في آيات وأحاديث كثيرة، في قوله تعالى : {للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن}(النساء : 32) وقوله : {ولا تكسب كل نفس إلا عليها}(الأنعام : 166)، وقوله صلى الله عليه وسلم : ((لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس))، وقوله : ((كل أحد أحق بماله من ولده ووالده والناس أجمعين)).

 2- أن ما تاتي به المرأة اليهودية من أموال اكتسبتها قبل الزواج توضع رهن ذمة الزوجية.

بينما الزوجة المسلمة تملك كل أموالها وتتمتع بذمة مستقلة عن ذمة الزوج، والإسلام لا يعرف ما يسمى بذمة الزوجية.

3- أن حق التصرف في مال الزوجة اليهودية هو للزوج وحده دون سواه. بينما الزوجة المسلمة لها وحدها دون زوجها الحق في التصرف في أموالها ولا اعتراض للزوج عليها فيما تفعله في أموالها. ولها الحق في توكيل من تشاء على ذلك ولا حق للزوج في التصرف في أموال زوجته إلا بإذنها وتوكيلها.

ونرى من المفيد نقل نص إلي مالكا المتخصص في قوانين الاسرائليين حيث يقول بالحرف : إن كل ما أتت به المرأة من المال يكون رهن ذمة الزوجية. وكل ما تجمعه وتكسبه من عمل وكل ما يهدى إليها في عرسها يكون مِلكا لزوجها بتصرف فيه كما يريد بدون معارض.

وللزوج دون سواه حق إدارة أموال الزوجة لما له من حق الانتفاع بها(1).

ثانيا : في باب المواريث التي هي محل التشهير بالإسلام نسجل للمرأة المسلمة على غير المسلمة النقط التالية :

1- الأم المسلمة من الورثة الأساسيين لا يحجبها عن ميراثها أحد وإرثها مضمون بنص القرآن ولا ينقص عن سدس التركة أو الثلث كما قال تعالى : {ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس من بعد وصية يوصي بها أو دين}(النساء : 11).

أما  الأم اليهودية فلا ترث شيئا في أولادها وليست معدودة في لائحة الورثة من قريب ولا بعيد(2).

2- البنت المسلمة ميراثها مضمون بنص القرآن الكريم لا يحجبها حاجب ولا يمنعها زواجها من إرثها المنصوص عليه في قوله تعالى : {يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك}(النساء : 11).

أما البنت اليهودية فلا ميراث لها أصلا إذا تزوجت في حياة أبيها. وإذا أرادت الميراث فعليها أن تضحي بشبابها وتعيش عنوستها وكهولتها في انتظار وفاة أبيها لتأخذ ميراثها.

3- الأخت المسلمة ترث في أخيها الميت مع وجود أخ له حي للذكر مثل حظ الانثيين بنص القرآن في قوله تعالى : {وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الانثيين}(النساء : 175).

أما الأخت اليهودية فلا ترث مع أخيها شيئا ويحجبها عن الميراث.

4- والأخت المسلمة أيضا ترث مع أبناء الأخ الميت وتقدم عليهم وما بقي عنها يأخذونه إن بقي شيء من التركة.

أما الأخت اليهودية فلا ترث مع أبناء الأخ ويحجبونها عن الميراث(4).

5- الزوجة المسلمة ميراثها في زوجها مضمون بنص القرآن أيضا متردد بين الربع والنصف كما قال تعالى : {ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين}(النساء : 11).

بينما الزوجة اليهودية  لا حق لها في الميراث في زوجها وإنما لها الحق في أخذ صداقها بمقتضى النصوص الدينية الموسوية(5).

