منزلة الإنابة (2) – كيف نكتسب مقام منزلة الإنابة؟


في الحلقة الأولى تحدث الشيخ  رحمه الله تعالى عن معنى الإنابة و عن علاقتها بالتوبة وبين كيف أن الإنابة فعل الصالحين مستشهداً بقصة داود عليه السلام ليخلص إلى أن الإنابة هي خاتمة الجمال وتاج الكمال.

من أول وأهم وسائلها التذكر {وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلاَّ مَن يُنِيبُ} تَبصِرة وذكرى، تجعلك تفكر وتتدبر، والتَّذكُّر يحصل بأمرين؛ الأمر الأول التدبُّر، والأمر الثاني التفكُّر

التدبر لا يكون إلا للقرآن الكريم

فأما التدبر فلا يكون إلا للقرآن الكريم {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ اَقْفَالُهَا}(محمد: 24)، {لّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ}(ص: 29)، حينما تقرأ كتاب الله عز وجل قليلا أو كثيرا، حاوِل وتَعَلَّم، ألا تقرأ قراءة الغافل، لا تقرأ قراءة الهاجر الذي يقرأ وينتهي ويغلق المصحف ويذهب، فهذا ليس بتدبُّر، بل تَعلَّق بالآيات التي في الكتاب، حتى عندما تغلق المصحف وتنصرف إلى أحوالك الأخرى تكون مشغولاً بها، تنظر في تنزُّلِها على نفسك.

التَّدَبُّر فيه معنى “التَّفَعُّل”، تدبَّر الأمر يتدبَّره، نظر إلى عواقبه، نظر إلى دُبر يعني : نظر إلى مؤخرة الأمر، فحينما تنظر إلى أدبار الآيات، فإنك تنظر إلى آثارها في نفسك، وفي المجتمع، فخذ من القرآن كلَّ شيء وتثبَّت بالقرآن في كل شيء، تكن متَدَبِّراً بإذن الله عز وجل، واجعل نفسك أنت مَوضِع خِطاب لكتاب الله، لأن الله يخاطبك أنت بالذات، لا تظنن  أن هذا القرآن نزل على محمد  وكفى، نَزَلَ على محمد نعم، ولكن لماذا؟ لأنه رسول للناس أجمعين، وأنت واحد من الناس، وهذا ينتج عنه باللزوم أنك مَعنِيٌّ بالخطاب القرآني في نفسك، والله عز وجل بقدرته العجيبة يُخاطِبُ الناسَ أجمعين بكتاب واحد، فحينما تقرأ القرآن في نفسك لنفسك فاعلم أن الله يخاطبك في خُوَيصَةِ نفسك، كما يخاطب الآخرين، لذلك وجب أن تجعل أحكام القرآن تتنزل على نفسك، عند ذلك ستظهر لك نفسك كيف هي، ميزانك سيظهر لك، ستظهر لك صورة نفسك على حقيقتها، أين هي مو اضع القوة والضعف، أين الغش وأين الصَّلاح، بينك وبين نفسك، الله سبحانه وتعالى يُخاطبك وأنت تسمع، وأنت تَتَدبَّر الآي، وترى نفسك من خلال القرآن الكريم الذي قَسَّمَ الناس، فجعل للكافرين صفات، وللمؤمنين صفات، وجعل للمنافقين صفات، قَسَّمَ الخلق أقساماً، في المؤمنين مراتب، وفي الكافرين أيضا مراتب، وفي المنافقين مراتب، ونَبَّهَ المسلمين إلى صفات هؤلاء وأولئك، وانظر إلى هذه الصفات، وقس نفسك بها كم من صفة ذكرها الله في المؤمنين ليست عندك، وكم من صفة ذكرها الله في المنافقين فيك منها شيء، هذا تدَبُّر القرآن في النفس، {وَفِي أَنْفُسِكُم أَفَلاَ تُبْصِرُونَ} (الذاريات: 21) إنه تنزيل أحكام القرآن على النفس، وفي علاقاتك مع الناس، وفي علاقتك قبل ذلك مع ربك، تدبُّر القرآن الكريم يجعل النفس تحسّ باليقظة، وتُصابُ بالهَلَع، وتعرف بأنك لم تعد في موضعك الذي كنت فيه، إن كانت لك أحوال من الصَّلاح، فتَهُبُّ مُسْرِعاً ومُنِيباً إلى الله عز وجل، فإن دَأَبَ حالُك على هذا اقرأ القرآن كل مرَّة، وينبغي أن تقرأه كل يوم، ينبغي أن تعيش معه كلّ لحظة، لا تفارقه أبداً، ولو ضاقت بك الأحوال والظروف، ولو آية واحدة خير من ترك القرآن الكريم، تدبّرها، عِشْ معها، واعمل بها، تعطيك الخير، وتبين لك أشياء كثيرة وتَكسِبُ منها -وهذا هو المهمّ- صفات جليلة، تُربِّي بها نفسَك وتترقى بها في مَدرَجٍ ومرتبة تؤَهِّلُك لسيرٍ مبارَك إلى الله عز وجل.

