تهدف هذه الدراسة جذب انتباه المهتمين بالدعوة المعاصرة، إلى أهمية اعتماد السيرة النبوية مصدرا في تأصيل مبادئ الدعوة وتطوير وسائلها؛ بما يناسب احتياجات المعاصرة، وتهدف أيضا إلى تشجيع المتخصصين في علم الدعوة، أن يتبنوا دراسات متعمقة في السيرة النبوية، تربط بين حاضر الدعوة وماضيها العتيق ، كما تعمل على استشراف مستقبلها المنشود. ومن أهم نتائج هذه الدراسة :
أولا: تميز العصر الحاضر بجملة كبيرة من الكتابات حول السيرة النبوية، تنوعت ملامحها من ناحية: الموضوع والفكر، وطريقة العرض. مما جعل موضوع السيرة النبوية من أكثر الموضوعات انتشارا وبيانا، في محيط المسلمين وغير المسلمين.
ثانيا: لا يخفى على المتتبع لأحوال الدعوة المعاصرة أثر المنهجيات الدعوية الحديثة – السابق ذكرها- والتي أسهمت كتابات السيرة المعاصرة في إنضاجها وتفعيلها، وذلك على مستوى جميع عناصر الدعوة، بدءا بالدعوة ومرورا بالداعية وانتهاء بالمدعو، وهذا هو شأن المنهج فيما يرسمه من خطط عامة وأُطر أساسية يُرى أثرها، وتعم الفائدة منها في المحيط العام.
ثالثا: أعانت كتابات السيرة المعاصرة في جعل مفهوم الإعداد والتربية والتأهيل مرتبطا بالدعوة والدعاة نظريا وتطبيقا. وكان من أثر ذلك أن أصبح الداعية المتميز هو الأكثر إعدادا وتعهدا لنفسه في المجال الروحاني والعلمي، وأصبح من الضروري لتأثير الداعية في مدعويه أن يكون أول المتأثرين بما يدعو إليه، وذلك ليحقق أهم وظائف الدعوة في تربية الأفراد والمجتمعات على المنهج الإسلامي الأصيل.
رابعا: لما اعتمدت الدعوة المعاصرة التربية والاستيعاب كمنهجية حديثة، كان من اللازم أن يساير ذلك تطويرات في الوسائل والأساليب وابتكارات على مستوى الأداء الدعوي العام. وهذا في الحقيقة ملموس في عدة قطاعات من الدعوة، التي انتقلت من المساجد إلى الفضائيات وشبكات التواصل الكتروني، ومن الاكتفاء بالإرشادات والمواعظ إلى التعامل مع الخبرات والمواقف.
خامسا: إن اهتمام الدعوة المعاصرة بقضية الشمول وتبنيها، في الواقع يؤهل الدعوة للقيام بعملية إصلاحية تنموية واسعة، يتولى زمامها الدعاة المعاصرون، مما يساعد على توسيع دائرة المدعوين، وتحقيق معنى البلاغ بالأفعال.
سادسا: لاشك أن قيام الدعوة الحديثة على المنهجيات السابق ذكرها، سيحجم دائرة المناهضين للدعوة من أعداء الداخل والخارج، وهذه هي طبيعة الحركة الدعوية التي تهتم بالعمل والانتاج، وتفضل الانفتاح على الانغلاق والانعزال، وتعتمد الرحمة والسلام شعارا وواقعا.
د. بسيوني نحيلة
أستاذ الدعوة والإعلام المساعد بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر.