حكمة القيادة :أمل كل الناجحين والعاملين


د. عمر أجّة

القيادة هي عملية إلهام الأفراد ليقدموا أفضل ما لديهم لتحقيق النتائج المرجوة، وتتعلق بتوجيه الأفراد للتحرك في الاتجاه السليم، والحصول على التزامهم، وتحفيزهم لتحقيق أهدافهم..

قالوا عنها أنها: وضع الشيء موضعه، وقالوا: أنها فعل ما ينبغي كما ينبغي في الوقت الذي ينبغي. وقالوا: إنها مثالية السلوك والقرار. والواقع أن الحكمة هي جماع تلك المعاني كلها، ويكاد يصعب أن يحتويها تعريف لأنها اقتراب من المثال المرجو في كل وضع وحال، ولأنه أمل كل الناجحين والعاملين والقياديين، وهي مرتجى تعديلهم لأفعالهم وقراراتهم. والحكمة في القيادة بالذات أخطر أنواع الحكمة..

وتكمن أهمية القيادة في الأسباب التالية:

1- أهمية العمل الجماعي ونتائجه الجيدة مقارنة بالجهد الفردي من حيث التفاعل والتعامل والتفاهم المشترك بين القائد والعاملين معه في حقل الدعوة.

2- التأثير الإيجابي من حيث تشجيع وتحفيز ودفع العاملين لبذل أقصى جهد ممكن والاستمرار في الأداء المتميز.

3- توجيه أداء العاملين نحو الإنجاز والنتائج وتشجيع الإبداع والابتكار في العمل.

والقيادة هي الحكمة التي على أساسها تتخذ القرارات، وتنظم الصفوف، وتوضع الأهداف، وأستطيع أن أجزم أن حكمة القيادة هي أرقى أنواع العمليات الإدارية والتربوية على الإطلاق.

وفي سبيل ذلك نضع بين يدي القارئ مجموعة من العلامات المضيئة في سبيل تحقيق الحكمة القيادية التربوية والوصول إلى حكمة القرار.

أولاً : الإقتداء بحكمة النبي صلى الله عليه وسلم :

النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو خير قائد عرفته البشرية وأفعاله كلها تنبض حكمة ورشداً، وقراراته كلها تملؤها الحكمة والذكاء والعبقرية والعلم. لذا كان من واجب كل القادة العاملين أن يضعوا نصب أعينهم الإقتداء بحكمته صلى الله عليه وسلم إذ يقول الله سبحانه: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا}.

وفي سبيل تحقيق ذلك ينبغي اتخاذ مجموعة إجراءات هامة منها:

- تدبر سنته صلى الله عليه وسلم والوقوف على مواضع القرارات الهامة التي اتخذها النبي صلى الله عليه وسلم وتدبرها بالتحليل والدراسة للخروج بالفوائد.

- اقتفاء أثره صلى الله عليه وسلم في قيادته للمجتمع الـمسلم كله وشمولية قيادته.

- إتباع طريقته صلى الله عليه وسلم في معاملة المحيطين به خاصة المقربين منهم.

- استخلاص المبادئ القيادية الهامة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتمدها في إدارته وقيادته واعتمادها كخطوط أساسية للعمل.

- الوقوف على طريقته صلى الله عليه وسلم في علاج المشاكل والخلافات الناشئة في المجتمع المحيط به.

- الوقوف على طريقته صلى الله عليه وسلم في تشجيع العاملين والأفراد الجدد لإنجاز الأعمال المطلوبة منهم.

- البحث في التطابق العظيم الموجود بين سنته صلى الله عليه وسلم والمنهج القرآني في القيادة وتربية الأفراد واتخاذ القرارات.

- الاستفادة من الوسائل التي اعتمدها النبي صلى الله عليه وسلم للوصول إلى الحكمة في قراره صلى الله عليه وسلم.

- وضع كل ما سبق في مقام وجوب التطبيق إذ  الاقتداء به صلى الله عليه وسلم فرض إلهي وليس عملاً فيه مجال للاختيار.

