نافذة على التراث – من مكارم أخلاق حاتم الطائي..


من مكارم أخلاق حاتم الطائي

خرج رجل من طيء، وكان مصافياً لحاتم، فأوصى حاتماً بأهله فكان يتعهدهم، وإذا جزر بعث إليهم من أطايبها، فراودته امرأة الرجل فاستعصم ولم يفعل. فلما قدم زوجها أخبرته أن حاتماً أرادها، فغضب من ذلك. وجاءت العشيرة للتسليم وحاتم معهم، فلم يلق حاتماً بما كان يلقاه به من طلاقة الوجه وحسن البشر، فعلم حاتم أن ذلك من قبل امرأته. فأنشأ يقول:

إني امرؤ من عـصـبة ثـعـلـية

كرام أغانيها عـفـيف فـقـيرهـا

إذا ما بخيل الناس هـرت كـلابـه

وشق على الضيف الطروق عقورها

فإني جبان الكلب رحـلـي مـوطـأ

جواد إذا ما النفس شح ضمـيرهـا

وما تشتكيني جارتـي غـير أنـنـي

إذا غاب عنها بعلـهـا لا أزورهـا

سيبلغها خـيري ويرجـع زوجـهـا

إليها ولم تسبل علـي سـتـورهـا

فلما بلغ الرجل الشعر عرف أن حاتماً بريء، فطلق امرأته.

> التذكرة الحمدونية   لابن حمدون

 وفاء امرأة

حكى الأصمعي، عن رجلٍ من بني ضبّة قال: ضلّت لي إبلٌ فخرجت في طلبها حتّى أتيت بلاد بني سليم، فلمّا كنت في بعض تخومها، إذا جاريةٌ غشى بصري إشراق وجهها، فقالت: ما بغيتك فإنّي أراك مهموماً؟ قلت: إبلٌ ضلّت لي، فأنا في طلبها. قالت: فتحب أن أرشدك إلى من هي عنده؟ قلت: نعم. قالت: الذي أعطاكهنّ هو الذي أخذهنّ فإن شاء ردّهنّ، فاسأله من طريق اليقين لا من طريق الاختيار. فأعجبني ما رأيت من جمالها وحسن منطقها، فقلت لها: هل لك من بعلٍ؟ قالت: كان والله، فدعي فأجاب إلى ما منه خلق، ونعم البعل كان. قلت لها: فهل لك في بعلٍ لا تذمّ خلائقه، ولا تخشى بوائقه؟ فأطرقت ساعةً ثمّ رفعت رأسها وعيناها تذرفان دموعاً فأنشأت تقول:

كنّا كغصنين من بانٍ غذاؤهـمـا

ماء الجداول في روضات جنّات

فاجتثّ صاحبها من جنب صاحبه

دهرٌ يكرّ بفرحـاتٍ وتـرحـات

وكان عاهدني إن خاننـي زمـنٌ

أن لا يضاجع أنثى بعد موتـات

وكنت عاهدته أيضاً، فعـاجـلـه

ريب المنون قريباً مذ سنـينـات

فاصرف عتابك عمّن ليس يصرفه

عن الوفاء له خلب الـتّـحـيّات

قال: فانصرفت وتركتها.

> أخبار النساء لابن الجوزي

الخطبة التي كان يلقيها الحسن البصري في عقد الإملاك وكان لا يغيرها

كان يقول بعد حمد الله والثناء عليه: “أما بعد فإن الله جمع بهذا النكاح الأرحام المنقطعة والأنساب المتفرقة، ولعل ذلك في سنة من دينه، ومنهاج واضح من أمره، وقد خطب إليكم فلان، وعليه من الله نعمة”.

> البيان  للجاحظ

 لـمَ سمي الشاعر الجاهلي ب: “تأبط شرا”؟

“تأبط شراً” اسمه ثابت، وكنيته أبو زهير بن جابر بن سفيان بن عميثل بن عدي بن كعب بن حرب.

وفي تلقيبه بتأبط شراً أقوال، أحدها: وهو المشهور، أنه تأبط سيفاً وخرج فقيل لأمه” أين هو؟ فقالت: لا أدري، تأبط شراً وخرج.

الثاني: أن أمه قالت له في زمن الكمأة: ألا ترى غلمان الحي يجتنون لأهلهم الكمأة فيروحون بها! فقال لها: أعطيني جرابك حتى أجتني لك فيه. فأعطته فملأه لها أفاعي من أكبر ما قدر عليه، وأتى به متأبطاً له، فألقاه بين يديها، ففتحته فسعين بين يديها في بيتها، فوثبت وخرجت منه؛ فقال لها نساء الحي: ماذا كان الذي تأبط ثابت اليوم؟ قالت: تأبط شراً.

