الأرض المباركة من خلال بعض نصوص القرآن والسنة


إن أمر المسجد الأقصى ومدينة القدس وفلسطين أمر يهم المسلمين أجمعين،  وليس كما يدعي بعض المغرر بهم،  من أن هذا شأن الفلسطينيين وحدهم نزولا عند رغبة الصهاينة المحتلين،   ولكن الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم قد جعلا لكل المسلمين بنص الكتاب والسنة حقا في جزء من هذه الأرض المباركة، وفي المقابل أوجبا علينا نصرته بكل أنواع النصرة، رغم تخاذل المتخاذلين، واستسلام المنهزمين إلى يوم الدين.

ومما لا شك فيه أن مدينة القدس  من أرض فلسطين التي تتشرف بوجود المسجد الأقصى وقبة الصخرة على أرضها، تعتبر من أهم أماكن العبادة عند المسلمين، وقد ورد  ذكرها في عدد من آيات القرآن الكريم وأحاديث المصطفى الأمين،  وهي قبلة المسلمين الأولى،  وثالث الحرمين الشريفين،   ومهبط الوحي، وموطن الأنبياء والصالحين،  ومنها عرج  بالرسول الكريم إلى السماء، كما تعتبر من أهم المراكز الأثرية في العالم.لذلك فإن علاقة المسلمين بهذه الأرض ليست  مجرد علاقة بأرض، ولكنها علاقة إيمان وإسلام، والانتماء للقدس دليل عزة وكرامة،  وخذلانها  خذلان للإسلام والمسلمين،  وتنصل من مسؤولية الدفاع عن الممتلكات التي دعانا الإسلام لبذل الغالي قبل الرخيص من أجلها.

وتعتبر القدس بؤرة الصراع الإسلامي-الصهيوني،  وهي بمثابة  العنوان الكبير في الرؤية الإسلامية كما هوالحال في الفكر الصهيوني،  غير أن أسلوب العمل يختلف وقبله اختلاف النوايا،  أما عند المسلمين فقد جسدتها العهدة العمرية لأهل القدس والتي عاش في ظلها أهل بيت المقدس في أمان واطمئنان تحت الحكم الإسلامي،  وأما عند اليهود فإن أهمية القدس تتجلى في تدمير المقدسات الإسلامية كهدف رئيس للحركة الصهيونية المعادية لكل الشرائع السماوية،  وتجسدت فى كثير من المواقف والقوانين والقرارات لتهويد القدس وإقامة المستعمرات وطرد المواطنين الأصليين وسفك دمائهم بل وحرق المقدسات الإسلامية وهدم المنازل،  بل وحتى المقابر،  وبناء المستوطنات وتغيير حدود القدس، وتغيير أسماء الأحياء العربية والإسلامية وتغيير تركيبة السكان،  وتصدير الإرهاب للعالم. وإحراج الدول والحكومات، كل هذا يحدث أمام أعين (العرب والمسلمين) .

كل هذا حدث ويحدث عندما تناسى المسلمون أن هذه المقدسات هي فعلا مقدسات بنص الكتاب والسنة وجب الدفاع عنها وحمايتها، فماذا قال الله ورسوله في القدس وبيت المقدس وفلسسطين؟

1- في القرآن الكريم :

بسم الله الرحمن الرحيم

{سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هوالسميع البصير}(الإسراء : 1).

لم تذكر الأرض المقدسة في  سورة الإسراء وحدها ولكن ذكرت في غير ما آية.

يقول ربنا الكريم : {ونجيناه ولوطا إلى الارض التي باركنا فيها للعالمين}(الأنبياء : 71).

ويقول جل جلاله : {ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلى الارض التي باركنا فيها، وكنا بكل شيء عالمين}(الأنبياء : 80).

والأرض المباركة هي ما حول المسجد الأقصى بدءا بالقدس،  وذلك باتفاق الآراء.

{ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الارض يرثها عبادي الصالحون}(الأنبياء : 104).

{وجعلنا ابن مريم وأمه آية، وءاويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين}(المؤمنون : 51).

يقول ابن عباس : هي بيت المقدس .

{في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال…}(النور :36).

{وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة، وقدرنا فيها السير، سيروا فيها ليالي وأياما آمنين}( سبأ:18).

وهوما كان بين مساكن سبأ في اليمن،  وبين قرى الشام من العمارة القديمة، فباركنا فيها أي الشام،  ومنها القدس مركز البركة .

وقال جل جلاله في سورة التين :

بسم الله الرحمن الرحيم

{والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الامين} فالتين بلاد الشام، والزيتون بلاد فلسطين، وطور سينين :الجبل الذي كلم فيه الله تعالى موسى \،  والبلد الأمين مكة . كما قال  ابن عباس  رضي الله عنه.

هذه بعض الآيات وهناك آيات أخرى ذكر المفسرون أنها تدل على بلاد الشام،  التي منها بيت المقدس.

من خلال هذه  الآيات الكريمات تتبين لنا مكانة المسجد الأقصى والأرض المباركة حوله، وهي مكانة لها  من القداسة التي منحها الله إياها ما يجعلنا نرتبط بها ونقدسها ونعمل على تحريرها من يد المحتل الغاصب.

لقد ربط القرآن الكريم بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى، وهما مكانان خاصان لله عز وجل .