وآخر ما توصل إليه الحاخامات اليهود تحريف التوراة لإنصافها وقسم ما تملكه هي وما يملكه هو وإعطاؤه مثل ما ينوب أحد الورثة ولا ينقص عن الخمس فإذا لم يكن معها إلا وارث واحد تأخذ النصف وإن كان معها أربعة تأخذ الخمس يقول ألي مالكا : “وقد رأى رجال القانون الإسرائيلي أن في القانون الموسوي صلابة وشدة وفي النظام الثاني تجاوزا للحدود الشرعية فعقدوا اجتماعا استقر رأيهم على حل وسط لخصه في أنه إذا توفي الرجل قبل زوجته فتتم القسمة فيما يملكه الزوجان على الكيفية الآتية :  يكون للمرأة حظ يعادل الحظ الذي ينوب أحد ورثة الهالك(6).

وفي الحقيقة أنه حتى في هذه القسمة تبقى الزوجة غير وارثة ما دامت القسمة فيما يملكانه معا بل قد تخسر بعض مالها في بعض الحالات.

فلو فرض أن ثروتهما تساوي مائة مليون ومعها وارث واحد فإنها عندما تأخذ النصف بمقتضى القسمة فإنما أخذت مالها فقط. وفي حالة ما إذا كان معها  أربعة فإنما تأخذ عشرين مليونا نتيجة القسمة بينما تملك خمسين مليونا بمقتضى اشتراكها في المال المقسوم.

وهكذا يتبين أن المرأة المسلمة أما وزوجة وبنتا وأختا أحسن حالا من نظيرتها اليهودية وأوفر حظا وأكثر إرثا منها فلماذا تحترم اليهودية نظامها ولا تشتكي من ظلمها؟ ولماذا تملأ المرأة المسلمة الدنيا صياحا وتذمرا وشكاوي من نظامها في الإرث وتستغيث وتستنجد بشياطين الجن والإنس وتصر على المطالبة بتحريفه وتغييره؟

ثالثا : في موضوع الزواج  نسجل ما يلي:

1- أن الأرملة المسلمة تتمتع بحرية كاملة في الزواج وعدمه وفي اختيار الزوج الذي تتزوج به لا اعتراض على اختيارها ولا إكراه عليها. وهذه الحرية ضمنها لها الإسلام بنص القرآن في قوله تعالى : {يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها}(النساء : 19) وعلى لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : الثيب أحق بنفسها(7).

بينما نجد الأرملة اليهودية  مجبرة على الزواج بأخي زوجها الميت بالرغم من أنفها، وفي حال امتناعها ورفضها الزواج به لا يجوز لها التزوج بغيره طول حياتها وتعتبر عاصية متمردة على دينها. يقول السيد ألي مالكا : إذا أبت الأرملة من غير سبب شرعي أن تقوم بهذا الواجب -الزواج بأخي زوجها الميت- فتصير “موريديت” بمعنى عاصية ولا يجوز لها في هذه الحالة الزواج مرة أخرى. وبحكم عليها بتوجه اليمين ضمانة للورثة بأنها لم تأخذ شيئا من أموال زوجها المتوفى. وجاء في حكم بحكمة إسرائيلية ما نصه :  “أن زوجة الهالك يتحتم عليها الزواج بأخي زوجها وإلا فتصير “موريديت” بمعنى عاصية ولا يحل لها أن تتزوج مرة أخرى”(8).

2- أن الزوجة المسلمة لا يحرمها على  زوجها زناها ولا الزنا بمحارمها بنص الحديث النبوي الشريف : ((لا يحرم الحرام الحلال)) وتطبيقا لهذا المبدأ قال فقهاؤنا فيمن تزوج بكرا فزنت قبل الدخول بها وافتضت بكارتها : “الزوج بالخياران شاء طلق وأعطاها نصف الصداق، وإن شاء أمسكها زوجة له بعد إقامة الحد عليها”.

بينما الزوجة اليهودية تحرم على زوجها إذا زنت أو كلمت من نهاها عن تكليمه ولا تستحق شيئا من حقوقها. يقول ألي مالكا : إذا ثبت شرعا زنا المرأة حرمت على زوجها وأمر بطلاقها بدون أن يؤدى لها حقوقها(9).

