عبرة


لما ولي الحجاج بن يوسف العراق، أسرف في القتل، وأخذ الناس بالظنة، وعاث في الأرض فسادا، جاء الناس إلى الحسن البصري رحمه الله يستفتونه في الخروج على الحجاج وعلى عبد الملك بن مروان الذي ولاه إمارة العراق، فنهاهم عن ذلك وقال : الحجاج عقوبة من الله عز وجل لكم، توبوا إلى الله يرفع عنكم العقوبة.

لعل الشعوب المسلمة اليوم أحوج إلى التوبة منها إلى الثورة، فما تغني الثورات إن كانت الأمة معرضة عن منهج الله أفرادا وجماعات، بل الأدهى أن تجد من بين من تولوا كبر الدعوة إلى التغيير فئاما من الناس ينادون بعلمنة الدولة. والنص على ذلك في الدستور، وجعل المواثيق الدولية مصدراً أساسا للتشريع دون مراعاة لثوابت الأمة وخصوصياتها ودينها، فهذا يريد إعطاء الحق للمثليين في ممارسة شذوذهم دون حرج أو خوف من متابعة أو عقاب، وذاك يريد عدم تجريم الزنا إن كان عن تراض بين الطرفين، وآخرون يريدون الفطر في رمضان جهارا، وهؤلاء يريدون إلغاء عقوبة الإعدام، والقائمة تطول.

لست أدعي أن هذه المطالب غير متحققة على أرض الواقع، بل هي موجودة لا يماري أحد في ذلك، غير أن الجرأة في الدفاع عنها ودسترتها أخطر من وجودها كانحراف عن الفطرة لأسباب كثيرة لعل أهمها تغييب الدين ومحاصرة صورة العلماء الربانيين، وفسح المجال للعلمانيين وإعطائهم مساحة أوسع لنشر أفكارهم وبرامجهم.

التغيير مطلب شرعي، والأمة مطالبة -أفرادا وجماعات- بتغيير أحوالها الخلقية والسلوكية حتى يغير الله عز وجل حالها من الذلة إلى العزة، ومن الركود إلى النهوض، ومن التخلف في شتى المجالات إلى التقدم والنماء والازدهار. قال سبحانه {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} صدق الله العظيم

ذ. منير مغراوي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>