قصص الذين أكرمهم الله بحسن الخاتمة كثيرة في الماضي والحاضر وقد عشنا بعضها وسمعنا قصصا مشوقة لتائبين رجعوا إلى ربهم فأقلعوا عما كانوا يقترفون وأقبلوا على الله بإخلاص فأصبحوا قدوة يقتدي بهم الكثيرون ممن شاهدوا توبتهم أو سمعوا قصص عودتهم إلى ربهم، ومن هؤلاء من وصل درجات عليا في حياته الجديدة وكان بعضنا يلتمس الدعاء من بعض هؤلاء ولاسيما الذين طلقوا الدنيا وخافوا الفتن فاختاروا العزلة، ومنهم من شمر عن ساعديه واندفع بحماس وتعقل لإنقاذ بعض أصحابه ورفقائه ممن كانوا غارقين في الشهوات فنجح كثيرا وأخفق قليلا وما يزال مستعينا بالله يحاول ويحاول ويتجه إليه بمزيد من الإخلاص أن يفتح أبواب التوفيق أمام هؤلاء الغافلين وقد كان شيوخنا ينصحوننا بالصبر والتفاؤل ويتهم نفسه بالتقصير {وفوق كل ذي علم عليم} ومازلت أذكر أننا حاولنا مع بعض الضالين لاقناعه بالإسلام دون جدوى فأمسكه شيخنا أبو عمر الداعوق وصاحبه سويعات واستطاع أن يؤثر فيه بحكمة وروية وخاطبنا الرجل بقوله : “إن شيخهم استولى على عقلي وروحي وحدثني حديث الربانيين ففتح الله قلبي لحديثه…”.
لقد عرفت شخصاً مبتلى بالخمر لكنه يلوذ دائماً بالصمت ويتكلم قليلا وكنت إذا لقيته أبشره أنه مِن أهل الجنة إن شاء الله ولم نلتق ست سنوات لغيابي في الشرق فلما عدت وجدته ما يزال كما كان ومع ذلك كنت أبشره أنه من أهل الجنة إن شاء الله، حكى لي رئيسه بأنه فكر في توبة هذا الرجل فناداه ذات يوم وبلّغه أن إدارته اختارته للحج هذه السنة فاستعصى عليه وحاول إقناعه متحدياً : إذا كنتم عازمين أن أحج فعليكم مضاعفة المبلغ فأجابه : الإدارة مستعدة أن تضاعف المبلغ فخضع لرئيسه وسافر للحج مع بعض أسرته، ولما أتم حجه وبينما هو في يومه الأخير في مِنىً ارتفعت نسبة السكريفوضع رأسه على فخذ خالته، فشعروا بخطورة حالته فبادروا بنقله إلى المستشفى بمكة المكرمة وظل أياما قليلة فإذا به يسلم روحه، وقد أتم حجته، فدفنته أسرته التي كان بعضها معه، فلما نقلوا الخبر إلى أهله أخبروهم أن الله أكرمه بولد ذكر بعدما ولد له أربع أو ثلاث بنات.
إن أبواب التوبة مفتوحة وعلى كل واحد منا أن يستمر في الدعوة إلى الله والهداية بيده سبحانه المهم ألاّ تيأس وحاول، واستعن بالإخلاص في التوبة ولا تنس أن تستعين بالحكماء في مجال الدعوة إلى الله.
نسأل الله حسن الخاتمة لنا.
أ.د. عبد السلام الهراس