الشباب المسلم: الرسـالة والوظيفة، التحديات وسبل العلاج(2)


في الجزء الأول من هذا المقال تطرقنا إلى  عنصرين تناولنا الحديث فيهما عن أهمية الشباب وعناية الإسلام به منذ البدايات الأولى بل وحتى قبل الولادة.

كما تحدثنا عن رسالة الشباب العظيمة ووظيفته الكبيرة في الحياة والمجتمع.

وسنتناول في هذا الجزء بحول الله تعالى الشباب والتحديات التي تواجهه.

ثالثا – الشباب والتحديات التي تواجهه :

تواجه الشباب المسلم المعاصر تحديات جسيمة وخطيرة، تؤثر فيها عوامل كثيرة، ومن أخطر هذه التحديات ما يلي :

1- تحدي الانحرافات الخطيرة :

إن انحراف الشباب في زمننا أصبح يشكل ظاهرة اجتماعية بارزة للعيان لا أحد ينكرها حتى الشباب أنفسهم.

ويتخذ هذا الانحراف صورا عدة منها:

أ- الانحراف الأخلاقي والسلوكي: الذي كاد يكون السمة الغالبة على شباب اليوم، كالتحلل من الأخلاق الفاضلة، والتخلق بالأخلاق الفاسدة كالدعة والميوعة والانحلال، مما دفعهم إلى الارتماء في أحضان الزنا والعلاقات اللاشرعية وإضاعة الوقت في اللعب واللهو والترفيه غير الهادف.

ومن أخطر مظاهر الانحلال: تبرج الفتيات وسفورهن، وتعقب الموضات في اللباس وحلاقة الشعر والصباغة وإطالة الأظافر وربط العلاقات المحرمة مع الشباب في مؤسسات التربية والتعليم وفي الشارع وفي غيرها من المحاضن الخاصة والعامة، مما أدى إلى ضياع الدين والعرض والحياء .

ومنها أيضا:التدخين والحشيش وشرب الخمر ولعب القمار وما إلى ذلك من صور الانحراف الأخلاقي والسلوكي العام.

ب- الانحراف الفكري والثقافي :ومن أسباب هذا الانحراف الخطير الغزو الثقافي المسلط على مجتمعاتنا اليوم، يقول  المفكر الغربي الشهير زويمر مبرزا الدور الخطير الذي تقوم به مؤسسات الغزو الثقافي والنتائج المدمرة التي حققها قادة الغربوزعماء الاستكبار العالمي في هذا الزمان: (لقد استطعنا أن ننشئ جيلا من الشباب المسلم قطعنا صلتهم بالإسلام)(15)، فكرا وعقيدة، عبادة وأخلاقا، سلوكا ومعاملة .

ج -الانحراف النفسي والاجتمــاعي : فمعظم الشباب اليوم تائه ضائع يعيش في حيرة من أمره، مما جعله يتأزم نفسيا واجتماعيا، ويفقد الأمل ويعيش في يأس وقلق واضطراب وتيه وانحراف.

د- التطرف الديني والتعصب الطائفي والمذهبي، ويرجع هذا الانحراف إلى سوء فهم الإسلام وتعاليمه السمحة وقيمه الرفيعة، وكذلك إلي ضعف التوجيه والتسديد من العلماء والدعاة والمربين والجهات المسؤولة في الدولة والمجتمع والأسرة.

هـ- الانحراف العقدي : كاعتقاد الكثير من الشباب بالعقائد والفلسفات المادية الإلحادية كالشيوعية، والوجودية وغيرها من الاعتقادات الضالة كالنصرانية واليهودية، وهذه العقائد وغيرها من العقائد القديمة والجديدة المنحرفة الباطلة مردودةعلى صاحبها، قال تعالى: {ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين}(آل عمران : 85).

و- الانحراف الاجتماعي والقانوني : كالعنف والإرهاب و الميل نحو الإجرام والاغتصاب و القتل و السرقة والشذوذ الجنسي والإدمان على المخدرات..

ز- الانحراف الاقتصادي : كالبذخ والإسراف و المباهاة بالملابس و الحلي والزينة وضياع المال فيما لا يجدي نفعا، وكالقيام بالمعاملات المالية المحرمة كالاقتراض والاستثمار الربوي وكالغصب والغش والسرقة والتدليس ونحو ذلك .