> خزانة  الأدب  للبغدادي

مواقف عظيمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم

عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه قال: كان أسيد بن حضير رجلا ضحاكا مليحا، فبينا هو عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث القوم ويضحكهم فطعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصبعه في خاصرته فقال: أَوجعتني قال: اقتَصَّ قال: يا رسول الله إِنَّ عليك قميصاً ولم يكن عليَّ قميص، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم قميصه فاحتضنه ثم جعل يقبّل كَشحَه فقال: بأَبي وأُمي يا رسول الله أَردت هذا.

وفي ذكري أنه القائل لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم متغير الوجه ومنحرفا أو مغضبا: لأضحكنه ثم قال: يا رسول الله إِن الدَّجال يأتي الناس في حال قَحطٍ وضيقٍ ومعه جبالٌ من ثَريد أَفرأَيتَ إِن أَدركتُ زمانه أن أَضرب عَلَى ثريده حتى إذا تبطّنت منه آمنت بالله وكفرت به أَم أَتنزَّه عن طعامه? فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم- وكان ضحكه التبسم- وقال: بَل يُغنِيكَ الله تَعَالى يَومَئِذٍ بِمَا يُغنِي المُؤمِنيِنَ.

وروى عبد الله بن وهب قال: قال الليث في حديث عبد الله بن حذافة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه كانت فيه دعابة قال: بلغني أنه حل حزام راحلة النبي في بعض أسفاره حتى كاد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقع قلت لليث: ليضحكه ذلك? قال: نعم.

>المراح في المزاح   أبو الركات الغزي

حقيقة حسن الظن بالله

قال سليمان بن علي أمير البصرة لعمرو بن عبيد: ما تقول في أموالنا التي نصرفها في سبل الخير؟ فأبطأ عمرو في الجواب، يريد به وقار العلم، ثم قال: إن من نعمة الله على الأمير أنه أصبح لا يجهل أن من أخذ الشيء من حقه ووضعه في وجهه فلا تبعة عليه غداً. فقال: نحن أحسن ظناً بالله منكم. فقال: أقسم على الأمير بالله عز وجل، هل تعلم أحداً كان أحسن ظناً بالله من رسوله؟ قال: لا. قال: فهل علمته أخذ شيئاً قط من غير حله، ووضعه في غير حقه؟ قال: اللهم لا. قال: حسن الظن بالله أن تفعل ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.

> ربيع الأبرار  للزمخشري

وصية في حسن الاستماع

قال عبد الرحمن التيمي: قال لي عبد الملك: يا عبد الرحمن؛ كن على التماس الحظ بالسكوت أحرص من على التماسه بالكلام. فقد قيل: إذا أعجبك الكلام فاصمت، وإذا أعجبك الصمت فتكلم. ولا تساعدني على قبيحٍ، ولا تردن على في محفل، وكلمني بقدر ما استنطقتك واعلم أن حسن الاستماع أحسن من حسن القول. فأرني فهمك في نظرك، واعلم أني جعلتك جليساً مقرباً، بعد أن كنت معلماً مباعداً. ومن لم يعرف نقصان ماخرج منه لم يعرف رجحان ما دخل فيه.

> نثر الدر  للآبي

قال وهب بن منبه: صحب رجل عالماً سبعمائة فرسخ، ثم سأله عن سبع كلمات، قال له، أخبرني عن السماء وما أثقل منها، وعن الأرض ما أوسع منها، وعن الحجر ما أقسى منه، وعن النار ما أحر منها، وعن البحر ما أغنى منه، وعن اليتيم ما أضعف منه، وعن الزمهرير ما أبرد منه؟ فقال الحكيم: البهتان أثقل من السماوات، والحق أوسع من الأرض، وقلب الكافر أقسى من الحجر، وقلب القانع أغنى من البحر، وجشعة الحريص أحر من النار، ونمائم الوشاة أضعف من اليتيم، واليأس من القريب أبرد من الزمهرير.

> ربيع الأبرار  للزمخشري

من رسائل المعتصم إلى ملك الروم

كتب ملك الروم إلى المعتصم يتهدده، فأمر بجوابه، فعرضت عليه الأجوبة فلم يرضها؛ فقال للكاتب اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فقد قرأت كتابك، والجواب ما ترى لا ما تسمع، وسيعلم الكافر لمن عقبى الدار، والسلام.

> ربيع الأبرار  للزمخشري

بـكـاء الـظـالـم

خاصمت امرأة زوجها إلى شريح فبكت، فقال الشعبي: أظنها مظلومة، فقال: أن أخوة يوسف جاءوا أباهم عشاء يبكون وكانوا ظالمين.

> ربيع الأبرار  للزمخشري 

من حكمة الأحنف في معاملة الناس

وكان الأحنف بن قيس يقول: ما نازعني أحدٌ إلاّ أخذتُ عليه بإحدى ثلاث: إن كان فوقي عرفتُ له قدره، وإن كان دوني رفعتُ نفسي عنه، وإن كان مثلي تفضّلت عليه

> الفاضل   للمبرد

إعداد  : الدكتور عبد الرحيم الرحموني

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>