فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها


من كان يظن -من الغافلين عن الله- أن أمريكا ستستيقظ يوما فتجد نفسها أمة مفلسة! ومن كان يصدق -من الذين صنعهم الغرب على عينه- أن كبير مجرميها ستخذله العبارات يوما فيلتجئ إلى العبرات؟ ومن كان منهم يتخيل أن >آلهة< الدنيا الجدد -كما يرون أنفسهم- سيضطرون إلى استجداء الآخرين وطلب مساعدتهم؟ ولكن هذا هو الواقع، فهل يعتبرون؟ أم تراهم في ضلالهم مستمرون، وفي غيهم يعمهون!

لقد كنا -نحن أهل الإيمان والإسلام- على يقين تام أن أمريكا تسير إلى هلاك متيقن، ودمار محقق، لأنها دخلت في حروب مع الله جل جلاله، ومن حارب الله قصمه الله {وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسباها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا}(الطلاق : 8- 9).

نحن كنا نرى أمما كثيرة طغت وتجبرت، لكنها لم تفلت من تدمير الله وإهلاكه، وهذه عاد بلغ من جبروتها أن تحدت الجميع وقالت {من أشد منا قوة} ونسيت قوة الله القوي العزيز، وقدرة الله القادر على كل شيء، فجاءها الدمار والهلاك، وتلاشت قوتها أمام قوة الله الجبار المنتقم، قال تعالى : {فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة؟ أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو  أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون}(فصلت : 15- 16).

وما كان طغيان أمريكا واستكبارها، واتكاؤها على قوتها ليمر دون عقاب من الله سبحانه، فكان أن أخذها ربنا على حين  غفلة من أهلها :

كل شيء على ما يرام، الخزائن عامرة والأبناك مليئة، والناس مزهوون بأموالهم المكدسة، وفجأة بدأت الأبناك تسقط كأوراق الشجر في الخريف. وانعكست أسهم بورصة وول ستريت إلى الأسفل ومعها مليارات الدولارات التي غازت وجفت إلا من دموع الظالمين..

وأصبح الأمريكان ومن على شاكلتهم يقلبون أكفهم على ما ادخروا في الأبناك وهي خاوية على عروشها كأن لم تمتلئ يوما، وهذه سنة الله في الظالمين في كل زمان، قال تعالى : {واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا كلتا الجنتين آتت أكلها ولم تظلم منه شيئا وفجرنا خلالهما نهرا وكان له ثمر فقال لصاحبه وهو يحاوره أن أكثر منك مالا وأعز نفرا ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا وما أظن الساعة قائمة ولئن رجعت إلى ر بي لأجدن خيرا منهما منقلبا قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا لكنا هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا ولولا إ ذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا فعسى ربي أن يوتيني خيرا من جنتك ويرسل عليها حسبانا من السماء فتصبح صعيدا زلقا أو يصبح ماؤها غوراً فلن تستطيع له طلبا، وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله وما كان منتصرا}(الكهف).

لقد أرسل الله على أبناكهم وبورصاتهم حسبانا من السماء فأصبحت فقرا من الدولارات وأصبحت قفرا من السيولة، ولم يستطيعوا لها طلبا، لأن الأمر أمر الله، والعقاب من الله، فهم الآن يندبون حظهم لأنهم حاربوا الله، وحاربوا أولياءه.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>