في جمالية التعبد : فلسفة الصيام والقيام


سئل أحد خبراء “علم التربية” : مابال الأطفال يركزون في اللعب ويعيشون معه بكل جوارحهم، ولا يفعلون نفس الشيء وهم يراجعون دروسهم المدرسية؟؟… فكان الجواب كالتالي : إن اللعب يخلق لدى الطفل الشعور بالمتعة، واستشعار اللذة بينما المذاكرة تشعره بنوع من الحصار وتكبيل حركيته، وحتى يستأنس بالمذاكرة والدراسة لابد من إضفاء جو المتعة واللذة على نوعية الدروس المقدمة إليه… النفس البشرية أشبه بالطفل الصغير، فهي تميل إلى البحث عن المتعة في كل شيء من مباهج الحياة إلى مباهج الروح، ولهذا السبب بالذات لم يقتصر توجيه الدعاة والعلماء على تعليم الناس أمور دينهم بل تجاوزوه إلى المقاصد المتوخاه من وراء العبادات، إذا لم نستشعر لذة القيام بين يدي الله تعالى، ونحس بقربه منا، يسمع نجوانا ونبث إليه شكوانا، وإذا غاب عنا أن الله عز وجل يسعد بحمدنا له وتمجيدنا لعظمته، وأنه سبحانه وتعالى يرد على عبده حين يتلو قوله عز وجل : الحمد لله رب العالمين، فيقول عز من قائل حمدني عبدي، وحين تميت فينا البلادة حلاوة العبادة حتى ننسى أننا إذا ذكرناه سبحانه في ملأ ذكرنا بأسمائنا في ملأ خير منه، حين تغيب كل هذه الأشياء عن أذهاننا القاصرة نفتقد لذة القرب من الله تعالى، ونفتقد روح الصلاة التي تتحول لدينا مجرد حركات وهمهمات… نترك طعامنا وشرابنا ولذة الفراش، فمنا من تغمره السعادة في رمضان فيتمنى أن تطول محطته حتى يغترف من فيضه الرباني، ويحس لذة الانتصار على شهوتي البطن والفرج ويحاكي الملائكة في طهرها، ومنا من لا نصيب له من هذه اللذة سوى الجوع والعطش ووجع الرأس… تلك هي الصلاة كنهر ببابنا نغتسل منه خمس مرات في اليوم حتى لا يبقى من درننا شيء، وذاك هو الصيام الذي يطرد من أجسادنا المترهلة الأسقام والآثام، فيا لروعة العبادة، ويالجمال القرب من الله تعالى.

ذ. أحمد الأشـهـب

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>