التفكر نظر إلى الكون

أما التفكُّر فهو النظر إلى الكون وإلى العوالم، وهو نتيجة للتدبر، لأنه عندما تشرع في قراءة القرآن وتدبّره يأخذك للفضاء الواسع -سبحان الله العظيم- لأنه كتاب لا يتحدّث عن جزئيات قليلة وحسب، بل يتحدث عن الكون كله ويتكلم عن الإنسان بصفته كائناً كونياً، وهذا يغيب كثيراً عن البال وهو مهم جدا، يعني أن الله عز وجل في القرآن الكريم  لا يتكلم عنك أنت يا فلان بصفتك ساكناً في مدينة ما في الحي الفلاني في المكان الفلاني وعندك المشاكل الفلانية، هذا تجده في نفسك حينما تقرأ القرآن، ما في ذلك شك، ولكن يرفعك درجة كبيرة، وينتشلك من جزئياتك لتشعُرَ بالعالَم كله، بل بالكون كله، يعني أن الإنسان يكون غارقاً في بئر الجزئيات اليومية، عندَما تقرأ القرآن  يخرجك من البئر وهو عبارة عن مشاكلك الصغيرة، يخرجك للمشاكل الكبيرة إلى الكَون وقضاياه الكبيرة ويجعلك تنظر للحياة كلها،  كيف بدأ الكون، وكيف بدأ الخلق، وللمصير، ويخاطبك الله عز وجل {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ} (ق: 6)، الإنسان لا ينظر إلى السماء، لماذا؟ لأن الدنيا الصغيرة ابتلعته، والسماء واسعة. والله خاطب الإنسان بصفته كائنا كونيا من البداية، منذ أن قال عز وجل {إِنَّا عَرَضْنَا الامَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالارْضِ وَالجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الانسَانُ}(الأحزاب: 72 )، فالإنسان إذن كائن كونيّ يعيش مع السموات، مع الجبال، مع الأرض، ومع سائر الكائنات، وتمَيَّزَ عن ذلك كله، أصبح وله عند الله مكانة، وهذا صحيح، بل إن أنْوَر الخَلْق وأصْفَى الخَلْق وهم الملائكة، حينما تحَمَّل الإنسان الأمانة أسجدَهم اللهُ له {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الكَافِرِينَ} (البقرة: 34)، وعندما يتكلم الله عز وجل عن الإنسان باسم الجِنْس، يعني كلُّ الناس من آدم إلى آخر من يكون، والمسؤولية يتحمّلهَا ابن آدم وحده، بل تحمَّلها الإنسان {وَحَمَلَهَا الانْسَانُ} أنا وأنت والآخر، وكلُّنا محاسَب على هذه الأمانة {وَإِذْ اَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِم ذُرِّيّاتهُم وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِم أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا} (الأعراف: 172) الله تعالى قال لهم : {أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} (الأعراف: 172 )، انتبهوا فهذه شهادة شَهِدَها الإنسان في عالَم الذَّر، لهذا سميت الذريةُ ذريةً، فأبناء آدم، كلهم إلى آخر من يكون خاطبهم الله تعالى لما كانوا ذرة، في ظهر آدم، {وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِم أَلَسْتُ بِرَبِّكُم قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا}، فإذن الإنسان يتحمل المسؤولية، إنها فِطرَة، وهذا يظهر بالتأكيد عند كثير من الناس -سبحان الله العظيم- تدفعهم للتوبة وِجدانات نفسية لا يدري ما الذي يدفعه إلى المسجد، تائبا إلى الله عز وجل، إنها الفِطرَة التي فُطر عليها، تلك الشهادة الذرية القديمة هي التي تحركت فيه، >كل مولود يولد على الفطرة<، وكثير من الكُفّار من النصارى في بحث مستمر…، إذا هداه الله تعالى يهتدي إلى الإسلام ويسلم، ما الذي أعجَبَه في الإسلام؟ وحالة المسلمين لا تغري، لقد نطقت فطرته في داخلِه وتحركت عوالم الذّّرة في وِجدَانِه، فقادته إلى الشهادة الأولى، وجاء إلى ربه، بل عاد إلى ربه وآب، التفَكُّر في الكون يجعلك ترتبط برب الكون {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ} (ق: 6) ليس فيها شقوق أو ثقوب، {وما لها من فروج} هذا الخَلْق الذي يتكلم عنه العلماء الآن ابن آدم هو السّبب، ودائما ابن آدم في البيئة -بصفة عامة- هو سبب الفساد {وَالارْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلُِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} (ق: 7) كلّ ذلك {تَبْصِرَةً}، “مفعول لأجله”، لماذا هذا؟ لك أنت {تَبْصِرَةً} لكي تستطيع الإبصار بحدة، انظر إلى الكون،انظر إلى السموات، والنجوم، والجبال، انظر إلى نفسك، انظر إلى الكائنات كلها وسيتغير نظرك إلى الأحسن، إذا أردت أن تقوِّي نظرك حقيقة، إذا أردت أن تقوي نظر البصيرة، {فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الابْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى القُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} (الحج: 46) إذا أردت أن تقوّي نظر البصيرة انظر في هذه الأشياء، {تَبْصِرَةً وَذِكْرَى} (ق: 8) وتذكَّر جيّداً {لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ} {وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلاَّ مَن يُنِيبُ} (غافر: 13)، الذي في قلبه  شوق للرجوع يقوده إلى الله عز وجل.

