مفهوم الدعوة إلى الله عز وجل ومصادرها 1


I- مـفـهـوم الـدعـوة :

1- {يا أيها النبيء إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا}(الأحزاب : 45- 46).

2- {قــل هذه سبيلي أدعـو إلـى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني…} (يوسف : 108).

3-من أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين…}(فصلت : 32).

4- {وادع إلى ربك ولا تكونن من المشركين}(القصص : 87).

5- {ادعُ إلى سبيل ربّك بالحكمة والمَوْعِظة الحَسَنَةِ وجادِلْهُم بالتِي هيَ أحْسَن}(النحل : 125).

أ- الدعوة والدعاء مصدر دعا يدعو، بمعنى نادى طالبا الاستجابة، >والدعاء إلى الشيء: الحث على قصده< (المفردات/دعا) فكأن الداعي إلى الله عز وجل،ينادي من ينادي طالبا إقباله على الله تعالى، حاثا له على قصده والتوجه إليه.

ولم يرد في القرآن كله هذا التركيب: >الدعوة إلى الله< وإنما ورد:{دعا إلى الله} و{ادعوا إلى الله} و{داعيا إلى الله} و{ادع إلى ربك}.

ب- وبتأمل التراكيب القرآنية التي وردت بها المشتقات الفعلية لهذا الجذر (د.ع.و) معداة ب>إلى<، يمكن أن يستفاد:

1- أن الدعوة إلى الله جل وعلا نداء، وكون الدعوة إلى الله جل وعلا دعاء ونداء يدل على وجود بعد عن الله وإعراض عن ذكره بوجه ما؛

إما بسبب الكفر،

وإما بسبب الفسوق،

وإما بسبب العصيان،

وكل ذلك صور ودرجات من الغفلة، وأصحابها ينادَون من مكان بعيد، على قدر ما في غفلتهم من الكثافة، إذ الناس كانوا أمة واحدة قريبة على الفطرة؛ فطرة الله التي فطر الناس عليها، والتي كل مولود يولد عليها، كانوا حنفاء، على الدين القيم، فاجتالتهم الشياطين فأضلتهم فابتعدوا.

فبعث الله النبيئين دعاة الله، ينادُون عباده الضالين البعداء المنبتِّين عنه، أن يقتربوا منه ويتوبوا إليه، مبشرين العائدين المستغفرين، منذرين المتمادين المصرين.

وكذلك من اتبع من الدعاة النبيئين، واهتدى بهديهم إلى يوم الدين.

وما دام هناك شيطان من الإنس أو الجن، يضل ويبعد من الله، فإنه لابد من داع يهدي ويقرب من الله.

وبما أن أبا الشياطين وشيخهم إبليس قد أُنْظِر إلى قيام الساعة، فإن الدعوة إلى الله- يحملها من كل خلف عدوله- ماضيةٌ إلى قيام الساعة.

2- إن نداء الدعوة ينطلق من مناد هو الداعي ويتجه إلى منادًى هو المدعو، وذلك يعني فيما يعني أن فعل الدعوة بطبيعته متجاوز لصاحبه القائم به، متعد إلى غيره المتجه إليه الذي هو المدعو.

فلا يتصور داع ينادي نفسه، بل غيره، ولا تصدق صفة الداعي على شخص مقتصر على تزكية نفسه وتأديبها، بل على الذي فرغ من تأديب نفسه وأقبل على الآخرين من الغافلين، يتلو عليهم آيات الله ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم.

ومعنى ذلك أننا حين نصلي ونصوم ونتصدق ونفعل الخير… مجاهدين أنفسنا في ذات الله تعالى، غير دافعين غيرنا إلى ذلك، لا منادين لهم إلى ذلك، لا نكون دعاةً إلى الله.

وإنما يبتدئ معنى الدعوة في الصدوق علينا حين نبتدئ في حث الآخرين على الخير الذي نحن به عاملون، وجذبهم إلى صراط الله الذي نحن له سالكون.

وبما أن “الفاقد للشيء لا يعطيه”، والإصلاح لا يُتصور من غير الصالح، فإن نداء الدعوة وهو عملية إصلاحية يستلزم ضرورةً سَبْق عملية صلاح، يُصطفى فيها المصطفون، ويؤهل فيها المؤهلون.

إذ كيف يُعقل أن يُدْعى الناسُ إلى خير داعيهم لا ياتيه {أتامُرُون الناسَ بالبرِّ وتنسون أنفسكم وأنتم تَتْلُون الكتاب أفلا تَعْقلون}(البقرة : 44) أم كيف يُنْهَى الناسُ عن شر ناهيهم عنه يخالفهم إليه {وما أريدُ أن أخالفَكُم إلى ما أنْهَاكُمْ عنه إن أريدُ إلا الإصْلاَح ما استَُطعت}(هود : 88).

