غاية الإخلاص في عقيدة التوحيد


عبد المجيد امساهلي

حول بعض المفاهيم العامة لعقيدة التوحيد

التوحيد هو الأصل الأول في الإسلام، لأنه الأساس في الشريعة الحقة التي تقدس الإله الواحد،  الذي له ما في السماوات وما في الأرض ، وهذا الاعتقاد يجعل النفس المتأرجحة بين الشك واليقين تهدأ.وبعد أن يعمد المؤمن إلى مساءلة عقله، حينما يتأمل الكتاب المنظور -الكون-والكتاب المسطور -القرآن الكريم- سيتعرف لا محالة  على حقيقة الوجود، لاسيما ودلائل الإعجاز كثيرة ومتعددة في المصادر الشرعية وغيرها. ومكامنها بارزة في معالم القيم والمبادئ وسبل تنظيم العلاقات، وهي منظمة تنظيما محكما لا يشوب تنفيذها إخلال يذكر داخل التوازن الاجتماعي، أو المؤسسات في شتى وظائفها. كذلك من هذه الصورة نستوحي قوة العقيدة الإسلامية وشأن وحدتها.

قال تعالى : {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولاتقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما   بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلك وصاكم به لعلكم تعقلون. ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان   بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون. وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعواالسبل فتفرق بكم عن سبيله، ذلك وصاكم به لعلكم تذكرون}(الأنعام : 152- 153).

ويظل الكتاب المنزل أساس العقيدة الإسلامية السمحة يهتدي به المسلم في حياته،ويكون التوحيد أيضا قضية واضحة بالنسبة للمسلم.

يقول د. يوسف القرضاوي : “-إن قضية التثنية في الألوهية- إله الخير والنور وإله الشر والظلمة- وقضية التثليث في الوثنيات القديمة أو في المسيحية المتأثرة به (الأب والابن والروح القدس)، لاتتمتع واحدة منها بالوضوح لدى المؤمنين بها، ولهذا تعتمد على الإيمان بغير برهان “اعتقد وأنت أعمى” أو “أغمض عينيك ثم اتبعني!”.

بخلاف قضية التوحيد فهي تستند إلى العقل، وتعتمد على البرهان، يقول القرآن للمشركين:{أإله مع الله؟ قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين} ” من كتاب: الخصائص العامة للإسلام. ص: 188

فضل الإخلاص في المنظور الإسلامي

عن عبادة ابن الصامت رضي الله عنه أن النبي  قال: “- من شهد أن لا إله إلا الله لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق، والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان عليه من العمل”. أخرجه الشيخان والترمذي.

وفي رواية غير الترمذي: “احفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً”.

الإخلاص في المنظور الإسلامي  العام هو الالتزام التام، وعقد النية الصادقة للعقيدة بالنفس والعقل؛ إذ أن المسلم يقيم رابطة الإيمان الموثوق، بينه وبين خالقه، حيث يوجد ميثاق، وعهد في ذمة المؤمن من أجل صيانة النفس من نوازع السوء، ثم يوظف العقل في التدبر، والتفكير، … مع إدراكه لمساقط الأفعال، والأخذ بالأسباب في الشدة، والرخاء؛ إذاك يصبح الإنسان المسلم مؤمنا حق الإيمان بمعاني الإخلاص والتوحيد.

غاية الإخلاص وصلتها بالعقيدة الإسلامية

الإيمان فضيلة من فضائل الله، وازداد سموا ونبلا بكلمة “لا إله إلا الله محمد رسول الله”.

والإيمان الصادق، يستمد قوته من مزايا العقيدة الإسلامية. إنها نعمة لا جدال فيها، عكس ما جاءت به الديانات الأخرى.

وإذا ما توفرت شروط الإخلاص لله عز وجل، فسيكون الإيمان خالصا حتما، وستكون له غاياته في الالتزام لشريعة العقيدة، والخضوع لها. وسوف لن يدخر الإنسان جهدا في ممارسة مهام الحياة والتفكير في الآخرة؛ كذلك تتحرك فيه الهمة حينما يستشعر المسؤوليات الواجبة عليه في صلته بالخالق والمخلوق.

وهذا هو شأن المسلم في هذا المنهاج العظيم، لأنه يدفعه إلى مجاهدة النفس وتسخير العقل للعمل في سبيل الله ، والعرفان بنعمه. يقول “الشيخ نديم الجسر مفتي طرابلس ولبنان: ” -ومن البحث في الكون وعلته تكونت (فلسفة الوجود) ومن البحث في العقل وكنهه وقدرته تكونت (فلسفة المعرفة). ومن البحث في كنه الخير والجمال والقبح تكونت (فلسفة القيم). والذي يهمني أن أبسطه لك، من هذه المباحث، هو (مبحث الوجود) و(مبحث المعرفة) دون سواهما”. من كتاب “قصة الإيمان بين الفلسفة والعلم والقرآن”، ص :27.

ـــــــــــــــ

المصادر والمراجع المعتمدة:

1- عدنان الشريف ، من علم النفس القرآني،الطبعة الأولى 1987،  إعادة الطبع 4، شباط /فبراير 2000، دار العلم للملايين.

2- حمزة محمد صالح عجاج، من وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم خمس وخمسون وصية دار المعرفة، الدار البيضاء.

3- الشيخ نديم الجسر ، قصة الإيمان بين الفلسفة والعلم والقرآن،طرابلس -لبنان.

4- يوسف القرضاوي،الخصائص العامة للإسلام، الطبعة 10، مؤسسة الرسالة 1432هـ – 2001 م.

عبد المجيد أمساهلي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>