كلمة السيد رئيس المجلس الجماعي لـمدينة فاس ألقاها بالنيابة السيد محمد ملوكي


بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على المصطفى الأمين الذي خطا بالإنسانية أقوم طريق وسنَّ لها أحسن السنن، وأهداها مما يحقق السلامة والنجاة في الدنيا والآخرة وعلى آله وصحبه والتابعين ومن سار على نهجه وسنته. السادة العلماء الأجلاء نجوم الهداية والصلاح في وقت أصبحت البشرية في أمس الحاجة إلى أنواركم الربانية لتنعتق من مصائر الغواية والضلالة، السادة الأساتذة الباحثين الموحدين عن كنوز العلم من مصادره، العاملين على إثراء الساحة الفكرية والثقافية والعلمية لما تُحقّقون من معارف وتجعلونها رهن إشارة الراغبين والمتشوقين من جديد من علوم دراساتكم. ضيوف فاس الأعزاء ممن حلوا بمدينتهم الغراء حيث نسائم المصطفى صلى الله عليه وسلم تعبق من أزقتها وشوارعها ومساجدها ومناراتها وإبداع رجالها وتضحيات مجاهديها وعلوم شيوخها وعلمائها، حيث ينهل كل من حلّ بها من رحيق رياضها ويتجاوب مع دعاء بانيها ومؤسسها المولى إدريس بن إدريس سليل الدوحة النبوية، ويتلمس تطورها وتنميتها الشاملة التي تأخذ من رعاية علم الدوحة الشريفة الوارفة جلالة الملك محمد السادس كل اهتمام وعناية، السادة الأفاضل : سعيد بمثولي أمامكم نيابة عن الأستاذ حميد شباط عمدة مدينة فاس الذي يعبر لكم عن سعادته الغامرة باختياركم لمدينة فاس كمحطة أولى للمؤتمر العالمي الأول للباحثين في السيرة النبوية والذي يروم من خلال جلساته ومناقشات محاور موضوعاته المتميزة إبراز خلاصة جهود الأمة في مختلف مجالات خدمة السيرة النبوية وتأسيس أرضية للانطلاق إلى مختلف آفاق الخدمة في المستقبل مع إتاحة الفرصة للباحثين في المجال لكي يتعارفوا ويتفاهموا ويتكاملوا. الإخوة والأخوات، إن الأمة الإسلامية اليوم في أمس الحاجة إلى العودة إلى ينبوعها الصافي ومحجتها البيضاء التي لا يزيغ عنها إلا هالك، فما نلاحظه من تشرذم وتكالب الآخر عليها وعلى مقدساتها وقيمها ما هو إلا نتيجة لواقعنا وتهافتنا على قيم وسنن لا تعدو إلا أن تكون أداة وسلاحاً في يد الغير الآخر المتربص بديننا منذ بعثة رسولنا الأمين الصادق صلى الله عليه وسلم هذا المتربّص المتلوّن عبر العصور والأحقاب إلى يومنا هذا المتخذ من التكنولوجيا وسائله وأسلحته في اختراق قيمنا ومقدساتها، ولعل الظواهر الاجتماعية الغريبة عنا خير دليل على ذلك، ولذلك صار من الواجب والضروري إن كنا نفكر في إعادة بناء ذاتنا الإسلامية التي شغلت العالم بشكلها وعلمها يوم كان الآخر يرزخ في ظلمات الجهل إذا كنا نسأل عن أسلوبنا وعودتنا الحضارية فينبغي أن نتخلص من امتداد المفاهيم والأفكار الغربية في داخلنا والمبرمجة على أساس تخريب جذور الروح والمعنى فينا ولعل دراسة سيرة نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم لاعتبارها منهجاً قويماً لحياتنا يجعلنا نحمي أنفسنا ومستقبلنا، وإن الجهود المبذولة من طرف العلماء والباحثين تجعل بين يدي الإنسان صورة للمثل الأعلى في كل شأن من شؤون الحياة الفاضلة يتمسك به ويحذو حذوه وقد جعل الله تعالى الرسول محمدا صلى الله عليه وسلم قدوة للإنسانية كلها حيث قال {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ}، كما تساهم دراسة السيرة النبوية في فهم كتاب الله وتذوق روحه ومقاصده، وهي كذلك صورة ساطعة ومجسّدة لمجموع مبادئ الإسلام وأحكامه تمنح دارسها قدراً من الثقافة والمعرفة في مختلف مجالات العقيدة والأحكام والأخلاق كما أنها نموذج حيّ لطرق التربية والتكوين، كما أن استلهام قيم السيرة النبوية والعمل بها يعتبر أفتك سلاح وأقوم سبيل يُمكننا أن نردّ به على أعداء الأمة ممن اتخذوا سبيل الإساءة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم منهجاً وسلوكاً موظفين في ذلك كل ما أتاحه التطور العلمي والتكنولوجي حيث أصبحت المواقع الإلكترونية وغيرها حقلاً خصباً لهؤلاء المغفلين الذين خسروا دنياهم وآخرتهم بهذه الإساءة. إن تشبث أمتنا الإسلامية بكل مقوّماتها من العقيدة إلى الشريعة إلى منظومة القيم والأخلاق والتي يمثلها القرآن والسنة باعتبارهما منهاجاً شاهداً وكاملا للدنيا والآخرة، للدين والدولة، للفرد والجماعة، للذات والآخر، {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} إن ذلك يجعلنا مرة أخرى نسود العالم ونحقق الخلافة في الأرض. السادة الأكارم، أحييكم بتحية الإسلام، تحية أهل السماء والأرض تحيتهم فيها سلام، وأتمنى لأشغال مؤتمركم كل التوفيق. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>