عبد اللطيف الحجامي : عالم ومهندس موسوعي … سابق لأوانه(ü)


بسم الله الرحمان الرحيم،  والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. أيها الحضور الكريم كان لي الشرف أن أتعرف على سيدي عبد اللطيف الحجامي، عندما كنت أستاذا بالمدرسة المحمدية للمهندسين. كنت آنذاك مسئولا عن شعبة هندسة البنايات والقناطر والطرق بمدرسة المهندسين. لقد اتصلت بسيدي عبد اللطيف الحجامي وطلبت منه إعطاء دروس في الهندسة المعمارية للطلبة المهندسين. وفي الحقيقة كانت مناسبة لي عظيمة لأشتغل معه في عدة أوراش. لقد فتح لي الباب لأعطي دروسا في هندسة الهياكل لطلبة مشغل التراث بالمدرسة الوطنية للهندسة المعمارية،  من سنة 1986 حتى بداية التسعينيات. ثانيا لقد فتح لي المجال أيضا للإسهام في تأطير طلبة مشغل التراث، في إطار مشاريع نهاية الدروس. وأتاح لي الفرصة لأقوم معه بأبحاث مهمة جدا تخص ترميم البنايات التاريخية، وخاصة بنايات ومآثر معالم مدينة فاس.

سيدي عبد اللطيف كان مدرسة، كان يجعلك تحس بسرعة أنك قريب منه جدا، وأنك واحد من العائلة، كان شغوفا بحب التراث وخاصة التراث العربي والتراث الإسلامي. كان يجعل من مشغل التراث مجالا للتفاعل مع كل الاختصاصات : الأركيولوجيا، السوسيولوجيا، العلوم الهندسية، وحقول معرفية أخرى. كان سباقا في كل شيء.

توفرت في سيدي عبد اللطيف موسوعية العلماء المسلمين القدماء التي قلما نجدها اليوم، إذ  كان يهتم بكل العلوم :العلوم الهندسية، المعلوميات، الكيمياء، الفيزياء، الرياضيات، علوم المواد، طرق الترميم،  العلوم الدينية وغيرها.

كان رحمه الله دائم الابتسامة كما نراه في الصورة، ويملك روح الدعابة، يتمتع بذكاء ثاقب، وله قدرة كبيرة على التواصل، وكان جادا في عمله لا يفرق بين أيام العمل وأيام العطل، فكثيرا ما اشتغلنا أيام السبت والأحد،  وأيام العطل. كانت الأيام كلها أيام عمل. في الحقيقة كانت له أفكار سابقة لأوانها، كان يريد التغيير وبسرعة. أنا على يقين، أنه إذا كان بيننا اليوم وعاش معنا الأحداث التي يعرفها العالم العربي والمغرب بالخصوص، لكان سعيدا جدا بهذا التحول السلمي العميق والحكيم الذي يعرفه مغربنا .

اللهم إنه صبر على البلاء فلم يجزع، فامنحه درجة الصابرين الذين يوفون أجورهم بغير حساب، اللهم امنح أهله وذويه البر والسلوان. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم إلى يوم الدين.  وفي الأخير إني أثمن كل الاقتراحات التي جاءت بها الهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين،  وسأكون سعيدا جداً للإسهام فيها قدر المستطاع.

———

كلمة قدمت في الحفل التأبيني الذي نظمته الهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين المجلس الوطني واللجنة الجهوية لمدينة فاس بالرباط يوم 26  مارس 2011.

د. محمد قـوام رئـيـس  جامعة  شعيب الـدكالي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>