وما لم يطهِّرْ الداعي فكره وقلبه في مرحلة {اقرأ باسم ربك}، وما لم يزكِّ نفسه وسلوكه في مرحلة {يا أيها المزمل قم الليل..}(المزمل : 1).

فإنه لن يدعو إلى خير في مرحلة {يا أيها المدثر قم فانذر}(المدثر : 1).

3- إن نداء الدعوة يحمل رسالة إلى المدعُوِّ هي الدعوةُ تطلب منه الاتصالَ بمنادًى إليه هو المدعو إليه، وهو اللهُ جل جلاله.

ومعنى ذلك أن الوصل والاتصال في الدعوة إلى الله ليس إلا بالله:

فالداعي لا يدعو إلا >إلى إلله<، والمدعو لا يدعى إلا >إلى الله<.

ولا يجوز للداعي، وإن كانت منه تنطلق الدعوة، أن يدعو إلى غير الله، ولو إلى نفسه.

والمدعوُّ لا يجوز أن يُدْعى إلى غير الله ولو إلى داعيه.

كما لا يجوز له أن يستجيب إلى غير الله، ولو إلى داعيه.

وهذه نقطة قد ضبطها القرآن الكريم ضبطا، بإضافة قيد {إلى الله} إلى مشتقات الجذر (د.ع.و)؛

ليحفظ الدعوة من انتحال الدعاة المبطلين.

ويجنِّبها تحريف الغالين من المدعوين.

ويقيها شر تأويل الجاهلين من الجهتين.

ويحرر العبودية ويخلصها لله عز وعلا في الدعاة والمدعوين، حتى لا تبقى أدنى شبهة يتعلق بها في الخلط بين الوسيلة والغاية، الخلط في أمر الواسطة والموسوط.

وإذا كانت عبارات القيد: (الجار والمجرور) قد تعددت بصور شتى في عدة سور، فإن مردها عند التأمل جميعا إلى {الله}؛ فالدعوة {إلى الله} هي الدعوة {إلى الإسلام}، هي الدعوة {إلى دار السلام} هي الدعوة {إلى الجنة}…

ذلك بأن الأصل الأساس في عملية الوصل والاتصال في الدعوة إلى الله هو بالله، وبما أن الله سبحانه لا يمكن الاتصال غير القلبي به، فإن الوصل به في الدعوة إليه يكون بالاتصال الملموس بشرعه الذي هو “الإسلام” الذي هو “الخير” الذي هو “الهدى” الذي هو “الصراط المستقيم” الذي هو “النجاة” التي هي “دار السلام” التي هي “الجنة”…

4- إن نداء الدعوة يهدف إلى وصل المدعُوِّ بالمدعُوِّ إليه الوصلَ التامَّ المباشر.

وهذا هو الهدف من الدعوة؛ ولذلك قد يتكرر النداء ويتدرج حتى يُطْمَأَنَّ إلى أن الاتصال التام قد تم {يا أيها الذين آمنوا آمِنُوا…}.

ويتكرر الفطام ويتدرَّج حتى يُطمأن إلى أن الاستغناء بالله عن غير الله قد تم {وما محمدٌ إلا رسولٌ قد خلتْ من قبله الرسل أفإن ماتَ أو قُتل انقلبتُمْ على أعقابكم ومن ينقلبْ على عقبيه فلن يضرَّ الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين}(آل عمران : 144).

5- إن فعل الدعوة إلى الله لا ينفصل عنه الواقع بحال، ولذلك لم يرد في القرآن كله -كما تقدم- في الصورة المصدرية المجردة عن الزمان والمكان والإنسان،

وإنما ورد مربوطا بالماضي والحاضر والمستقبل، فاعلا له، أو موصوفا به إنسان.

ومن ثَمَّ لا تَصَوُّرَ للدعوة إلى الله في صُوَرِها المطلقة السابحة في الفضاء.

ولا حديث عن الدعوة إلى الله حديثا لا يُدْخل واقعا ما في الاعتبار.

بل إن كل فعل للدعوة إلى الله هو فعلٌ في واقع. إتماما لمكارمه، وإصلاحا لمفاسده.

وتقوية لخيره على شره.

بل إن الفعل الدعوي أينما كان ووقتما كان، هو الجواب الحاسم عن السؤال الملحِّ الموضوع في الواقع، والدواء الشافي للداء الذي يئن من شدة وطأته واقعٌ، والعلاجُ الجذري الناجع للمشكلات التي يتخبط في حلها واقع.

