نافذة على التراث


نــســوة  أعـــلام

عرف التاريخ الإسلامي عددا كبيرا من أعلام النساء اللواتي كان لهن دور كبير في المجتمع وتعليم أفراده بالإضافة إلى القدوة الحسنة.

من هؤلاء النسوة: أم محمد زينب بنت أحمد  بن عمر بن أبي بكر بن شكر المقدسية. قيل في ترجمتها بأنها إحدى المعمرات، وإحدى المسندات،  وسمعت من غير واحد من كبار العلماء، وتفردت في وقتها. وكانت رحلة زمانها، رحل إليها من الأقطار وصارت مُسندة عصرها، وحدثت بدمشق ومصر والمدينة والقدس. كانت تقيم مع ولدها، وكان مهندساً. وهي والدة الشيخ محمد بن أحمد القصاص. توفيت رحمها الله تعالى عن أربع وتسعين سنة، سنة اثنتين وعشرين وسبع مئة.

> السلوك لمعرفة دول الملوك للمقريزي.  مرآة الجنان وعبرة اليقظان لليافعي

ومنهن أم الخير رابعة ابنة إسماعيل العدوية البصرية مولاة آل عتيك الصالحة المشهورة؛ كانت من أعيان عصرها، وأخبارها في الصلاح والعبادة مشهورة.

وقال يوماً عندها سفيان الثوري: واحزناه! فقالت: لا تكذب بل قل واقلة حزناه، لو كنت محزوناً لم يتهيأ لك أن تتنفس.

وقالت لأبيها: يا أبه، لست أجعلك في حل من حرام تطعمنيه، فقال لها: أرأيت إن لم أجد إلا حراماً؟ قالت: نصبر في الدنيا على الجوع خير من أن نصبر في الآخرة على النار.

وكان أبو سليمان الهاشمي له بالبصرة كل يوم غلة ثمانين ألف درهم، فبعث إلى علماء البصرة يستشيرهم في امرأة يتزوجها، فأجمعوا على رابعة العدوية، فكتب إليها: “أما بعد فإن ملكي من غلة الدنيا في كل يوم ثمانون ألف درهم وليس يمضي إلا قليل حتى أتمها مائة ألف إن شاء الله، وأنا أخطبك نفسك، وقد بذلت لك من الصداق مائة ألف وأنا مصير إليك من بعد أمثالها، فأجبيبيني”. فكتبت إليه: “أما بعد فإن الزهد في الدنيا راحة القلب والبدن، والرغبة فيها تورث الهم والحزن، فإذا أتاك كتابي فهيء زادك وقدم لمعادك، وكن وصي نفسك ولا تجعل وصيتك إلى غيرك، وصم دهرك واجعل الموت فطرك، فما يسرني أن الله خولني أضعاف ما خولك فيشغلني بك عنه طرفة عين والسلام”.

وقالت امرأة لرابعة: إني أحبك في الله، فقالت لها: أطيعي من أحببتني له. وكانت رابعة تقول: اللهم قد وهبت لك من ظلمني فاستوهبني ممن ظلمته.

> وفيات الأعيان ابن خلكان 228

أقــوال بليغة

لـما أحتضر معاوية رفع يديه وقال متمثلاً: الطويل

هو الموت لا أدهى من الموت والذي

أحاذر بعد الموت أدهى وأفـظـع

ثم قال: اللهم فأقل العثرة، واعف عن الزلة، وعد بحلمك على جهل من لا يرجو غيرك، ولا يثق إلا بك، فإنك واسع الرحمة تعفو بقدرة، وما وراءك مذهب لذي خطيئة موبقة، يا أرحم الراحمين.

فبلغ سعيد بن المسيب قوله فقال: لقد وفق عند الموت في الطلب إلى من لا مثله مطلوب إليه، فإن ينج أبو عبد الرحمن من النار غداً فهو الرجل الكامل؛ ما أخوفني عليه!

كتب أبو بكر ] إلى خالد بن الوليد: اعلم أن عليك عيوناً من الله عز وجل ترعاك وتراك، فإذا لقيت العدو فاحرص على الموت توهب لك السلامة، ولا تغسل الشهداء من دمائهم فإن دم الشهيد يكون نوراً له يوم القيامة.

قال عبد الملك بن صالح للرشيد: سرك الله فيما ساءك، ولا ساءك فيما سرك، وجعل هذه بهذه جزاء للشاكر. وثواباً للصابر.

