نافذة على التراث – من آثار الحداء بالشعر عند العرب..


من آثار الحداء بالشعر عند العرب

أخبرنا أبو حاتم السجستاني قال: أخبرنا عبد الله بن علي السراج قال: حكى أبو بكر محمد بن داود الدينوري الرقي قال: كنت في البادية، فوافيت قبيلة من قبائل العرب، وأضافني رجل منهم، فرأيت غلاماً أسود مقيداً هناك. ورأيت جمالاً قد ماتت بفناء البيت، فقال لي الغلام: أنت الليلة ضيف، وأنت على مولاي كريم، فتشفع لي؛ فإنه لا يردك. فقلت لصاحب البيت: لا آكل طعامك حتى تحل هذا العبد. فقال: هذا الغلام قد أفقرني وأتلف مالي!! فقلت: فما فعل؟

فقال: له صوت طيب، وكنت أعيش من ظهر هذه الجمال، فحملها أحمالاً ثقيلة، وحدا لها حتى قطعت مسيرة ثلاثة في يوم واحد، فلما حط عنها ماتت كلها، ولكن قد وهبته لك وأحلَّ عنه القيد. فلما أصبحنا أحببت أن أسمع صوته، فسألته عن ذلك، فأمر الغلامَ أن يحدو على جمل كانعلى بئر هناك يستقي عليه، فحدا الغلام.. فهام الجمل على وجهه وقطع حباله، ولم أظن أني سمعت صوتاً أطيب منه، فوقعت لوجهي.. حتى أشار إليه بالسكوت.

> الرسالة القشيرية

عبادة التفكر

في الخبر تفكر ساعة خير من عبادة سبعين سنة وكان عيسى عليه السلام يقول طوبي لمن كان كلامه ذكراً وصمته تفكراً ونظره عبرة، وأن أكيس الناس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت. وقال كعب من أراد شرف الآخرة فليكثر من التفكر. وكان أفضل عبادة أبي الدرداء التفكر، وذلك لأنه يصل به إلى حقائق الأشياء وتبيين الحق من الباطل ويطلع بها أيضاً على خفايا آفات النفوس ومكائدها وغرور الدنيا ويتعرف بها وجوه الحيل في التحرز عنها والطهارة منها. قال الحسن رضي الله عنه الفكرة مرآة تريك حسنك من سيئك، ويطلع بها أيضاً على عظمة الله وجلاله إذا تفكر في آياته ومصنوعاته ويطلع بها أيضاً على آلائه ونعمائه الجلية والخفية فيستفيدبذلك أحوالاً سنية يزول بها مرض قلبه ويستقيم بها على طاعة ربه.

> إيقاظ الهمم شرح متن الحكم ابن عجيبة

في آداب المتعلم والمعلم

للمتعلم آداب ظاهرة كثيرة منها:

1- تقديم طهارة النفس عن رذائل الأخلاق ومذموم الأوصاف إذ العلم عبادة القلب وصلاة السر وقربة الباطن إلى الله تعالى؛ وكما لا تصح الصلاة التي هي وظيفة الجوارح الظاهرة إلا بتطهير الظاهر عن الأحداث والأخباث فكذلك لا تصح عبادة الباطن وعمارة القلب بالعلم إلا بعد طهارته عن خبائث الأخلاق وأنجاس الأوصاف. قال  : >بني الدين على النظافة< وهو كذلك باطناً وظاهراً قال الله تعالى : {إنما المشركون نجس} تنبيهاً للعقول على الطهارة والنجاسة غير مقصورة على الظواهر بالحس فالمشرك قد يكون نظيف الثوب مغسول البدن ولكنه نجس الجوهر أي باطنه ملطخ بالخبائث. والنجاسة عبارة عما يجتنب ويطلب البعد منه وخبائث صفات الباطن أهم بالاجتناب فإنهامع خبثها في الحال مهلكات في المآل.

2- أن لا يتكبر على العلم ولا يتآمر في العلم بل يلقي إليه زمام أمره بالكلية في كل تفصيل ويذعن لنصيحته إذعان المريض الجاهل للطبيب المشفق الحاذق. وينبغي أن يتواضع لمعلمه ويطلب الثواب والشرف بخدمته. قال الشعبي “صلى زيد بن ثابت على جنازة فقربت إليه بغلته ليركبها فجاء ابن عباس فأخذ بركابه فقال زيد: خل عنه يا ابن عم رسول الله  فقال ابن عباس: هكذا أمرنا أن نفعل بالعلماء والكبراء فقبل زيد بن ثابت يده وقال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا “. فلا ينبغي لطالب العلم أن يتكبر على المعلم، ومن تكبُّره على المعلم أن يستنكف عن الاستفادة إلا من المرموقين المشهورين وهو عين الحماقة فإن العلم سبب النجاة والسعادة. والعلم لا ينال إلا بالتواضع وإلقاء السمع قال الله تعالى : {إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد} ومعنى كونه ذا قلب أن يكون قابلاً للعلم فهماً، ثم لا تعينه القدرة على الفهم حتى يلقي السمع وهو شهيد حاضر القلب ليستقبل كل ما ألقى إليه بحسن الإصغاء والضراعة والشكر والفرح وقبول المنة. فليكن المتعلم لمعلمه كأرض دمثة نالت مطراً غزيراً فتشربت جميع أجزائها وأذعنت بالكلية لقبوله. ومهما أشار عليه المعلم بطريق في التعلم فليقلده وليدع رأيه فإن خطأ مرشده أنفع له من صوابه في نفسه إذ التجربة تطلع على دقائق يستغرب سماعها مع أنه يعظم نفعها.