فالدعوة إلى الله على هذا -بناء على تلكم المستفادات من تلكم التراكيب القــرآنية التي وردت بها المشتقات- هي :

نداء ينطلق من مناد هو الداعي

ويتجه إلى منادًى هو المدعو

حاملا رسالة هي الدعوة

طالبا الاتصال بمنادى إليه هو المدعو إليه

هادفا إلى وصل المنادَى بالمنادَى إليه الوصْلَ التامَّ المباشر.

وهو الهدف من الدعوة في ظل ظروفٍ بعَيْنِها من واقِع الدعوة.

لكن هل هذا التركيب بعد التحليل كافٍ لتحديد مفهوم الدعوة إلى الله عز وجل؟! كَلاَّ ثم كلا.

لابد من إدخال فعل الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام كما تجلى في القصص القرآني وسيرة رسول الله خاتم النبيئين عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، لابد من إدخاله للتحليل قبل التحديد؛ لأنه التطبيق الناطق، والصورة المثلى لتجلِّي المفهوم.

فما هي عناصر ذلك الفعل إذن؟

وما الذي يمكن استخلاصه منها لتحديد المفهوم؟!.

لا جرم أن مدار دعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام -أي فعلهم في الواقع- كان على ما يلي:

1- التعليم : تعليمهم الناس ما علَّمهم الله عز وجل، وما علَّمهم  الله عز وجل هو:

أولا: أنه لا إله إلا الله.

قال تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا يوحى إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون}(الأنبياء : 25).

وقال أيضا: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت}(النحل : 36).

وهذا رأس العلم وعمودُه وذروةُ سنامه: العلم بالله إلاها؛ تأْلَهُهُ القلوب رغبة ورهبة إليه، لا ملجأ ولا منجى منه إلا إليه، فتُخْلِص له الدين، وتاتيه سليمة مسلمةً لرب العالمين.

من عَلِم هذا العلم فقد عَلِمَ، ومن جهلَهُ فقد جهل {قل أفغير الله تامُرُونِيَ أعبدُ أيها الجاهلون}(الزمر : 64).

ثانيا إن الحياة حياتان:

دنيا وهي وما فيها فانية.

وأخرى بعدها وهي باقية غير فانية.

وهذه هي التي تستحق أن يطلق عليها لفظ الحياة {وإن الدار الآخرةَ لهِيَ الحيوانُ لو كانوا يعلمون}(العنكبوت : 64).

لأنها لا يذاق فيها الموتُ {لا يذُوقُون فيها الموتَ إلا الموتَةَ الأولى}(الدخان : 56)، ولأن التمتع فيها لا نهاية له.

بخلاف الدنيا فمتاعها قليل {قل متاعُ الدُّنْيا قليل}(النساء : 77) والاستقرار فيها إلى حين {ولكُمْ في الأرض مستقرٌّ ومتاعٌ إلى حين}(البقرة : 36).

لكنها أساس الأخرى؛ إذ الأخرى دار ثواب فقط، وإنما العمل في الدنيا، وعلى قدر العمل في الدنيا يكون الثواب في الأخرى: {فمن يعْمَل مثقالَ ذرة خيرًا يرَهُ، ومن يعمل مثقال ذرّة شرّاً يره}(الزلزلة : 8- 9).

وهذا السرُّ في مسارعة مَنْ يسارع في الخيرات وهم لها سابقون،

> لامتلائِهِمْ من العلم الأوَّل.

> وتضلُّعِهم من هذا العلم الثاني {والسابقون السابقون أولائك المقربون}(10- 11).

وهذا السر أيضا في ثقل وإثقال {وإذا قاموا إلى الصلاة قامُوا كُسَالى يُرَاؤُون الناس}(النساء : 142)، لخلُوِّهم من العلم الأول والثاني {ومن الناس من يقول آمَنَّا باللَّه وباليوم الآخِرِ وما هُمْ بمومنين}(البقرة : 8).

ثالثا: هدى الله هو الهدى:

فلا هدى للإنسان يمكن أن يهديه للَّتِي هي أقوم وأهْدَى في شؤونه كلها: وفي كل عصر ومصر، وفي كل حال وظرف، من هذا الهُدى الذي أتاه ممن ليس إلا منه الهُدى، وهو خالقه ومدبر أمره، والعليم الخبير به، ربُه الله جل جلاله {فإما ياتينكم مني هدى فمن تبع هُدَاي فلا يضِلُّ ولا يشقى}(طه : 123) وهدى الله على وجه الأرض كلها اليوم هو كتابُه الذي {لا ياتيه الباطلُ من بَيْن يديه ولا من خَلْفِه تنزيلٌ من حكيم حميد}(فصلت : 42) وهو العلم الجامع للعلم الذي تجد فيه جماعَ العِلْمِ الأول والثاني، وما سواه إن هو إلا أهواء {ولئن اتبعت أهواءهم بعْدَ الذي جاءك من العلم مالك من الله من وليٍّ ولا نصير}(البقرة : 120).