> البصائر والذخائر   أبو حيان التوحيدي

قيل لعلي ]: كم بين السماء والأرض؟ قال: دعوة مستجابة، قيل: فكم بين المشرق والمغرب؟ قال: مسيرة يوم للشمس، قيل: فكيف يحاسب الله يوم القيامة الخلق على كثرة عددهم؟ قال: كما يرزقهم في الدنيا على كثرة عددهم.

وقال علي بن أبي طالب ] : الدنيا دار صدق لمن صدقها، ودار عافية لمن فهم عنها، ودار غنى لمن تزود منها، مهبط وحي الله تعالى، ومصلى أنبيائه، ومسجد أوليائه، اكتسبوا فيها الحسنة، ونالوا الرحمة، فمن ذا يذمها وقد آذنت ببينها، ودعت إلى خرابها، ترغيباً وتخويفاً. فيا أيها الذام للدنيا متى استذمت إليك؟ متى غرتك؟ أبمنازل آبائك من البلى أم بمضاجع أمهاتك في الثرى؟ ثم أشرف على أهل المقابر فقال: يا أهل الغربة، ويا أهل التربة، أما المنازل فقد سكنت، وأما الأزواج فقد هدمت، وأما الأموال فقد قسمت، هذا خبر ما عندنا، فليت شعري ما خبر ما عندكم؟ ثم التفت إلى أصحابه وقال: والذي نفسي بيده لو أذن لهم في الكلام لأجابوا: ألا إن خير الزاد التقوى.

> البصائر والذخائر   أبو حيان التوحيدي

مـــواعــظ

دخل عمرو بن عبيد على أبي جعفر المنصور، فقال: عِظْني، فقال: يا أميرَ المؤمنين، إنَ اللّه أعطاكَ الدنيا بأسْرِها، فاشْتَرِ نفسَك منه ببعضها؛ يا أميرَ المؤمنين، إن هذا الأمرَ لو كان باقياً لأحَدٍ قبلَك ما وصل إليك، أَلمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُكَ بِعَادِ إرَمَ ذاتِ العِمادِ؟ قال: فبكى المنصور حتى بَل ثوبه. ثم قال: حاجتَك يا أبا عثمان! – وكان المنصور لَمَّا دخل عليه طرَح عليه طَيْلَساناً -، فقال: يُرْفَعُ هذا الطيلسان عني! فرُفع. فقال أبو جعفر: لا تَدَعْ إتياننا؛ قال: نعم، لا يضمُني وإياك بلد إلاّ دخلتُ إليك، ولا بَدَتْ لي حاجة إلاَ سألتُكَ، ولكن لا تُعْطِني حتى أسألك، ولا تَدْعُني حتى آتيك، قال: إذاً لا تأتينا أبداً.

وقد رُوي مثل هذا لابن السماك مع الرشيد.

وقوله: لو كان هذا الأمر باقياً لأحدٍ قبلَك ما وصل إليك كقول ابن الرومي: الطويل:

لعمرُك ما الـدُّنـيا بـدارِ إقــامةٍ     إذا زال عن عَيْنِ البصيرِ غِطاؤها

وكيف بقاءُ الناسِ فيهـا وإنـمـا       يُنال بأسْبَاب الفَنَاء بـقـاؤهـا

ووعظ شبيب بن شبة المنصور، فقال: يا أمير المؤمنين، إن اللّه لم يجعل فوقك أحداً، فلا تَجْعَلْ فوق شكره شكراً.

ودخل عمرو بن عبيد على المنصور وعنده المهدي فقال له: هذا ابنُ أخيك المهدي، وليُ عهد المسلمين، فقال: سمَيْتَه اسماً لم يستحقّ حمله، ويفضي إليكَ الأمر وأنت عنه مشغول.

وكان عمرو بن عبيد يقول: اللهمَ أغْنِنِي بالافتقارِ إليك، ولا تُفْقرْني بالاستغناء عنك.

وقال له المنصور: يا أبا عثمان، أعِنَي بأصْحَابك: قال: يا أميرَ المؤمنين، أظْهِرِ الحق يَتْبَعْكَ أهلُه.

بين الفضيل بن عياض وهارون الرشيد

عن الفضل بن الربيع قال: حج أمير المؤمنين الرشيد، فأتاني فخرجت مسرعاً، فقلت: يا أمير المؤمنين لو أرسلت إليَّ أتيتك فقال: ويحك قد حَكَّ في نفسي شيء فانظر لي رجلا أسأله. فقلت …ها هنا الفضيل بن عياض. قال: امض بنا إليه. فأتيناه فإذا وهو قائم يصلي يتلو آية من القرآن يرددها. فقال: اقرع الباب. فقرعت الباب، فقال من هذا؟ فقلت أجب أمير المؤمنين. فقال ما لي ولأمير المؤمنين؟ فقلت: سبحان الله! أما عليك طاعة؟ أليس قد روي عن النبي  انه قال: ” ليس للمؤمن أن يُذل نفسه “. فنزل ففتح الباب ثم إرتقى إلى الغرفة… فقلت في نفسي: ليكلمنه الليلة بكلام نقي من قلب تقي.