>إحياء علوم الدين للغزالي

من أوصاف الدنيا

وقال علي كرم الله وجهه فيما كتبه إلى سلمان الفارسي رضي الله عنه إنما مثل الدنيا كمثل الحية لين مسها قاتل سمها فأعرض عنها وعما يعجبك منها لقلة ما يصحبك منها ودع عنك همومها لما تيقنت من فراقها، وكن أسر ما تكون فيها، أَحْذَر ما تكون منها فإن صاحبها كلما أطمأن فيها إلى سرور أشخص منها إلى مكروه

> إيقاظ الهمم شرحمتن الحكم ابن عجيبة

وقال ابن السماك في وصف الدنيا: طاعمها لا يشبع، وشاربها لا يروى، والناظر إليها لا يمل، ولم نر شيئاً أعجب منها ومن أهلها: يطلبها من هو على يقين من فراقها، ويركن إليها من لا يشك أنه راحل عنها.

> البصائر والذخائر  للتوحيدي

مكانة اللغة من علم الدين

أول ما يلزمه الإخلاص وتصحيح النية؛ لقوله  : >الأعمال بالنيات< ثم التحري في الأخذ عن الثقات؛ لقوله  : >إن العلم دِينٌ فانظروا عمن تأخذون دينكم<، ولا شك أن علم اللغة من الدِّين، لأنه من فروض الكفايات، وبه تعرف معاني ألفاظ القرآن والسنة، أخرج أبو بكر بن الأنباري في كتاب الوقف والابتداء، بسنده عن عمر ابن الخطاب ] قال: لا يُقْرِئ القرآن إلاّ عالم باللغة. وأخرج أبو بكر بن الأنباري في كتاب الوقف عن طريق عِكْرِمة عن ابن عباس قال: إذا سألتم عن شيء من غريب القرآن فالتمسوه في الشعر، فإن الشعر ديوان العرب.

> المزهر للسيوطي

وصـيـة

قال يونس النحوي: لا تعادين أحداً وإن ظننت أنه لا يضرك، ولا تزهدن في صداقة أحد وإن ظننت أنه لا ينفعك، فإنك لا تدري متى تخاف عدوك وترجو صديقك، ولا يعتذر إليك أحد إلا قبلت عذره وإن علمت أنه كاذب، وليقل عيب الناس على لسانك.

> البصائر والذخائر  للتوحيدي

من تعريفات البلاغة

قيل لعمرو بن عُبيد: ما البلاغة؟ قال: ما بَلَغَ بك الجنّة، وعدَلَ بك عن النَّار، وما بصَّرَك مواقعَ رُشْدِك وعواقبَ غَيِّك، قال السائل: ليس هذا أريد، قال: مَن لم يُحسنْ أن يسكُتَ لم يُحسن أن يَستمِع، ومَن لم يحسن الاستماع لم يحسن القول، قال: ليس هذا أريد، قال: قال النبي: إنّا مَعْشَرَ الأنبياء بِكَاءٌ أي قليلو الكلام، ومنه قيل رجل بَكئٌ، وكانوا يكرَهونَ أن يزيد منطِقُ الرجُل على عقْله، قال: قال السائل: ليس هذا أُريد، قال: كانوا يخافون مِن فِتنة القول، ومن سَقَطات الكلام،ما لايخافون من فِتنة السكوت ومن سَقَطات الصمت، قال السائل: ليس هذا أريد، قال عمرو: فكأَنَّك إنّما تريد تخيُّر اللّفظ، في حسن الإفهام، قال: نعم، قال: إنك إنْ أُوتيتَ تَقريرَ حُجّة اللَّه في عقول المكَلَّفِِين، وتخفيفَ المَؤُونة على المستمعين، وتزيينَ تلك المعاني في قلوب المريدينَ، بالألفاظِ المستحسَنة في الآذان، المقبولة عند الأذهان، رغبةً في سُرعة استجابتهم، ونَفْيِ الشّواغلِ عن قلوبهم بالموعظة الحسنة،على الكِتاب والسّنّة، كنْتَ قد أُوتِيتَ فَصلَ الخِطاب، واستوجبتَ على اللَّه جزيلَ الثّواب.

> البيان والتبين للجاحظ

> إعداد  : الدكتور عبد الرحيم الرحموني

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>