ذلكُمْ كان العلم الذي علمه الأنبياءُ الناسَ من بعد ما علَّمَهُ اللهُ الأنبياء، وتعليمُه للناس كان على الصور التالية:

1- تلاوة آياته عليهم ليسمعوه تبليغًا لهم وشهادةً عليهم.

2- إفهام من استجاب منهم المرادَ من كُلِّ ما في كتاب الله تعالى ليتَدبَّرُوا القول.

3- بيانُ الكيفية التي ينبغي أن يُطَبَّق عليها في الواقع لتتبيَّن كيفياتُ تنزيل الشريعة على الواقع.

وقد جمع سيدنا إبراهيم عليه السلام في أول دعائه كل ذلك إذ قال: {ربَّنَا وابْعثْ فيهم رسولا منهم يَتْلُو عليهم آياتك، ويعَلِّمُهم الكتاب والحكمة ويزكيهم}(البقرة : 129). وخاتمة دعائه هو ثاني ما عليه مدار دعْوة الرسل عليهم الصلاة والسلام.

2- التزكية : تزكية من استجاب فاستمع الآيات، وفَهِمَ المراد والكيفيات، ولكنه لتتمَّ دعوته إلى ربه عليه أن يطبِّق هو نفسه ذلك تحت إشراف: يُصْنَعُ على عين الرسول الذي صُنِعَ على عين الله: يُؤمر ويُنظر في كيفيات ائتماره، ويُنْهى ويُنظر في كيفيات انتهائه، لتصحيح أخطاء القول، وتصحيح أخطاء العمل، وتُصَحَّحُ قبلَ ذلك وبعدَهُ أخطاءُ النية في القلب.

حتى إذا بدأ عوده في الاشتداد أُدْخِل الفُرْن، ليتخلَّصَ من الشوائب فيُخلص إلى ربه ليُخْلَص له.

فكان تعليمُ الصبر على الطاعات، وكان تعليم الصبر عن الشهوات، وكان الصبر في البأساء والضراء، وحين البأس، وكان تعليمُ الرضا بالقضاء بعد الصبر على البلاء والشكر على السراء وكان وكان…

حتى إذا تمَكَّن منه الإيمانُ بدأ التمْكِين له؛

فكانت الهجرة، وكان الجهادُ، وكان القتال، وكان الاستخلاف، وكُلُّ ذلك تحت إشراف.

وتزكية من استجاب كما كانت فردية كانت جماعية، فمن أوائل المستجيبين بدأ ويبدأ تَخَلُّق الجماعة الجنين، ثم تَدَرُّجٌ في مراحل النمو حتى تصِيرَ خلقًا آخر: مثله في التواد والتعاطف والتراحم مثَلُ الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.

ثم يكون البلاءُ فالنجاء، ثم يمَكَّنُ لها في مكانٍ بكيانٍ، ثم يبدأُ جهادُ البناء بعد بناء الجهاد.

ثم تكون الدّولة الحاملة للدعوة بعد الدعوة الحامِلِ بالدّولة، وكل ذلك تحت إشراف؛

هذه التزكية الفردية والجماعية تبدأ من الأرواح إلى الأشباح.

وتكون بسلطان القرآن قبل قرآن السلطان.

مقدمة الترغيب على الترهيب، والفضْل على العدل، جامعة بالحق إلى الحق المتفَرِّقَ، وموحدة بالحق على الحق المؤتلف من اخْتَلَف.

فإذا تمت هاته التزكية التي هي التدريب بعد التعليم لم يبق إلا العنصر الثالث الذي به تُخْتَمُ حياة أكمل الرسل وهو:

3- التكليف : تكليف المعلَّمين المدرّبين بحمل الأمانة من بعده، والشهادة على اللاحقين بعد أن شهد هو على السابقين، وهذه خاصية أمة محمد صلى الله عليه وسلم، لأنه لا نبي بعده، ولذلك قال قولته المشهورة في حجة الوداع: >ألا هل بلغت قالوا نعم فقال اللهم اشهد فليبلغ الشاهد منكم الغائب<.

وقبل ذلك قال تعالى ممتنا على هذه الأمة {وكذلك جعلناكم أمةً وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا}(البقرة : 143). أما من قبله من الأنبياء فربما لم يجاوِزُوا وصية الأنبياء كفعل إبراهيم أبي الأنبياء: {وأَوْصَى بها إبراهيمُ بنيه، ويعقوبُ يا بنيَّ إن الله اصْطَفَى لكم الدين فلا تموتُنَّ إلا وأنتُم مسلمون}(البقرة : 131).

