في بلاد العرب يمكن للمرء أن يصير مديونا لصندوق النقد الدولي وهو ما يزال نطفة في رحم الغيب، وإذا قدر الله له الخروج من بطن أمه يجد الهواء حوله مخلوطا بالهوان.. يحكى -من باب النكتة فقط- أن رئيسا لجهاز المخابرات بإحدى دول عربستان خرج ثملا من إحدى الحانات، فنسي أين ركن سيارته، فاتصل بمدير مكتبه صارخا : اِبحث عن سيارتي، لقد سرقت مني، واتني بها خلال أربعة وعشرين ساعة وإلا…
فما كان من مدير مكتبه إلا أن أعلن حالة طوارئ بحثا عن سيارة الرئيس، غير أن هذا الأخير وبعد أن لطشه البرد واستعاد وعيه تذكر مكان سيارته، فأعاد الاتصال بمدير مكتبه طالبا منه أن يوقف البحث، فرد عليه المدير : ولكن يا سيدي لقد أسفر البحث حتى الآن عن اعتقال أزيد من ثلاثمائة مشتبه، وقد أقر أزيد من مائة منهم ضلوعهم في حادث سرقة سيارة سيادتكم؟!
هذه صورة للأنظمة البوليسية التي حكمت الكثير من جمهوريات عربستان، وكما أكد السوسيولوجيون فإن النكتة هي “ترمومتر” المجتمع الذي من خلاله يقاس نبض الشعوب وحالات التذمر والسخط المجتمعي، إن الربيع العربي ما هو إلا حالة رد فعل على صيف الأنظمة الاستبدادية الجاف والمحرق الذي اكتوت من خلاله الشعوب لعدّة عقود، حتى صدق فينا قول الشاعر :
فإن تكن عجائب الدنيا سبع
فنحن الثامنة(ü)
ذ. أحمد الأشـهـب
—
(ü) أحمد مطر (ديوان لافتات).