آيبون… تائبون!31- عاصفة خريف


وحدة.. فراغ.. ضجر.. كان هو الحاضر الغائب.. وكانت منهمكة في تربية صغارها..

كبر الأبناء.. كل في شأن يبعده عنها: الزوج في عالمه.. وأبناؤها في عالمهم.. حاولت التقرب منهم جميعا.. لكنها لم تتلق سوى الصد والجحود..

ملت وحدتها وفراغها.. نصحتها صديقة جديدة أن تصنع “عالما خاصا” بها.. لهثت وراء عمليات التجميل و”الموضة”.. عسى أن يعود إليها الزوج.. وحين لم تفلح، نصحتها الصديقة ثانية.. عارضتها في الأول.. لكنها وجدت نفسها تنصاع لها…

أنساها عالمها الجديد وحدتها.. سهرات تتصابى فيها، وصويحباتها العجائز، مع شباب ربما أصغر من أصغر أبنائهن.. والغلبة لمن تدفع أكثر…

ذات ليلة، اقتحم رجال الأمن البناية.. لا تدري كيف ساعدها حارس على الهرب، وطبعا بعد أن ابتزها، شعرت بوحشة رهيبة، وهي تهيم على وجهها بسيارتها في شوارع خالية.. ضلتطريقها.. لجأت إلى صديقة قديمة بعد أن رأت ضوء بيتها يومض من بعيد..

وجدتها مستيقظة.. ارتمت عليها باكية.. ربتت عليها مضيفتها، ومضت في قيامها الليل.. كانت ترقبها في صلاتها ومناجاتها.. استبد بها البكاء… يذكرها النظر إليها بالله عز وجل.. غبطتها على أنسها بالله، وعلى استقامتها.. وقد ترملت في ريعان شبابها.. بعد أذان الصبح، رجتها أن تتطهر وتصلي.. لكنها انفجرت باكية: “إني استحيي من ربي.. لن ينظر إلي.. فقد عصيته.. و…..” أغلقت لها مضيفتها فمها، وقالت: “استري نفسك، إنه ستار ستير يحب الستر..”، ومضت تذكرها بواسع رحمة الله عز وجل.. وبفرحه بالتائبين…

تابت وأنابت.. تعيش حلاوة الأنس بالله.. صلاة وقرآن وذكر, وصحبة طيبة، وأعمال بر.. -وسبحان الذي سن التغيير، ولا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم- تغيرت المرأة، وإذا بزوجها وأبنائها يسلكون الطريق نفسه.. طريق الصلاح والمحبة والألفة.. منطلقهم ووجهتهم رضا الله سبحانه وتعالى…

 ذة. نبيلة  عـزوزي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>