هذا التكليف عنصر أساسيٌّ في دعوة خاتم الأنبياء عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام لتوقف استمرار الدين وظهور الدين عليه، وهو عنصرٌ هدفٌ بالنسبة إلى العنصرين السابقين: التعليم والتزكية.

إذ لا يشهد غَيْرُ المعلَّم تعليمًا خاصًا، المدرَّب تدريبا خاصا، الحاصل على شهادة من أرسل {شاهدًا ومُبَشّرًا ونذيرا وداعيًا إلى الله بإِذْنه وسِراجاَ منيرا}(الأحزاب : 45- 46).

ولو تأملنا في صنع الله برسله وهو الذي صنعهم على عينه واصطنعهم لنفسه لوجدناه سبحانه صنع بهم ما صنَعُوه بأتباعهم؛ إذ علّمهم وزكَّاهُمْ وكَلَّفهم، حتى أن تجربة آدم عليه السلام، وهي أبسَطُ تجربة في هذا المجال لأوّليَّتها لا تخلو من هاته العناصر.

فقد {وعَلَّم آدم الأسماء كلها}(البقرة : 31).

ثم زكّاه بالتدريب على الأمر والنهي في الجنة فأطاع في الأمر وعصى في النهي.

{ثم اجتباه ربه فتاب عَلَيه وهدى}(طه : 122).

ثم كلفه بالخلافة في الأرض تبعًا لما ياتيه من الهدى بعد الإهْباط من الجنة.

هذه هي العناصر الكبرى لدعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أي فعلهم في الواقع، ومنها يمكن أن يستفاد :

1- أن فعل الدعوة إلى الله يتضمن عملية نقل كاملة للإنسان من حال فاسدة يكون فيها إلى حال صالحة يصير إليها، وذلك ما عبر القرآن بدقة القرآن وجمال القرآن ووضوح القرآن: {لتُخْرج الناس من الظُّلُمات إلى النور}(ابراهيم : 1).

الناس قبل أن تفعل فيهم الدعوة إلى الله فعلها يكونون في الظلمات بكل أنواعها : ظلمات التفكير، وظلمات التعبير، وظلمات التدبير، لأنهم أموات غير أحياء، فإذا مستهم بركاتها خرجوا من بطون الظلمات كما تخرج النباتات الحية من بطون الأرض، خرجوا أحياء حقا!

لهم أعين يبصرون بها، ولهم آذان يسمعون بها، ولهم قلوب يعقلون بها.

خرجوا إلى النور فأبصروا الأشياء كما هي في أحجامها الحقيقية وألوانها الحقيقية، وأشكالها الحقيقية {أوَمَنْ كَانَ مَيِّتًا فأَحْيَيْنَاه وجعلنَا لَهُ نورًا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها}(الأنعام : 122).

2- أن ذلك النقل يتركز على النقل في نوع الفساد أو أنواع الفساد المتمكنة في البيئة، وهذا ظاهر في تركيز كل نبيء على أظْهر فسادٍ في قومه إلا أنهم جميعا يربطونه بخللٍ في حقيقة >لا إله إلا الله< حتى إذا جاءت الدعوة الخاتمة جاءت جامعةً لكل صور النقل رابطة لها بالأصل، فكان شعارها الجامعُ المانعُ: لا إله إلا الله محمد رسول الله، ناقلا للإنسان في كل صور الفساد ودرجات الفساد: الكفر والفسوق والعصيان.

فالدعوة إلى الله على  هذا التركيب مع التركيب السابق نحصل على مفهوم للدعوة أدق، يُمْكِن صياغتُه انطلاقًا من ألفاظ القرآن الكريم كالتالي:

الدعوة إلى الله عمَلِيَّة إخراج ناسٍ بأعْيَانهم إخراجا وفْقَ منهاج النبوة من ظلمات واقع بعيْنه إلى نورِ الله وشرعه المنَزّل على ذلك الواقع.

وإذن، فللقيام بالدعوة إلى الله عز وجل بهذا المفهوم لابد من :

فقه للدين،

وفقه للواقع،

وفقه للدعوة.

لابد من معرفة المصادر والمنطلقات، والأهداف والوسائل، والخصائص والمراحل والعلاقات.

لابد من علم خاص بالله جل جلاله، وتكبير خاص لله جل جلاله، وتقوى وخشية خاصة لله جل جلاله، وذكر خاص وشكر خاص وصبر خاص…. وإلا عجزت عن حَمْلِها الكواهلُ لقِلَّة الرواحل “إنَّمَا يَحْمِل اللِّوَاء النُّجوم”.

3- إن ذلك النقل يكون للجماعات كما يكون للأفراد أو بتعبير القرآن “القوم” و”الناس”: {لتُخْرِج الناس من الظلمات إلى النُّور} {أخْرِجْ قومك من الظلمات إلى النور}.

