فاس تحتضن الـملتقى الوطني الثالث للغة العربية في موضوع : “اللغة العربية والواقع الاجتماعي بالمغرب الامتداد والتفاعل”


تخليدا لليوم العالمي للغة العربية الذي يصادف كل سنة فاتح مارس نظمت الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية فرع فاس بتعاون مع جامعة سيدي محمد بن عبد الله وكلية الآداب والعلوم والإنسانية سايس، والمجلس العلمي المحلي، والمجلس الجماعي لمدينة فاس، الملتقى الوطني الثالث للغة العربية في موضوع: “اللغة العربية والواقع الاجتماعي بالمغرب الامتداد والتفاعل”. يومي 7-8 ربيع الثاني 1433 الموافق ل 29 فبراير وفاتح مارس 2012 م.
وقد ترأس رئيس جامعة سيدي محمد بن عبد الله الدكتور السرغيني فارسي الجلسة الافتتاحية التي تليت فيها آيات بينات من الذكر الحكيم أولا ثم أعقبتها كلمة ترحيبية لرئيس جامعة سيدي محمد بن عبد الله، ثم كلمة السيد محمد غرابي والي صاحب الجلالة على ولاية فاس بولمان ، وكلمة السيد “المهدي بن المكي” نيابة عن رئيس المجلس الجماعي لمدينة فاس فأكد ضرورة العودة للغة العربية وأن هذه اللغة لا خوف عليها لأن الله قيض لها أبناء يحمونها.
ثم بين الأستاذ “عبد الحي عمور” رئيس المجلس العلمي المحلي لفاس في كلمته الدور الكبير للغة العربية في حياة الإنسان، لغة الوحي والحضارة والتي عمل الاستعمار على إضعافها وتحجيمها. أما الدكتور “موسى الشامي” رئيس الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية فأكد من جهته أن اللغة العربية عاشت شامخة في جميع علوم المعرفة، وأنكر على من نعتوها بالقصور، وعدم مسايرتها للعصر وأكد على ضرورة التصدي لمن يعادي اللغة العربية بالحجج العلمية، كما أشار إلى أن جميع دساتير المغرب نصت على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للبلاد، كما بين المسألة اللغوية لن تحل مشكلتها الجمعيات أو الملتقيات فقط، بل الإرادة السياسية الصادقة في هذا الميدان، كما أشار إلى أن جميع الخطب الملكية منذ توليه العرش هي باللغة العربية الفصيحة، وهذا له دلالات كبرى.
أما الدكتور أحمد العلوي العبدلاوي رئيس الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية فرع فاس فتناول في كلمته موضوع: “لغة الضاد حضور وتفاعل وامتداد”. لتتوج هذه الجلسة بشراكة بين الجمعية و المجلس العلمي وقع اتفاقيتها د. أحمد العبدلاوي و العلامة “عبد الحي عمور”. أما الجلسة العلمية الأولى فقد ترأسها الدكتور: عبد الرحيم الرحموني من كلية الآداب ظهر المهراز فاس، وقد افتتحت بمحاضرة ألقاها الدكتور محمد الكتاني المكلف بمهمة بالديوان الملكي في موضوع : “واقع اللغة العربية التحديات والرهانات” هذه الرهانات التي عرفها بكونها المطالب والآليات التي ينبغي وضعها لرفع التحديات التي تواجهها اللغة العربية، هذه اللغة التي ينبغي أن تكون مصدر قوة للأمة الإسلامية، لأن وحدة الأمة قائمة على أساس وحدة لغتها.
أما الجلسة العلمية الثانية فقد ترأسها الدكتور: “عبد الله الغواسلي المراكشي رئيس شعبة اللغة العربية سايس، وافتتحت بمداخلة المهندس “محمد عزيز بنشقرون” نائب رئيس اتحاد مقاولات المغرب بالجهة الوسطى الشمالية في موضوع: “إكراهات توظيف اللغة العربية في المجال الاقتصادي” فتناول بالرد دعوى قصور اللغة العربية في المجال العلمي والاقتصادي، وبين بالحجج أن دعوى فقر هذه اللغة لا تقوم على دليل أو منطق، بالإضافة إلى حديثه عن العوامل النفسية التي أدت إلى إعطاء القيمة للفرنسية على حساب اللغة العربية.
بعد ذلك تناول الكلمة الدكتور محمد الفايد الأستاذ بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بالرباط في موضوع “ضعف المجتمع من ضعف اللغة أولا” حيث أشار إلى بعض أسباب ضعف العربية والتي منها ما يعود إلى المؤسسة المدرسية ومنها ما يعود إلى المجتمع ذاته، فأما ما يعود للمؤسسة التعليمية فمنها:
- التدريس بالفرنسية واعتماد مقررات فرنسية في هذه المدارس.
