تقدم لخطبتي بوساطة صديق أبي، الذي طمأنه أني سأقبل بشرطه.. ذلك الشرط كان سببا في رفضه من كل امرأة خطبها… وكان همهن الوحيد الهجرة والإقامة بالخارج، حيث يعمل هناك!
قال : ما يهمني ليس مجرد زوجة، بل أم رؤوم لبناتي السبع، كبراهن في العاشرة من عمرها، والصغيرة في أشهرها الأولى، توفيت زوجتي رحمها الله، وأنا غارق في عملي لأوفر لبناتي عيشا كريما هناك.. لكن، كيف لي تربيتهما تربية إسلامية في الغربة؟!
فقاطعته :
- قبلت.. لا يهمني خارج ولا إقامة، فقط أطمع في مرضاة الله عز وجل!
عارضني بعض الأقارب والصديقات، ورموني بالحمق…!
سافرت إلى هناك.. أحببت ربيباتي -بل بناتي- وتفانيت في تربيتهن وتعليمهن، فكنت أقوم بكل احتياجاتهن عن طيب خاطر، وأراجع معهن دروسهن وأصحبهن دائما ذهابا وإيابا إلى المدرسة، وأسأل عن مستواهن والصعوبات التي يواجهنها، وخصصت حصصا قارة في البيت لتعليمهن العربية والقرآن والإسلام…!
بادلنني الحب والتقدير، وسعدت وهن ينادينني بأمي.. كبرت في عين زوجي، فازداد حبا وتقديراً لي ، والحق أنه كا ن طيبا دمت الخلق كريما، حريصاً على دينه وعلى حسن تربية نباته..
أنجبت بنتا وولدا، لم أفضلهما قط عن أخواتهما، وكنت عادلة بينهم، ولم أشعر قط بالفرق بين ابنيّ وربيباتي!
كبرت البنات قابضات على دينهن صالحات، ناجحات.. فحرصت على تزويجهن من أزواج صالحين.. وحمدت الله أني أديت الأمانة…!
توفي زوجي رحمه الله وهو راض عني… ومازالت ربيباتي يتنافسن على البرُور بي ويؤثرنني على أنفسهن، وقد صرت جدة لأبنائهن، أرعاهم هناك حين غيابهن في أعمالهن.. اشترطن على أزواجهن أن يقضين العطلة الصيفية بالمغرب معي بالبيت الذي كان يجمعنا دائما رغم أن لكل زوج إحداهن بيتا خاصا به!
نحن من نزرع السعادة لنحصدها، فلنفكر فيما نزرعه قبل أن نشكو مما نحصده.. ولنخلص النية لله في كل خطوة، فإنه عز وجل لن يتخلى أبداً عمن عمل لوجهه!