ثانياً : الاهتمام :

إن كثيراً من القادة والإداريين يكتفي بمجرد نظرة عابرة إلى العاملين معه أو يكتفي بالسؤال العابر أو في بعض الأحيان قد يقنع بتصفح التقريرات المكتوبة له من المسؤولين الفرعيين. كل ذلك وهو بعيد عن موقع التفاعل ومكان الإنجاز ولعمري إن هذا لهو من أكبر أسباب البلاء الذي قد يصيب العمل. إن القائد المنفصل عن موقع العمل قائد وهمي يقود خيالاً يتصوره في عقله فقط، ولا علاقة له من قريب أو بعيد بالحقائق.

وإليك أيها القارئ بعضاً من الإشارات الهامة لإيجاد الاهتمام الواقعي بموضوع العمل:

- ينبغي أن يشعر العاملون كلهم باهتمام القائد بالعمل القائم اهتمامًا واضحاً جلياً حتى يبدءوا هم في تقليده في ذلك الاهتمام، ولنا أسوة في رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما روته عائشة رضي الله عنها لما سئلت هل كان رسول ا لله صلى الله عليه وسلم يصلي قاعداً قالت : ” نعم بعدما حطمه الناس” رواه مسلم، يعني بعد ما أتعبه تفقد أحوال الناس وحل مشكلاتهم ودعوتهم والجهاد معهم.

- إن قليلاً من الحب والمودة والسؤال عن أحوالهم لن يضرك أبداً. إلا أنه سوف يعطيك منهم إنتاجاً مضاعفاً.

- إن لقاءً لن يستغرق ربع الساعة مع أحد العاملين للسؤال عن أحواله سينقل مستوى إنجازه درجات كثيرة إلى الأمام.

- حاول أن تكون قدوة في تطبيق العمل على نفسك أولاً، فإن كثيراً من النصائح والتوجيهات لن تفيد.

- يجب على القائد الاهتمام بالشؤون النفسية للعاملين معه والضغوط الداخلية عليهم وكذلك مسئولياتهم تجاه أسرهم وعائلاتهم.

- العاملون مختلفون في قدراتهم وثقافاتهم وعلمهم بل وعاداتهم وقيمهم، فعليك مراعاة ذلك، وعليك البحث عن الأرضية المشتركة بين كل العاملين لكي تحادثهم من خلالها، ثم بعد ذلك تتطور معهم إلى ما تريد، و إلا صار الناس بواد وأنت في واد آخر.

- في الأثر “من لم يشكر الناس لم يشكر الله”، فحاول أن تعبر عن شكرك لكل عامل مجد أو منجز أو نشيط، إن ذلك يضخ في قلبه دماء الحماس.

- إذا أخطأت، فاعترف بخطئك، بطريقة مهذبة وابحث عن استشارة من عندهم خبرة، فإن ذلك يعزز من قدرتك على قيادة الفريق، إن الاعتراف بالحق فضيلة عظيمة، والمكابرة ليست من شيم الصالحين.

ثالثاً : الذكاء :

الذكاء والفطنة صفة أساسية للقادة الناجحين، لا غنى عنها، حيث لا نستطيع أن نتصور عملاً متقدماً ناجحاً يقوم على سذج من الناس، قليلي الفهم والاستنباط والتقدير، محدودي الطاقة الفكرية القائمة على الابتكار والتخطيط والإبداع، وصفة الذكاء، لاشك أنها معينة للقائد على استكمال باقي الصفات للوصول إلى الحكمة القيادية؛ إذ أنها تعينه على الاستفادة من كل إمكانات الإبداع العقلية والجسمية والفكرية والعاطفية أثناء العمل سواء له شخصياً أو للعاملين معه.

من صفات القيادة التربوية الناجحة:

1- الدفء في العلاقات الشخصية، ورعاية الأفراد، ومراعاة مشاعر الغير.

2- التواضع والرغبة في الاستماع للآخرين وتحمل اللوم.

3- الموهبة والمهارة التقنية المتعلقة بالمهمة الموكلة إليك.

4- توجيه المبادرات والمشاريع.

5- التكامل الصادق مع النفس، والتكامل الشخصي، والرشد والأمانة التي تولد الثقة.

6- القدرة أو الكفاءة على التحليل والاستبصار، واليقظة.

7- حسن المعاشرة مع الغير.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>