العمل بالعلم


إن العلم لا يطلب لذاته، بل لما له من أثر إيجابي في سلوك المتعلم وأخلاقه ومعاملته، وكلما حرص المسلم على العمل بما علم زاده الله علما، وقد ورد في الأثر >من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم<.

وقد كان هذا ديدن الصحابة رضي الله عنهم، فما أن يسمعوا من رسول الله  آية أو حديثا فيه عمل إلا سارعوا إلى الامتثال، قالت عائشة رضي الله عنها : >والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار، أشد تصديقا بكتاب الله ولا إيمانا بالتنزيل، لقد أنزلت سورة النور {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} انقلب إليهن رجالهن يتلون عليهن ما أنزل الله إليهم فيها، ويتلو الرجل على امرأته وابنته وأخته، وعلى كل ذي قرابته فما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها المرحل فاعتجرت به تصديقا وإيمانا بما أنزل الله في كتابه، فأصبحن وراء رسول الله  الصبح معتجرات كأن على رؤوسهن الغربان<(تفسير ابن كثير 400/5).

وعن عوف بنا مالك الأشجعي ] قال : كنا عند رسول الله  تسعة أو ثمانية أو سبعة فقال : >ألا تبايعون رسول الله؟< فرددها ثلاث مرات، فقدمنا أيدينا فبايعنا رسول الله . فقلنا : يا رسول الله، قد بايعناك، فعلى أي شيء نبايعك؟ فقال : >على أن تعبدوا الله، ولا تشركوا به شيئا، والصلوات الخمس< وأسَرّ كلمة خفيفة : >أن لا تسألوا الناس شيئا<، قال عوف بن مالك : >فلقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط سوطه فما يقول لأحد يناوله إياه<(أخرجه مسلم).

هذه الأمثلة غيض من فيض، وقطرة من بحر تبين بجلاء حرص الصحابة على العمل بما علموا، وتركهم لما نهوا عنه، فاستحقوا ثناء الله عز وجل عليهم، ورضاه عنهم، وإن مما يحزن القلب أن ترى المسلم اليوم يستنكف أن يعمل بما هو مجمع عليه حِرْمةً وحِلاً، ويبحث عن الأعذار والحجج الواهية ليبرر بها نكوصه وتركه العمل بأحكام الشريعة، فلا ريب إذن يتخلف النصر عن الأمة إذ نصرها مشروط بإقبالها على منهج خالقها علما وعملا.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>