- ضعف الأسلوب اللغوي في الكتب المعتمدة في التدريس بالعربية
- اعتماد الازدواجية اللغة في المرحلة الثانوية، ثم الاستغناء عن العربية في المرحلة الجامعية.
أما ما يعود إلى المجتمع، فبين خطورة حلول الثقافة الفرنسية محل الثقافة العربية، وإظهار اللغة الأجنبية كلغة راقية. أما البرامج الإعلامية فتعرض اللغة العربية باستخفاف كبير إضافة إلى مشكلة الخلط المصطلحي، وكأنها لغة جديدة تزاحم العربية. وفي المجال الرسمي اعتبر اعتماد اللغة الفرنسية في الوثائق الرسمية مساسا صريحا بقيمة اللغة العربية ووطنيتها.
وأخيرا أشار إلى أن اللغة توأم المجتمع فإذا أصبحنا بدون لغة ذهبت قوتنا وضعف مجتمعنا. أما الدكتور فؤاد بوعلي من كلية الآداب بوجدة فتناول موضوع: “السؤال اللغوي في زمن الربيع العربي”، حيث أشار إلى أن رسائل هذا الربيع لا تتجاوز أربع مسائل هي:
ـ انتهاء الدولة القطرية وعودة الأمة.
ـ قدوم الربيع العربي صورة وجدانية لمجتمع موحد.
ـ الربيع العربي استئناف لمرحلة الاستقلال
ـ بروز القطب الهوياتي.
كما أكد على أهمية الدفاع عن اللغة العربية من خلال المؤسسات، وذلك مرتبط بإصدار قانون لحمايتها. وتناول الكلمة بعد ذلك الأستاذ عبد الحي الرايس بصفته رئيسا للمنتدى الجهوي للمبادرات البيئية بفاس في موضوع : “من أجل لغة وظيفية مندمجة في المجتمع” فتحدث عن قيمة اللغة العربية باعتبارها لغة دين وحضارة وحياة، ثم تحدث عن صيرورة العربية وكونها ما زالت بخير ما دام هناك قرآن يتلى وحديث يروى، وقد ذكر أن تعلم اللغات هو عنوان الانفتاح وعون على النجاح، لكن إتقان اللغة الأم والتمرس بها تأكيد للهوية، وعنوان على استقلال الهوية، بعد ذلك تحدث عن عوامل إضعاف اللغة، وأهم عامل هو اللغة الأجنبية التي تحكم الإدارة وتسود الاقتصاد.
وأخيرا قدم الأستاذ عبد الرحمن يجيوي من كلية الشريعة بفاس موضوع “اللسانيات ودورها في دعم الفصحى، ونشرها في الأوساط الاجتماعية” ذكر فيه أن النمو اللغوي الفاعل لا يمكن أن يتحقق إلا بالنظر إلى اللغة. وأن أزمة اللغة هي أزمة أخلاق وقيم وهوية وإنتاج، وأن التخطيط اللغوي هو الحل العلمي الأمثل للمعضلة اللغوية كما تحدث عن بعض المظاهر السلبية للمشهد اللغوي.
أما الجلسة الختامية، فقد ترأسها الدكتور محمد الدحماني من كلية الآداب ظهر المهراز فاس، وكان موضوعها تلاوة البيان الختامي والتوصيات التي انتهت إليها جلسات هذا الملتقى.

البيان الختامي والتوصيات
احتفالا باليوم العالمي للغة العربية نظمت الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية فرع فاس، بتعاون مع جامعة سيدي محمد بن عبد الله، وكلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس – فاس، والمجلس العلمي المحلي لمدينة فاس، والمجلس الجماعي لمدينة فاس، الملتقى الوطني الثالث للغة العربية في موضوع : “اللغة العربية والواقع الاجتماعي بالمغرب الامتداد والتفاعل”، يومي الأربعاء والخميس 29 فبراير وفاتح مارس 2012 بقصر المؤتمرات بفاس.
