قال الله تعالى: {ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يومنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون}(الأنعام : 110).
الأمور بنتائجها، والأعمال بخواتمها، فهل فكرت في جودة النتيجة وحسن الخاتمة؟ أم إنك ممن يعيش ساعته وينسى مستقبله الذي لا ينساه!
قل لي بربك ماذا تغني الأموال عن أربابها؟ والمناصب عن أصحابها؟.. إذا كانت الخاتمة خاتمة سوء!! إذن فلقد انتهى كل شيء، ولم يبق إلا سوء الخاتمة، وهو يعني أن كل ما بعده من أمور الآخرة سيكون سيئا…
فانتبه قبل فوات الأوان، ولا تنس أن الرجل يعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيختم له بذلك فيكون من أهلها -عافانا الله وإياك-.
وإن الحل ليكمن في الصدق مع الله في القول والعمل، والإخلاص له في السر والعلن، مع الإلحاح في الدعاء في كل الأوقات خصوصا ما كان منها أدعى للإجابة كأوقات السحر وفي السجود ودبر الصلوات.. وفي كل الأماكن خصوصا ماكان منها فاضلا كالمساجد وفي الخلوات والجلوات.. أقول مع الإلحاح في الدعاء في تلك الأماكن والأوقات بأن يثبت الله قلبك على الحق إلى أن تلقاه، فإن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، وإنما يثبت الله الصالحين من عباده {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين، ويفعل الله ما يشاء}(سورة ابراهيم).
واعلم أنه لا يغفل عن هذا الدعاء إلا من أمن سوء الخاتمة، ومن كان كذلك فقد أمن مكر الله، ولا يأمن مكر الله إلا من خسر نفسه ودينه، وضيع دنياه وآخرته، {أفأمنوا مكر الله فإنه لا يامن مكر الله إلا القوم الخاسرون}(الأعراف : 99).
يروى عن سيدنا أبي بكر الصديق ] أنه قال : والله لو وضعت إحدى رجلىي في الجنة ما أمنت مكر الله، فإنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون.
ولهذا كان سيدنا رسول الله يدعو ويقول : >اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك<.
وربما لهذا كله كان أبو الدرداء ] يخاف وهو يجود بنفسه أن يتقلب قلبه إلى ما يؤدي إلى سوء الخاتمة كما هو حال المشركين!
روي عن أم الدرداء أنه أغمي على أبي الدرداء فأفاق فإذا بلال ابنه عنده، فقال : قم فاخرج عني، ثم قال : من يعمل لمثل مضجعي هذا، من يعمل لمثل ساعتي هذه {ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يومنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون} ثم يغمى عليه فيلبث حينا، ثم يفيق فيقول مثل ذلك فلم يزل يرددها حتى قبض<(1).
فاعمل لمثل يوم أبي الدرداء، واجتهد لمثل حاله ]. أسأل الله التوفيق لي ولكم.
—–
1- سنن الصالحين وسنن العابدين 791/2.