كلمة أ.د. الشاهد البوشيخي الأمين العام لمؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)


بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على من أرسل رحمة للعالمين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا اللهم افتح لنا أبواب الرحمة وأنطقنا بالحكمة واجعلنا من الراشدين فضلا منك ونعمة الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
أيها الجمع الكريم : ضيوفا محبوبين مكْرمين، ومُضيِّفين محبّين خادمين، وشهودا راغبين ظامئين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ونعم الجمع جمعكم، ونعم السعي سعيكم، ونعمت المائدة مائدتكم : مائدة سيرة البشير النذير والسراج المنير، سيرة سيد ولد آدم، ومن به وبما أنزل عليه أُكملت النعمة وتمت على بني آدم، سيرة أكمل البشر، وخير خير البشر، سيرة الهدى والنور وهو يُحَل ويَحُل في كيان بشر، لتُصْنع به أمة هي خير أمة أخرجت لهداية البشر. سيرة النموذج الأكمل والمنهاج الأمثل لإخراج الناس من الظلمات إلى النور في كل عصر. أتباعَ الرحمة المهداة : {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمومنين رءوف رحيم. فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم}(التوبة : 129- 130). من رحمة الله تعالى التي وسعت كل شيء كانت رحمته صلى الله عليه وسلم للعالمين، وكان تخريجه لجيل الرحماء القرآني الفريد، وكان نشرُ أصحابه والذين اتبعوهم بإحسان للرحمة والنور في أنحاء الأرض، وكان تدوين الأمة، حسب ظرفها، لسيرة الرحمة فيه : الرحمة في مغازيه، والرحمة في سننه، والرحمة في شمائله، والرحمة في خصائصه ودلائل نبوته وغير ذلك. وها هي الأمة اليوم يلجئها الظرف إلجاءً إلى أن تبحث عن السيرة المنهاج، لتنعم، إذا علمت وعملت، بالرحمة المنهاج.
أتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله : محمد رسول الله. هذا التعريف الرباني لمحمد صلى الله عليه وسلم في كتاب الله : {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا. محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الانجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما}(الفتح : 28- 29). محمد رسول الله، ورسوليته تتجلى في سيرته منذ بعثته إلى أن اختاره الله تعالى إليه؛ فتضمنت القرآن كله وهو يتنزل منجما، وتضمنت ما صدر منه من قول أو عمل أو إقرار في كل اتجاه؛ ذاتا وخليطا ومحيطا، قريبا وبعيدا، مؤالفا ومخالفا… أي تضمنت الظرف كله بزمانه و مكانه وإنسانه، وكل ما فيه مربوط بإنسانه ومكانه وزمانه. فهل تملك الأمة هذه السيرة اليوم؟ وهل تستطيع أن تستخلص الرحمة المنهاج قبل أن تعيد تركيب السيرة المنهاج؟ وهل يحق وعد الله تعالى في الظهور الشامل لهذا الدين قبل ظهور الأشداء الرحماء الذين صُنِعوا على الرحمة المنهاج، فكان مثلهم الفردي في التوراة {ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة} وكان مثلهم الجماعي في الإنجيل مصنوعا على مراحل {كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار} الأمة تصير أرض الإسلام {كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما}.
ألا متى تصير أرض الإسلام {كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار}. أيها الباحثون في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله : فيكم الأمل، وعليكم بعد الله المعول، أن تعيدوا تركيب السيرة المنهاج، بعد توثيق ما حقه التوثيق، وتحقيق ما حقه التحقيق، وجمع ما حقه الجمع، وغربلة ما حقه الغربلة، وتصنيف ما حقه التصنيف، وتأليف ما حقه التأليف… وأنتم على ذلك بعون الله قادرون، وفي العلمية والمنهجية والتكاملية على مستوى الأمة ما أنتم إليه محتاجون. فهل أنتم للعقبة مقتحمون؟ وللنداء مستجيبون؟ اللهم اجعلنا جميعا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>