2- التحدي الإعلامي :

فالإعلام يعرف تنوعا وتطورا كبيرا، إلى درجة أصبح يهدد فيها بشكل خطير الفرد والأسرة و المجتمع، فالإعلام اليوم- في معظمه- معول هدم وتدمير وتخريب للشباب، فهو في غالبه إعلام إباحة، وميوعة، وإعلام ثقافة التبعية والرذيلة والتخنث والأخلاق الفاسدة التي لا تعرف للحياء معنى ولا للفضيلة وقارا ولا جمالا.

ثم إن التقدم العلمي والتقني في مجال الاتصال والمعلوميات، إذا لم يحسن الشباب استغلالها كانت وسائل تخريب له، فقد أثبتت بعض الدراسات الأمريكية قام بها ذ.ميغان أرهوند من قسم الدراسات الشرق أوسطية أن معظم الشباب المغربي الذي يستخدم الانترنيت (بالرباط) يبحرون في أماكن الميوعة للبحث عن علاقات غرامية.

3- تحدي انحراف الأسرة:

من أهم التحديات التي تواجه الشباب اليوم، تحدي انحراف الأسرة، ويتجلى في أمور عدة منها:

أ- تقصير الأبوين في تربية أبنائهم والعناية بهم منذ طفولتهم.

ب- انحراف الأبوين وهو من أخطر الأسباب في انحراف الشباب والشابات سلوكيا وأخلاقيا وفكريا، فالأبناء غالبا ما يقتدون بآبائهم وأمهاتهم في الخير والشر.

ج- تفكك الأسرة وتفسخ الحياة الزوجية مما يؤثر في الأبناء تأثيرا خطيرا نفسيا وسلوكيا …  .

د- سوء معاملة الأبوين للشباب، كالتعامل معهم بالعنف لحل المشاكل بدلالحوار معهم بالتي هي أحسن، وإقناعهم بحقيقة الأمور بدل إرغامهم عليها .

4- تحدي المدرسة، ويظهر فيما يلي:

أ- عقم المناهج التربوية وكسادها، مما أدى إلى فشلها في تحقيق وظيفتها التربوية والتعليمية والعلمية والحضارية .

ب-  اضطراب الرؤية وفساد الفلسفة التي بني عليها النظام التعليمي في بلادنا.

ج- تقليد الآخر في مناهجه وبرامجه التعليمية، ونسخها والارتماء في أحضانها، وإن عف الزمان عنها.

د- غياب الأهداف الحقيقية من النظام التربوي والتعليمي العام.

هـ- ضعف المواد التربوية الأصيلة التي لها علاقة بالدين والحضارة والهوية، إلى غير ذلك من المشاكل التي تعاني منها المنظومة التعليمية في بلادنا منذ الاستقلال إلى الآن.

و-  عدم كفاية المؤسسات الحاضنة للتربية والتعليم للمتعلمين في أوطاننا، وهشاشة بنيتها وفسادها وعدم صلاح معظمها للتعلم والتعليم .

ز- غياب المربي القدوة والإداري القدوة، وبغياب ذلك غابت المؤسسة النموذجية القدوة التي تخرج الخريج القدوة، الذي يهتم بإصلاح البلاد والعباد، ويقدم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، ويتفانى في إعمار بلاده ونفع أهلها.

ح- تفشي ظاهرة الغش في الامتحانات…الخ .

5- تحدي العولمة :

من الأهداف الخطيرة للعولمة الحديثة تعميم الفكر والثقافة والقوانين والنظم والأخلاق والسلوك الاجتماعي للدول الغالبة المسيطرة على الدول المغلوب على أمرها، وفي مقدمتها الدول العربية والإسلامية التي أصبح قادتها وزعماؤها ومؤسساتها وهيآتها يقتدون بالغالب في كل شيء، حتى إذا دخلوا جحر ضب دخلوه معهم .

ومن أخطر مظاهر هذا التحدي تعميم النموذج الواحد للمرأة فكرا وسلوكا، دون اعتبار للقيم والمعتقدات(16).

——-

15- أنظر كتاب : قادة الغرب يقولون دمروا الإسلام أبيدوا أهله .

16- المؤتمرات الدولية التي عقدت بهذا الشأن: مؤتمر التنمية والسكان بالقاهرة 1994، مؤتمر بكين 1995 حول المرأة والطفولة والشباب، مؤتمر كوبنهاكن…

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>