فقال له الرشيد: خذ لما جئناك له رحمك الله. فقال: إن عمر بن عبد العزيز لما ولي الخلافة دعا سالم بن عبد الله ومحمد بن كعب القرظي ورجاء بن حيوة، فقال لهم: إني قد ابتليت بهذا البلاء فأشيروا عليَّ. فعدَّ الخلافة بلاء وعددتها أنت وأصحابك نعمة.

فقال له سالم بن عبد الله: إن أردت النجاة غدا من عذاب الله فصم عن الدنيا وليكن إفطارك من الموت.

وقال له محمد بن كعب القرظي: إن أردت النجاة من عذاب الله فليكن كبير المسلمين عندك أبا، وأوسطهم عندك أخا، وأصغرهم عندك ولداً، فوقر أباك، وأكرم أخاك، وتحنن على ولدك.

وقال له رجاء بن حيوة إن أردت النجاة غداً من عذاب الله عز وجل فأحبَّ للمسلمين ما تُحبّ لنفسك، واكره لهم ما تكرهُ لنفسك ثم مُت إذا شئت.

وإني أقول لك أني أخاف عليك أشد الخوف يوم تزل فيه الأقدام فهل معك رحمك الله من يشير عليك بمثل هذا؟

فبكى هارون بكاء شديدا حتى غشي عليه فقلت له أرفق بأمير المؤمنين فقال يا ابن أم الربيع تقتله أنت وأصحابك وأرفق به أنا؟ ثم أفاق فقال له: زدني رحمك الله فقال: يا أمير المؤمنين بلغني أن عاملا لعمر بن عبد العزيز شكا إليه، فكتب إليه عمر: يا أخي أذكرك طول سهر أهل النار في النار مع خلود الأبد، وإياك أن ينصرف بك من عند الله فيكون آخر العهد وانقطاع الرجاء. قال فلما قرأ الكتاب طوى البلاد حتى قدم على عمر بن عبد العزيز، فقال له: ما أقدمك؟ قال: خلعت قلبي بكتابك لا أعود إلى ولاية أبدا حتى ألقى الله عز وجل.

فبكى هارون، وقال له: عليك دين قال نعم دين لربي يحاسبني عليه، فالويل لي إن سألني، والويل لي إن ناقشني، والويل لي إن ألْهَمْ حجتي. قال: إنما اعني دين العباد. قال: إن ربي لم يأمرني بهذا، أمر ربي أن أوحده وأطيع أمره، فقال عز وجل: ” وما خلقتُالجن والانس إلّا ليعبدُون، ما أريدُ منهم من رزقٍ وما أُريد أن يُطعمون إن الله هو الرزّاق ذو القُوّة المتين”. فقال له: هذه ألف دينار خذها فأنفقها على عيالك وتقو بها على عبادك فقال: سبحان الله! أنا أدلك على طريق النجاة وأنت تكافئني بمثل هذا؟ سلمك الله ووفقك. ثم صمت فلم يكلمنا. فخرجنا من عنده فلما صرنا على الباب قال هارون: أبا عباس إذا دللتني على رجل فدُلني على مثل هذا، هذا سيد المسلمين.

> صفة الصفوة   لابن الجوزي

حـكــم

اصبر محتسباً مأجوراً وإلا صبرت مضطراً مأزوراً.

المإذا حضر الأجل افتضح الأمل.

من شارك السلطان في عز الدنيا شاركه في ذل الآخرة.

لا يُستبطأ الدعاء بالإجابة وقد سدت طريقه بالذنوب.

شكرك نعمةً سالفة يقتضي لك نعمة مستأنفة.

من قبل عطاءك فقد أعانك على الكرم.

لولا من يقبل الجور لم يكن من يجور.

من مدحك بما ليس فيك فحقيق بأن يذمك بما ليس فيك.

من تكلف ما لا يعنيه فاته ما يعنيه.

أطع من هو أكبر منك ولو بليلة.

حافظ على الصديق ولو في حريق.

أعظم المصائب انقطاع الرجاء.

إذا كُفيت فاكتفِ.

الليل أخفى للويل.

عين عرفت فذرفت.

> المحاسن والمساوئ للبيهقي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>