فنقل بيئة إنسانية بكاملها من حال الفساد إلى حال الصلاح هو هدَفُ الدعوة إلى الله ولكن الطريق إليه لابُدَّ أن يمُرّ من خلال نَقْلِ الأفراد.

4- إن ذلك النقل يتم وفق منهاج خاص هو المنهاج الذي اختاره الله عز وجل لأنبيائه وأذن لهم فيه {لِتُخْرِج الناس من الظلمات إلى النور بإذْن رَبِّهِم} هو المنهاج الذي سار عليه الأنبياء في ممارسة عناصر الدعوة إليه التي سبق بيانها.

هو منهاج النبوة كما تجلى على التمام والكمال في دعوة خاتم النبيئين بشرطيه الكبيرين: الإخْلاص التام لله، والاتِّباع الكامل لهداه {اتَّبِعوا من لا يسألكم أجرا وهم مُهْتدون}(يس : 20) ذلك بأنه إذا شاب الدعوة إلى الله شَائبة شُبْهَة أو شائبة شهوة فسدت وأفسدتْ، وضَلَّ أصحابُها وأضَلُّوا، وما كانوا دعاة إلى الله سبحانه بحال.

5- إن ذلك النقل يكون إلى منهج خاص، هو هُدى الله، وهو شَرْع الله، وهو الصراط المستقيم أو بتعبير القرآن في الآية السابقة {لتُخْرج النّاس من الظُّلمات إلى النُّور بإذن ربهم إلى صِرَاطِ العزيز الحميد}(ابراهيم : 1).

II- مـصـادر الـدعـوة :

1- مقدمة :

يقصد بمصادر الدعوة إلى الله تعالى تلك الأصول التي يستقى منها كل ما يتعلق بالدعوة إليه سبحانه (نظرية ومنهاجا وممارسة).

وهي نوعان : وحي، وتجربة.

ويقصد بالوحي كل ما نزل من عند الله تعالى على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم؛ سواء كا ن قرآنا يتلى، أم كان سنة تُؤتَسَى.

كما يقصد بالتجربة كل تجربة نافعة لا يرفضها ميزان الوحي؛ سواء كانت أصيلة : نابعة من الوحي نفسه في تفاعله مع الواقع، أم كانت مؤصلة : نابعة من غير الوحي، بعد عرضها وقبولها في ميزان الوحي فيدخل في التجربة على ذلك كل تجارب المسلمين الدعاة إلى الله تعالى بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، منذ الصحابة رضوان الله عليهم حتى اليوم؛ فردية كانت أم جماعية، شخصية كانت أم غيرية، كما يدخل من تجارب غير المسلمين ما صح نفعه وقبوله في ميزان الوحي.

2- مصدر الوحي :

يعتبر الوحي بشقيه : الكتاب والسنة، المصدر الأصل والمصدر الأساس للدعوة إلى الله تعالى؛ ففيهما خير الهدى، وبهما تتم الهداية للتي هي أقوم في الأمر كله. ومن التمس الهدى في غيرهما، بمعزل عنهما، أضله الله. لكن أين تتركز الهداية الدعوية فيهما؟

أ- الهداية الدعوية في القرآن الكريم : القرآن الكريم كله هدى، وما أنزله الله إلا هدى؛ هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، في كل مناحي الحياة، وعلى رأس ذلك ما به صلاح كل ذلك : الدعوة إلى الله تعالى : أمانة الأنبياء والمرسلين، ووظيفة بقية المصطفين من الصديقين والشهداء والصالحين. وتلك إنما تكثر هدايتها في موضعين : القصص، ولاسيما قصص النبيين، والحديث المباشر عن الدعوة في عدد من الآيات.

فأما القصص القرآني فهو خزان الهدى الدعوي، وخزانة أسرار الدعوة، وخزينة الدعاة التي لا تنضب، خلد الله فيه ما يسد حاجة بني آدم إلى قيام الساعة ولاسيما في قصص النبيين : {أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده}(الأنعام : 90) {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب}(يوسف : 111) في كل عصر ومصر وظرف {ما كان حديثا يُفترى ولكن تَصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يومنون}(يوسف : 111) في قصصهم الكليات وعديد من الجزئيات، وفي قصصهم الأصول وعديد من الفروع، وفي قصصهم الثوابت وعديد من المتغيرات… في قصصهم معالم الطريق، ومشاكل العدو والصديق، وأسباب النصر والهزيمة، وسنن الإصلاح والتغيير… في قصصهم المنهاج الفطري، مكيفا -لفطريته- حسب ظرف الإخراج؛ منهاج إخراج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد {لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا}(المائدة : 48) فلنوح منهاج، ولإبراهيم منهاج، ولموسى منهاج، ولعيسى منهاج…. والكل فطري : يمثل فطرة الله التي فطر الناس عليها، والكل منهاج من المنهاج حسب ظرف الإخراج.