شيئان مهمَّان يُعلِّمَان المؤمن كيف يكون منيباً، كيف يكتسب منزلة الإنابة، التي هي منزلة الأنبياء، منزلة إبراهيم، منزلة داوود عليه السلام، منزلة محمد عليه وعلى الأنبياء أجمعين الصلوات والسلام، منزلة الصالحين، منزلة الصديقين، منزلة العِباد الأوابين المنيبين {لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ}، والله عز وجل عندما يريد أن يشعرنا بالمحبة، يخاطبنا بـ”عَبْد” سبحان الله العظيم، والتعبير القرآني عندما يريد أن يشعرك بالمحبّة ويقربّك، يقول لك “عَبْد” {نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} (ص: 30)، {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المسْجِدِ الحرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الاقْصَا} (الإسراء: 1) لم يسمه باسمه في هذه الآية ولكن سمَّاه بأحب الصفات إليه عز وجل، وهي صفة “عَبْد” ولذلك لما جاء ذلك الملك في الحديث الصحيح الذي خيّر النبي  بين أن يكون عبداً رسولاً أو ملِكاً رسولاً، فاختار أن يكون عَبْداً رسولا، يقول أهل الشمائل الذين يصفون النبي  في أخلاقه : كان يجلس جلسة العَبْد ويأكل أُكلة العبد، دائما يتواضُع لله الواحد القهار، هذه العبودية هي منزلة المحبَّة، لا يكون العبد عبدا إلا إذا كان مُحِبّاً لربه محبوباً عند ربه {لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ}، هذه المنزلة يشعر فيها الإنسان ويشُمُّ رائحةَ الجنة، هذه بشرى قرآنية {وَأُزْلِفَتِ الجنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ} (ق: 31)، انظر إلى هذا التعبير سبحان الله العظيم {غَيْرَ بَعِيدٍ} أي قريب جدّاً، إذن {وَأُزْلِفَتِ} هُيِّئت، حُضِّرت بكل أصناف الكمال والجمال {لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ. هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ}، لكل نبي أو إنسان عادي، {لكُلِّ أوّابٍ حفيظ}، يَحفَظ العهد الذي بينه وبين ربِّه ولا يضيعه، وإذا نسي يُسرع إلى الإنابة.

