رحل عبد اللطيف الحجامي: ذلكم المرابط في ثغر فاس الصامد


>الشاب اللطيف عبد اللطيف<

هكذا نعَتَه أولَ ما رآه في باريس أستاذ لطيف

ثم جاء على قَدَرٍ إلى فاس، ليُنادَى {وأنا اخْتَرْتُكَ} لفاس

إذْ تُصنَع {على عيني} تلميذا نجيبا بفاس، ويُلْقَى بك {في اليم} طالبا مطلوبا بباريس من أجل فاس

ثم رجَعْنَاك {إلى أمكَ كَيْ تَقَرَّ عينُها ولا تَحْزَن}، محبوبا حبيبا يحفُّك اللطف من كل جانب أنَّى كنت في فاس

>الشاب اللطيف عبد اللطيف<

عاد مشتاقا إلى فاس،

لتُضْرَبَ له الأوتاد في فاس

فيغرق سريعا، فيسقط صريعا، في >خدمة فاس< و>عشق فاس< :

مُسْهِماً فــــي تصميم بعض أحيـــائها، وفــي إعداد تصميمها الـمديري (1978- 1980)

فمندوبا حاملا للواء إنقاذها الدولي (1980- 1990)

فمديرا عاما لوكالة تخفيض الكثافة السكانية بها ورد الاعتبار إليها (1990- 2000)

>الشاب اللطيف عبد اللطيف<

عاد ظمآن إلى فاس

فنَهَل من أبِيه وعَبَّ

وتفقَّه من محيطه واسْتوْعَب

وأضاف إلـــى ما جمع مـــن الغرب، مـــا ليس عند الغرب، ممّا بِهِ فَقَهَ ذاتَه والغَرْب

و>الناس معادن كمعادن الذهب والفضة خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا<(رواه البخاري ومسلم)

فأبصر الطريق : نداءً بعيداً من الماضي، وأنيناً عميقا من الحاضر، وأفقاً مشرقا في المستقبل

فشمَّر عن ساعد الجد، يجاهد من موقعه أنّى وُجد :

أنقذَ واستنقذ ما استطاع من فاس

وجَــــلَب من الـمصالح ودَرَأَ من المفاسد الدولية والـمحلية ما استطاع عن فاس

وألّف من الرجال ما استطاع في >مَشْغَل التراث< ومختبر فاس

وأقام للهندسة المعمارية الإسلامية وَرْشَةً تطبيقية نادرة، وسُوقاً دولية رائعة في فاس

وصار في العالَم يذْكر ويُذكِّر بفاس، وتذْكر وتُذكّر به فاس

>الشاب اللطيف عبد اللطيف<

جاء على قَدَرٍ إلى فاس

ليكون له فيها وبها ومنها، على مدى ثلاث وعشرين سنة، أشكالٌ من الترقّي في الاحتراق والإشراق :

في فاس جدَّد معرفته بربه ونفسه والناس

وفي فاس تعلَّم حمل همِّ الأمة ومعاناة آلام الناس

وفي فاس تعاقبت عليه السراء والضراء حتى اشرأَبَّ إليه أو ازْوَرّ عنه كثيرٌ من الناس

بفاس لقي التاريخ المجيد حَجَراً وبشرًا، ما زال حيا يرزق، لمن تفكر واستنطق

وبفاس، مختبرا ميدانيا أسَّس، ونمّى، ونضّج رؤيته الفريدة للعمران والترميم ورد الاعتبار

وبفاس، تجربةَ حياة وتجربةَ بحث، تحقق فتألَّق، واحترق فأشرق

من فاس كان انطلاقه محاضرا إلى روما وهارفارد، وكامبريدج وأكسفورد

ومن فاس كان اختياره حَكَمًا في جوائز المدن العربية والأغاخان، ومؤسسة آل البيت، ومجمّع الإمام البخاري بسمرقند

ومن فاس كان تعيينه عضوا في عدد من الهيئات الدولية، وخبيرا في عدد من برامج الأمم المتحدة العالمية

>الشاب اللطيف عبد اللطيف<

والباحث اللطيف عبد اللطيف

والأستاذ اللطيف عبد اللطيف

والخبير اللطيف عبد اللطيف

والعالم اللطيف عبد اللطيف

والمنظِّر اللطيف عبد اللطيف

والمربي اللطيف عبد اللطيف..

كــــل أولئك وأمثــالهم ممن لــــم تحضـــرني صورتهم كـــانوا في ثوب عبد اللطيف

حاملِ الأثقال ومؤلفِ الرجال

رَحم الله تعالى بلطفه اللطيفَ عبد اللطيف

وباركْ في ذريته صلبا وعلْمًا، فإن ربّي لما يشاء لطيف

وعـــوّض الأمـــة عنه فــــي مختـلف التخصصات أمــثـــالا وأمثــالا لعبد اللطيف.

 

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>