وأما الحديث المباشر عن الدعوة ففيه التصريح بدل التلميح، وفيه الهدى المنصوص بدل المستنبط، وفيه التقعيد لبعض الكليات كقاعدة {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة}(النحل : 125) وفيه التقييد لعدد من الأوامر، والتنبيه على عدد من الشروط كتقييد مشتقات الجذر اللغوي (د.ع.و) بالجار والمجرور (إلى…) والتنبيه على شرط العلم وشرط العمل في قوله تعالى : {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة}(يوسف : 108) وقوله سبحانه : {ومن أحسن قولا ممّن دعا إلى الله وعمل صالحا}(فصلت : 33) إلى غير ذلك مما يستفاد من بعض آيات الموضوع أو من مجموع آيات الموضوع.

ب- الهداية الدعوية في السنة المشرفة : السنة كالقرآن ليس لها من وظيفة غير هداية الإنسان؛ إذ هي بيان القرآن، والقرآن -كما تقدم- {هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان}. وهي في باب الدعوة سنتان : سنة منظومة في الزمان وهي المعروفة بـ”السيرة النبوية”، وسنة غير منظومة في الزمان وهي المعروفة بـ”الحديث”.

فأما السنة المنظومة في الزمان أو “آلسيرة النبوية” فتكاد تكون محض هدى دعوي، وهي في السنة تناظر قصص الأنبياء في القرآن؛ ذلك بأنها قصة خاتم النبيين، وأعظم المرسلين، سيد ولد آدم، فهي لذلك التجربة الأكمل، والتجربة الأشمل، والتجربة النموذج للوارثين من العلماء إلى قيام الساعة. اجتمع فيها أو كاد ما افترق في غيرها من تجارب الأنبياء، وتم فيها ما لم يكتمل قبل مما لم تدع إلىه حاجة تنزيل الدين. فضلا عن أنها هي التي تمثل الإخراج الأمثل للمنهاج حسب ظرف الإخراج : منهاج إخراج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد، في مكان بعينه، في زمان بعينه، في ظرف بعينه، في تجمع بشري بعينه، إخراجا اختاره الله جل جلاله، فنزّل ونجّم وفقه كتابه، ونفذه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرسم وفقه سيرته. فلو سأل سائل عن منهاج إحلال القرآن أول مرة في الواقع الجاهلي : من أين كان البدء وبم كان الانتهاء؟ ما هي المراحل الكبرى والصغرى التي استلزمها ذلك؟ ما هي الأهداف المرحلية والوسائل التي استعملت لها؟ كيف كانت العلاقات الداخلية للجسم وكيف تطورت؟ وكيف كانت العلاقات الخارجية وكيف تطورت؟ أو بكلمة جامعة : كيف تم البناء من الألف إلى الياء؟ لو سأل سائل عن ذلك لم يجد غير “السيرة” جوابا. لماذا؟ لأن وقائعها نظمت في الزمان، فسمح نظمها برؤية البناء كله مرصوصا يشد بعضه بعضا، وسمح لذلك بأشكال من الفقه والاستنباط لا تتيسر بغير ذلك.

وإذا قيل “السيرة” فالمقصود ما صححه أو يصححه المصححون مما كتبه الكاتبون في تاريخ رسول الله صلى الله عليه وسلم، انطلاقا مما ورد في القرآن الكر يم والحديث الصحيح ومقبول أخبار أهل السيرة ورواياتهم.

وفي غياب سيرة صحيحة جامعة يسفر عنها البحث العلمي الجاد، سيظل تهذيب ابن هشام لسيرة ابن إسحاق على علاته المصدر المتلقى في عمومه بالقبول، على أن تدخل التعديلات التي يثبتها البحث العلمي مع الأيام.

وإذا كانت هناك جبهة علمية دعوية يجب الحسم فيها اليوم بأسرع ما يمكن، وأضبط ما يمكن، فهي جبهة “السيرة”؛ لارتباطها الشديد الكبير بفقه “المنهاج” وعسى الله الكريم الرحيم أن يقيض لها عبادا له أولي صدق وهمة، ينوبون عن الأمة، فيكشفون الغمة.

وأما السنة غير المنظومة في الزمان، وهي “الحديث” المجموع على رتبه في كتب الحديث، فما اتصل منها بموضوع الدعوة لفظا أو معنى أو مجالا، فيه هداية دعوية عظيمة؛ بعضها كلي، وأغلبها تطبيقي جزئي، ولو جمع وصنف وحلل وعلل لنفع في فقه “المنهاج” نفعا عظيما. ومن أوثق أبواب “الحديث” صلة بالدعوة إلى الله تعالى بل أدخلها فيها : باب العلم وباب الجهاد. ومن أنفع الأحاديث في الدعوة إلى الله تعالى أحاديث القصص والأمثال.