الإيمان بالغيب  صفة من صفات المنيبين

ومن أجمل الأشياء في الإسلام، الإيمان بالغيب، {مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَانَ بِالغَيْبِ}(ق: 33) هذه كلها صفات المنيبين، {وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ}، مما يدل على أن الإنابة إحساس قلبيّ، والقلب محلُّ العواطف والأشواق والحبّ لأن المنيب تائبٌ تحمله الأشواق والمحبّة، ولذلك القلب هو الذي ينيب، {وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ} قلبه هو الذي يسوقه {ورجل قلبه مُعلَّق بالمساجد}، فهذا منيب ينيب إلى ربِّه، {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ} (الروم: 31)، قلت من أجمل الأشياء في الإسلام الإيمان بالغيب {مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَانَ بِالغَيْبِ}  لأنه لا يخشى الرحمان بالغيب إلا من يتذكَّر، ولا يتذكّّر إلا من يُنيب، كيف ذلك؟ الأحاديث والآيات القرآنية أيضاً قبل ذلك تخبرنا بأنه في اللحظة التي تقوم فيها الساعة -لا جعلنا الله من أهلها-، في الحديث الصحيح >لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق<، والعياذ بالله، في هذه اللحظة، عدد من الناس أو ربّما كل الناس  سيقولون “آمنا بالله”، فلا يُقبَل منهم حينئذ إيمان، وكذلك إذا جاءت العلامات الكبرى كطلوع الشمس من مغربها، أو اللحظة التي يشعُر فيها الإنسان بالموت، كما حصل لفرعون في غَرَقِه، وأي إنسان غَرْغَر، {فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ الحُلْقُومَ} (الواقعة: 83)، عندما تصل الروح، في تلك الساعة إذا لم يكن عنده إيمان سابق لا ينفعه إيمان، أما >من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة< وفي أحاديث كثيرة بصيغ مختلفة. فهذا بالنسبة للمسلم، أما غير المسلمِ فلا يُقبل منه إيمانه حينئذ، لماذا؟ لأن الإيمان، المطلوب هو الذي يكون بالغيب، {مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالغَيْبِ}، {الَم. ذَلِكَ الكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ. الذِّينَ يُومِنُونَ بِالغَيْبِ} (البقرة: 1- 3) -هي الأولى- لأن الإنسان حينما يُغرغِر، أو حينما تقوم الساعة وهو يرى، لم تعد هناك قيمة للإيمان بالغيب، لماذا؟ لأنه أصبح يرى بعينه، فالإنسان إذا حضرته الوفاة يرى ما لا يراه الأحياء، {فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} (ق: 22)، والذي قامت عليه السَّاعة -والعياذ بالله- يرى السَّاعَة قائمة بعينه، يرى الأمور تغيرت يرى القمر وقد انشقّ، والنجوم تشتتت، يرى اختلالاً في توازن الكواكب والنجوم والمَجرَّات، أو يرى الشمس، طالعة من مكان الغروب يرى أموراً غريبة،  لم يعد هناك  شيء اسمه عالَم الغيب، أصبح يرى الحقائق بعينيه، والله عز وجل طلب منه أن يُؤمِن به قبل أن يرى هذه الأشياء، والامتحان هو أن تؤمن قبل أن ترى، في الامتحان لا يمكن أن تطرح الأسئلة على تلميذ ثم تمكنه من الكتاب أو الكراسة و تسمح له بنقل الجواب هذا ليس امتحاناً، إنما الامتحان بالغيب، امنع عنه الكتاب أو المصحف أو الدفتر ولْيَسْتظهر، هذا غيب، هذا امتحان حقيقي، وإنما خُلِق الإنسان وأُنزل إلى الأرض للامتحان، فالامتحان إذن يكُون بالغيب، ولكن الله عز وجل  لم يعطنا أسئلة فوق طاقتنا، {أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُم كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ. وَالارْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ. تَبْصِرَةً} (ق: 6-  8)، لكي نرى، ولكن بعين البصيرة، {وَذِكْرَى} للتدبُّر والتّفكُّر، {لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ}.

——-

(ü) منزلة الإنابة  من حلقات منازل الإيمان التي ألقيت بمسجد الجامع الأعظم بمكناس وهي مادة مسجلة على شريط سمعي .

أعدها للنشر : عبد الحميد الرازي

د. فريد الأنصاري رحمه الله تعالى

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>