3- أن المسلمة الحائض يجوز لزوجها الاستمتاع بها بما فوق الإزار بينما الزوجة اليهودية إذا حاضت أخرجت من البيت ولم يجامعوها فيه استقداراً لها روى أبو داود عن أنس أن اليهود كانت إذا حاضت منهم امرأة أخرجوها من البيت ولم يؤاكلوها ولم يشاربوها ولم يجامعوها في البيت. فسُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأنزل الله سبحانه : {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((جامعوهن في البيوت واصنعوا كل شيء إلا النكاح..))(10).

رابعا : في موضوع الطلاق  يسجل للزوجة المسلمة على غيرها النقط التالية :

1- أن الطلاق في الإسلام لا يعني الحرمة المؤبدة بين الزوجين ولا الحرمان من الزواج بعده ولا استحالة الجمع بين المرأة ومطلقها في ظلال زوجية جديدة وحتى في الطلاق الثلاث يبقى الأمل قائما والباب مفتوحا في وجه الزوجين إذا تزوجت غيره وطلقها أو مات عنها كما قال تعالى : {فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا  إن ظنا أن يقيما حدود الله}(البقرة : 228).

أما المرأة النصرانية إذا طلقت فلا يبقى لها أمل في الزواج طول حياتها وليس أمامها إلا أن تختار أن تعيش عيشة الراهبات محرومة مما تستمتع به الزوجات من حقوق الزوجية والمعاشرة أو تعيش عيشة الخليلات والمتخذات أخدان كل يوم خدن تسافحه ويسافحها، والمرأة اليهودية لا أمل لها في مراجعة زوجها والعودة إلى بيتها والعيش مع أبنائها ويحرم على  زوجها مراجعتها إذا تزوجت رجلا آخر بعده أو كانت عقيما أو سيئة السيرة(11).

2- المرأة المسلمة تسترجع حريتها بمجرد نطق الزوج بطلاقها ولا يحل له فيما بينه وبين الله إمساكها ومعاشرتها.

بينما الزوجة اليهودية لا يعتد بطلاقها ولا تتخلص من سلطة الزوج إلا إذا كان الطلاق بحضورها وحضور شاهدين وحكم المحكمة بذلك(12).

3- المرأة المسلمة من حقها أن تتزوج بمجرد انقضاء عدتها متى شاءت بينما المرأة اليهودية لا يمكنها الزواج إلا بعد تسلم رسم الطلاق -الكيطـ- من يد الزوج شخصيا عن رضا وطواعية. ولا توجد سلطة ترغمه على تسليمه لها(13) وبذلك يستطيع منعها من الزواج ويفرض عليها أن تعيش كالمعلقة لا هي زوجة ولا هي مطلقة ترجو الزواج برجل آخر.

4- أن المطلقة المسلمة تتمتع بحقوقها كاملة بما في ذلك حقها في السكنى والصداق المؤخر والمتعة مهما كانت أسباب الطلاق بين المرأة اليهودية تسقط حقوقها بطلاقها في بعض الحالات (حالة الزنا)(14).

5- الأم المسلمة أحق بحضانة أطفالها حتى تتزوج البنت ويبلغ الابن ما لم تتزوج كما قال صلى الله عليه وسلم : ((أنت أحق به ما لم تنكحي))(15)، بينما الأم اليهودية لا حق لها في حضانة أطفالها إذا بلغو السنة من عمرهم ويحق للأب نزعهم منها(16).

——

1- مجلة القضاء والقانون المغربية ص 184.

2- انظر مقال ألي مالكا في مجلة القضاء والقانون المغربي ص 193.

3- نفسه.

4- نفسه.

5- انظر ما كتبه ألي مالكا في مجلة القضاء والقانون ص 194

6- نفس المرجع  194.

7- متفق عليه.

8- مجلة القضاء  والقانون ص 191.

9- نفس المرجع : ص 186.

10- سنن  أبي داود 250/2.

11- عن مقال للسيد ألي مالكا مجلة القضاء والقانون ص 189.

12- نفس المرجع ص 187.

13- نفس المرجع ص 187.

14- نفس المرجع ص 186.

15- رواه أبو داود 283/2.

16- عن مقال السيد مالكا ص 189.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>