كثيرة هي الحالات الشاذة التي تطالعنا بها أعمدة الصحافة الوطنية المكتوبة يوميا بشأن قضايا تارة في شكل فضائح جنسية مهولة، وتارة أخرى من نوع أعمال وممارسات لا أخلاقية ماجنة.. لا يتورع مرتكبوها من ادعاء حق إعلانها والتبجح بها علانية باسم ما أصبح معترفاً به من ديمقراطية معوجة.. وحقوق إنسان وحرية تعبير مبالغ فيها.. أو حرية الجسد والفكر رغم كونها منافية لكل القيم والمبادئ الدينية والدنيوية التي تجرم مرتكبي مثل هذه التصرفات المخلة بالآداب العامة وبالسلوكيات المتعارف عليها لمساسها بالوضع الاجتماعي والأمني والديني لبلدنا. والأدهي والأمر أن تتولى هذه المنابر المحسوبة على الإعلام الوطني مهمة الترويح المجاني لها والدفاع عن أفكار أصحابها وإبداء كامل تعاطفها وتفاعلها مع دعاتها بنشر مبادئهم الوضيعة وتولية أمر ومهمة الذود عنها بكل جرأة ووقاحة بل وإظهار قناعاتها الراسخة تجاهها باستخدام كل أساليب وأشكال التنويه بها بل التمويه على الحقيقة بطريقة أو بأخرى في الاتجاه الذي يخدم مصالحها الشخصية رغم كونها تمثل انتهاكا صارخا لحرمة هذه الحقوق المزعومة نفسها فضلا عن حرمة مقدساتنا سواء الدينية أو الروحية أو الأخلاقية أو الاجتماعية وذلك على خلفية إيديولوجية معارضة وتوجهات حزبية مناهضة بل وحاقدة تحت يافطة ادعاءات زائفة تمليها حسابات سياسية ضيقة ….رغم أنف الدساتير والقوانين المعمول بها ورغم أنف الرقابة إن كانت رقابة متزنة. ورغم وجود صحافة متعقلة نموذجية الرافضة لمثل هذا الخط الإعلامي المهووس ينشر الأفكار المبتذلة أو الاقتيات على عصارتها المنتنة. وتبني القضايا الشاذة المتمردة على الوضع إلى جانب تخصصها في إثارة الفتنة والدب عن موقضيها. وثالث الأثافي المشهد الأرعن الرهيب الذي على الصورة المرفقة الذي هو عبارة عن نوع آخر منطرق الاستهتار والتحدي للمشاعر وقمة في العربدة اللاأخلاقية تجاه كل ما هو ديني مرتبط بالاحترام الواجب للمقدسات ولمشاعر المسلمين ولحرمة الأحياء منهم والأموات.
مشهد يحاول فيه صاحبه الجمع بين نقيضين: بين “المقدس” و”المدنس” بين مشهد قمة في الوعظ و”كفى بالموت واعظا” ومشهد في الدرك الأسفل… دون أدنى اعتبار أو مراعاة فرق لما يباعد بين المشهدين.. مشهد موكب جنائزي مهيب.. ومشهد دعاية وإشهار لأداة معصية هي الخمر.
مفارقات لا يخطر أمرها على بال لربما يريد أن يجعل منها صاحبها الواضع لهذا السيناريو الرهيب رهانه الأخير لحيازة قصب السبق والريادة والتفوق في مجال الرعونة واللامبالاة..
مجال لربما حتى أولئك الذين تقرع لهم أجراس الدعوة إلى اقتناء مثل هذا الوباء ـ أم الخبائث ـ يرفضون القبول به في وضع مماثل. ويريد هو أن يجعل منه قضية عادية مألوفة لقطع كل صلة بموضوع المقدسات والتأسيس لوضع إعلامي مغترب شاذ مضاد لا يؤمن بشيء ذو نزعة تخريبية هدفها الفساد والإفساد ليتأكد بصفة قطعية وبكل واقعية أن دعاة الرذيلة ومحاربي الفضيلة في هذا البلد ليسوا دائما من الذين ينتمون إلى الأوساط الاجتماعية الموسومة بالفقر والجهل والأمية . بل محاربوها وأعداءها هم من “كبار” المثقفين والفلاسفة والمنظرين ومن الأطر المتخصصة وهلم جرا المفروض فيهم وجوب الحفاظ على الأقل على الحد الأدنى من التعقل والشهامة والفهم والحياء إن لم يستطيعوا الدفاع عنها وعدم التعرض لها بسوء خصوصا إذا وجدوا في موقع مسؤولية وموضع أمانة وثقة في الأمة أو التلويح بمثل هذه الصورة القاتمة المتضمنة لقدر كبير من الجرأة على حرمات الله تعالى. وفي الأثر “من أراد واعظا فالموت يكفيه ومن أراد حجة فالقرآن يكفيه ومن لم يكفه شيء فالنار تكفيه”.
عبدالاله الجرار