لقد أكرم الله سبحانه المسجد الأقصى والقدس حين أسرى برسوله صلى الله عليه وسلم إليهما، ليؤكد قدسيتهما،  ويشرفهما بزيارة خاتم الأنبياء والمرسلين، وقد اتفق العلماء على أن الحكمة من الإسراء هي تثبيت ديانة التوحيد في القدس الشريف، وأن القدس ستبقى أرض  توحيد لله عز وجل، لا يختلط فيها دين الله بشيء.ودين الله هوالإسلام. {إن الدين عند الله الاسلام} ومن خلال سورة الإسراء،  التي ربط فيها الله تعالى بين المسجد الأقصى والمسجد الحرام،  يتبين أن الحرب بين الحق والباطل ستدور بعض فصولها المهمة على أرض فلسطين والقدس،  وستكون الغلبة في هذه الحرب، للحق وللمسلمين في النهاية .

2- في الأحاديث النبوية :

يكتسب المسجد الأقصى شرفه من القرآن الكريم ويكفيه ذلك شرفا وعزا ومكانة،  وزيادة في التأكيد فقد وردت على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أحاديث عدة تبين فضل المسجد الأقصى وبيت المقدس وشرفه في الإسلام،  ومنها:

ما روى البخاري،  ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: >لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثةمساجد: المسجد الحرام،  ومسجدي هذا والمسجد الأقصى<.

وروى مسلم عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: >أتيت بالبراق فركبته حتى أتيت بيت المقدس فربـطـته بالحلقة التي يربط فيها الأنبياء ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين،  ثم عـرج بي إلى السماء<.

وروى الإمام أحمد عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: >لما فرغ سليمان بن داود من بناء بيت المقدس سأل الله خلالا ثلاثا: حكما يصادف حكمة،  وملكا لا ينبغي لأحد من بعده،  وألا يأتي هذا المسجد أحد لا يريد إلا الصلاة فيه؛ إلا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه”. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: >أما اثنتان فقد أعطيهما،  وأرجوأن يكون قد أعطي الثالثة<.

وروى أحمد وأبوداود عن ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت: “قلت يا رسول الله: أفتنا في بيت المقدس”،  قال: >أرض المحشر والمنشر،  ائتوه فصلوا فيه،  فإن صلاة فيه كألف صلاة في غيره،  قلت: أرأيت إن لم أستطع أن أتحمل إليه؟ قال: فتهدي له زيتا يسرج فيه،  فمن فعل فهوكمن أتاه<.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: >لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أبواب دمشق وما حوله،  وعلى أبواب بيت المقدس وما حوله،  لا يضرهم من خذلهم ظاهرين على الحق  إلى أن تقوم الساعة<.

وأخرج الحاكم وصححه ووافقه الذهبي عن أبي ذر رضي الله عنه قال : تذاكرنا – ونحن عند رسول الله  صلى الله عليه وسلم  أيهما أفضل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أم بيت المقدس؟،  فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “صلاة في مسجدي هذا أفضل من أربع صلوات فيه ولنعم المصلى هو،  وليوشكن أن يكون للرجل مثل شطن فرسه من الأرض حيث يرى منه بيت المقدس خير له من الدنيا جميعاً”. أوقال: >خير له من الدنيا وما فيها<.

وأورد الألباني في صحيح الجامع الصغير، قال صلى الله عليه وسلم: >عليكم بالشام فإنها صفوة بلاد الله،  يسكنها خيرته من خلقه،  فمن أبى فليحلق بيمنه،  وليسق من غدره،  فإن الله تكفل لي بالشام وأهله<.

وقال صلى الله عليه وسلم: >إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم،  لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة<(صححه الألباني).

من خلال الأحاديث المذكورة وغيرها،  تظهر لنا كذلك تلك المنزلة العلية التي حضيت بها تلك البقعة الطاهرة منذ عهود النبوة وحتى آخر عصور الخلافة الإسلامية،  بل إلى يوم القيامة.

خــلاصــة :

منذ أن استلم عـمر بن الخطاب رضي الله عنه مفاتيح القدس والمسلمون يحافظون عليها حتى جاء من فرط فيها بسبب البعد عن الدين والولاية العمياء للكافرين والملحدين،  لتسلم بعد ذلك لليهود الغادرين،  غير أن دوام الحال من المحال،  وأمة ولدت عمر بن الخطاب وصلاح الدين  لن يتوقف عزمها ولن يضيع الحق منها مادام فيها أمثال إسماعيل هنية وخالد مشعل ومادام فيها نسوة يفتخرن بتقديم الشهيد تلوالشهيد،  وما دام في المسلمين إيمان وإسلام،  هكذا بشر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم المؤمنين الصادقين الصابرين المحتسبين: >لا تزال عصبة من أمتي يقاتلون على أبواب دمشق وما حولها،  وعلى أبواب بيت المقدس وما حوله لا يضرهم من خذلهم،  ظـاهـرين على الحق إلى أن تقوم الساعة< فلن ينقطع الجهاد، وسوف يستلم المسلمون  مفاتيح الـقـدس ثانية،   فمن لم يحدث نفسه بغزوفهذه فرصته فليحدث نفـسه صادقا من قلبه ليشهد بشارة النبي صلى الله عليه وسلم،  فيفوز بمنزلة الشهداء،  وهومن تلك العصابة وإن مات على فراشه.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>