3- مصدر “التجربة” :

للتجربة السابقة الراشدة شأن كبير في مد يد المساعدة للتجربة الدعوية الجديدة وتزويدها با لحكمة، بشرط أن تكون تمت على عين الوحي أو قبلها ميزانه. وما قصص النبيين وسيرة سيد المرسلين -وهما أساس هذا الأمر وعموده- إلا تجا رب حفظها الله عز وجل في كتابه، أو قيض لها من يحفظها في سنة نبيه.

وإذا صنفت تجارب السابقين أمكن تمييز الأنواع التالية :

أ- تجربة خير القرون من صحابة وتابعين وتابعي التابعين، وهذه لها الصدارة بدليل الحديث الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : >خَيْرُكُم قرْنِي ثُمّ الذِينَ يلُونَهم ثمّ الذِين يلُونَهم<(صحيح البخاري كتاب الشهادات) إنهم الآباء المصنوعون على عين الوحي، والأبناء المشاهدون لمن صُنِع على عين الوحي، والأحفاد السامعون ممن شاهد مَن صُنِع على عين الوحي. وفيما صح عنهم من مناقب وسير وأخبار خير غزير تمتلئ به كتب الحديث والسير والطبقات والتاريخ…

ب- تجربة الذين اتبعوهم بإحسان من العلماء الربانيين والصالحين المصلحين من بعد القرن الهجري الأول حتى احتلال الكفار لجل دار الإسلام وسقوط خلافة آل عثمان، وظرفها الزماني نحو اثني عشر قرنا، عرف فيها المسلمون ضروبا من المد والجزر والانحراف والانحدار والانحسار، مما جعل الفترة لطولها واضطرابها واتساع مكانها وتنوع ناسها تشهد تجارب وتجارب للتصحيح والإنهاض فيها الغث وفيها السمين، وفيها الضيق وفيها الواسع، وفيها الناجح وفيها الفاشل وفيها المحدود وفيها الممتد…، وكلها فيها لأولي الألباب عبرة، وللمستهدين -بالشرط السابق- هداية.

جـ- تجربة الجماعات الإسلامية الحديثة في القرن الرابع عشر الهجري وأوائل الخامس عشر. وتمتاز بتشابه الظرف التاريخي الذي كاد يصبغها بصبغة واحدة؛ فكلها نبتت بعد انهيار بينات “الأمة” المضموني والشكلي، ولم يكد يبقى منها في أرض الإسلام إلا قطع غيار متناثرة هنا وهناك، وكلها جاءت بعد موجة احتلال الكفار لجل دار الإسلام وهزمهم لكل أشكال المقاومة والجهاد التي تصدت أول مرة للاحتلال. وكلها ولدت في ظل الشعور بعجز “مسلم الوقت” عن أن يأتي بشيء… ومن ثم كانت المناداة بالتجديد، وكانت المناداة بإعادة التربية وصياغة المسلم، وكان الاهتمام بالدرجات الأولى في السلم : بناء الفرد المسلم، وبناء البيت المسلم، وبناء الجماعة المسلمة -في اتجاه الهدف الأسمى وهو الأمة المسلمة في جميع أرض الإسلام.

وبقدر غنى هاته التجارب بالجديد المفيد؛ للظرف الجديد، والاهتمام الجديد، فإن قدرا من الدخن غير يسير قد شاب بعض رؤاها وأساليبها؛ للاستهداء فيه بما لم يتم على عين الوحي، أو لا يقبله ميزانه، لنقصان العلم وضعف البصيرة.

ويلحق بهاته التجارب تجربتان :

أ- تجربة غير المسلمين بشرط قبول ميزان الوحي لها.  إذ الحكمة ضالة المومن أنى وجدها التقطها.

ب- التجربة الشخصية بشرط الاجتهاد الصحيح الذي لا يصادم نصوصا، ولا مقاصد، ولا كليات.


اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>

One thought on “مفهوم الدعوة إلى الله عز وجل ومصادرها

  • غفران

    مقال قيم يضع المعالم الكبرى للدعوة و يؤصل لها. وقد أثارني مفهوم التزكية و الكيفية التي اشتغل بها الرسل عليهم السلام مع المدعوين قبل المرور إلى مرحلة التكليف. و لعل جزء من الخلل أو جله كامن في هاته المرحلة من التكوين الدعوي عند الكثير من المشتغلين في حقل الدعوة. إذ كثيرا ما نمر من التعلم إلى التكليف دون تزكية تحت إشراف من تلقى هاته التزكية بدوره.