مجرد رأي - عبث الإضراب وإضراب العبث


… لا يجادل اثنان في مشروعية الإضراب، فهو حق مشروع تكفله جميع التشريعات والقوانين الديمقراطية. يمارسه العمال والمأجورون للدفاع عن حقوقهم كلما أحسوا أنها تنتهك. يمارسون هذا الحق في جو من المسؤولية والانضباط ومراعاة لحقوق الآخرين.. ولكن بعد أداء الواجبات، فلا يستقيم -لا عقلا ولا نقلا- أن نطالب بالحقوق في الوقت الذي نخل فيه بالواجبات، وإلا أصبح الأمر ضربا من العبث والفوضى وتحول الإضراب إلى وسيلة للابتذال والتنصل من القيام بالواجب وخدمة المواطنين، وهذا حرام شرعا، وهذر للمال العام قانونا وتمييعا لقيم الكد والعمل والاجتهاد أخلاقيا. وبلطجة منظمة في نهاية المطاف.

والذي يتولى كبر هذه الأمور أناس امتهنوا الكسل والانتهازية سلوكا وصيد الفرس والسياحة في المياه العكرة أسلوب حياة، وكل مواهب هؤلاء وضع العصي في عجلات كل شرفاء هذه الأمة. الذين يريدون أن يشتغلوا بجد ونكران ذات من أجل وقف نزيف المحسوبة والزبونية و (باك صاحبي) واستغلال النفوذ وهلم فساد وإفساد…

مناسبة هذا الكلام ما أصبحنا نلاحظه جميعا من ازدياد موجة الإضرابات والاحتجاجات في العديد من القطاعات الخدماتية المهمة مما يعطل فعلا العديد من مصالح المواطنين ويفوت عليهم فرصا مهمة. فبالله عليكم، ما ذنب شاب يُحرم من اجتياز مبارة أو الالتحاق بوظيفة طيلة حياته ينتظرها لا لشيء إلا أن الإخوة في الجماعات البلدية في إضراب طويل ولا يُشَرِّفون مكاتبهم إلا لـمما.

ما ذنب شاب يريد أن يكمل نصف دينه، فيضيعونه في نصفه الثاني، ولا يجد من يمده بالوثائق الضرورية لإتمام عقد القران. أم تُرى أن عليه الانتظار حتى يُنهي الإخوة الأفاضل إضرابهم ليتحصن ويهنأ بعروسه بدل (المرمطة) في المطاعم والمقاهي وتحرشات الصبايا في الطرقات.

ثم، ما ذنب مهاجر يأتي من بلاد الغربة لاستخراج وثائق ثبوتية من أجل تجديد جواز سفره أو تعبئة ملف التعويض العائلي أو أشياء أخرى. فيقضي عطلته في (سير واجي) من وإلى الدوائر البلدية، حتى إذا جاء موعد الرجوع عاد من حيث أتى وهو يلعن الدوائر وموظفي الدوائر والقايد والمقدمين والناس أجمعين.

وأخيرا، ما ذنب امرأة ينقلها أبناؤها إلى أحد المستشفيات الكبيرة يا حسرة ب(….) فلم يجدوا من يقدم لها الإسعافات لأن الإخوة الأطباء والممرضين (كان الله في عونهم) في إضراب. فيعود الأبناء إلى والدتهم بعد أن أعياهم البحث ليجدوا أن روحها قد فاضت إلى بارئها…

ألم يكن هؤلاء الأطباء هم السبب بعد الله في موتها ألم يقتلوها عن سبق إصرار وترصد؟ ويوم القيامة سوف يسألهم الله عنها (بأي ذنب قُتلت) فيقال لهم قبل أن يجدوا جوابا (ولات حين مناص).

صدق الله العظيم. أجارنا الله وإياكم من المفسدين.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 

ذ. عبد القادر لوكيلي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>