وعرفت الجلسة الختامية قراءة البيان الختامي والتوصيات ، وجاء فيها: أيها الحضور الكريم أساتذة وطلابا وضيوفا لقد بدا واضحا من خلال ما عشناه عشية أمس وخلال هذا اليوم، وما استمعنا إليه من محاضرات قيمة وبحوث جادة، أن اللغة العربية تواجه تحديات عديدة، لعل أبرزها يبدو في تنكر شرائح من أبنائنا لها، تربية وتعليما، بحثا وتدريسا، استعمالا وتداولا، رؤية وتصورا، كما يبدو جانب آخر في السياسة المتبعة، سواء أكان ذلك على المستوى الوطني أم الجهوي، وسواء أكان ذلك على المستوى النظري أم التطبيقي، مع العلم أن هذه اللغة الشريفة لا تنقصها الإمكانات، ولا تعوزها القدرات، ولقد أبرزت بحوث مما قُدّم ما تملكه هذه اللغة من طاقات تفوق عددا وعدة ما يوجد في لغات أخرى توصف بأنها عالمية أو حية، مما أولع به أبناء لنا وشباب، بل وقادة وسياسيون ومفكرون، ولكن ،مع ذلك، لن يخبو لحماة العربية أمل وقاد، ولن يكبو لهم جواد طموح، فالخير باق في هذه الأمة إلى يوم القيامة، ذلك أن الناظر إلى حضور هذه اللغة في أهم وسيلة من وسائل التواصل، وهي وسائل الإعلام التي تفرض نفسها على المتلقي قارئا ومستمعا ومشاهدا، يستدل بوضوح أن واقع العربية يبشر بخير إن عاجلا أم آجلا.
وإننا إذ نعقد هذه الجلسة الختامية يسعد اللجنة المنظمة أن توجه خالص شكرها إلى السادة الأساتذة الكرام الذين شاركوا في هذه الندوة، فأفادوا وأمتعوا ببحوثهم القيمة، والشكر موصول للحضور الكرام؛ أساتذة زملاء، وضيوفا كرماء، وطلابا نجباء، ومهتمين فضلاء، كما تتوجه الجمعية بالشكر الجزيل إلى رئاسة جامعة سيدي محمد بن عبد الله، وإلى كلية الآداب – سايس، وإلى المجلس العلمي المحلي بفاس، والمجلس الجماعي لمدينة فاس، على ما قدموه من دعم لهذا الملتقى، كما تشكر السلطات المحلية على كريم المساعدة تهييء هذا الفضاء لهذا اللقاء، والشكر لكل من أعان بسداد رأي أو وجاهة مشورة.
ولقد أسفرت أشغال الملتقى عن التوصيات التالية:
1- المطالبة بتفعيل توصيات الملتقيين السابقين، وفي مقدمة ذلك، قرار مجلس مدينة فاس القاضي باعتماد العربية في كل اللافتات والإعلانات واللوحات الإشهارية وواجهات المؤسسات والمحلات التجارية.
2- نشر أعمال الملتقى في أقرب الآجال.
3- تنظيم مسابقات جهوية ووطنية ذات علاقة باللغة العربية وآدابها وفنونها.
4- انفتاح الجمعية على جميع المكونات الإدارية والمؤسساتية والاجتماعية لإرسال الرسالة الـمُعرّفة بمكانة اللغة العربية.
5- الإكثار من الأنشطة الهادفة إلى التوعية بمكانة اللغة العربية قديما وحديثا.
6- ضرورة الاهتمام بإنتاج أشرطة وثائقية وأدبية وفنية مشوقة موجهة للأطفال تهدف إلى خدمة اللغة العربية.
7- طبع مطويات تعرف بمكانة اللغة العربية، وتعرف المواطنين بحقهم في مخاطبتهم باللغة العربية.
8- خلق هُوية بصرية للغة العربية بالشوارع.
9- إشراك جامعة القرويين في أنشطة الجمعية، ودعوتها إلى إبراز دورها التاريخي المتميز في حماية اللغة العربية.
10- الدعوة إلى إعادة النظر في المنظومة التربوية ومراجعتها تجنبا لأي خلل لغوي ينتابها.
11- الدعوة إلى تقويم المشهد الإعلامي، وحثه على استعمال اللغة العربية وإنشاء خلية مراقبة للبرامج السمعية البصرية للمحافظة على الهوية الثقافية العربية للمغرب.
12- الدعوة إلى إنشاء جامعة صيفية أو ربيعية تهتم باللغة العربية.
13- الدعوة إلى تيسير النحو العربي وإنشاء معاجم لغوية تستجيب لروح العصر.
14- الدعوة إلى مواصلة تعريب التعليم ليهم الكليات والمعاهد والمؤسسات الجامعية.
15- دعوة مؤسسات التعليم الخصوصي إلى ضرورة استعمال اللغة العربية في التخاطب.
16- عقد شراكات مع مختلف المؤسسات الفيدرالية والمهنية والتعليمية والتربوية والبحثية ونحو ذلك..

إعداد ذة : إلهام نجاري

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>