اختتام واختتام


اختتام واختتام

اشتدت الحرارة في هذا الصيف وارتفعت لمستويات لم نعهدها من قبل، ومعها اشتدت حمى المهرجانات المائعة بشكل لم نعهده من قبل كذلك.

وهكذا شهدت أغلب المدن وحتى القرى والمداشر الشاطئية مهرجانات وحفلات تغلب عليها الميوعة والاستهتاروالمجاهرة بالمعاصي نهاراً جهاراً حتى أن بعض الجمعيات “تطوعت” بتوزيع العازل الطبي مجاناً على الشابات والشبان المتجمهرين تشجيعا لهم على ارتكاب الفاحشة وخوفا عليهم من الإصابة بالأمراض الجنسية المعروفة!! فهكذا تكون روح المواطنة وإلا فلا!! (الله يلعن لِّي ما يحشم) كما وصل الأمر بإحدى الشركات المنظمة لمهرجان موسيقى السلام بشاطئ تيفلت إلى احتكار الشاطئ بأكمله ومنع سكان المنطقة من السباحة.

…كل ذلك بحجة تشجيع السياحة وإكرام الضيوف وأي سياحة وأي ضيوف!! أما السياحة فهي سياحة جنسية لطَّخت صورة بلادنا عبر العالم حتى أن استاذاً جامعياً فرنسياً ضبط في شقة مفروشة بأكادير يمارس الجنس على قاصرين. وأقصى ما فعلوا معه (يكثَّرْ خيرهم) نقلوه إلى ميناء طنجة ليعود إلى بلاده سالما غانما. ولم يتابعه أحد ولم يشتك أحد ولا حتى المنظمات التي تُعنى بحقوق الطفل ولا حتى برلمان الطفل ولا هم يحزنون.. علما بأن مثل هذه الممارسات الشاذة يعاقب عليها القانون بشدة حتى في بلاد الغرب الإباحي.

وأنا هنا لا أعترض على الفرجة والمهرجانات في حد ذاتها وإنما أعترض على مضامينها المائعة وأنواع الفنانين والمنشطين المشاركين فيها والساهرين عليها والذين لا يهمهم من الأمر لا خدمة للفن الوطني ولا تشجيعا للسياحة الداخلية ولا إحداث مناصب شغل موسمية  كل ما يهمهم هو جمع الأموال على حساب كرامة أبناء وبنات هذا البلد العريق ونشر الفاحشة وتقريبها من المواطن ففي شبابنا من العاهات والانحرافات وهو فعلا معمي في معظمه ومغشي عليه وضائع وتائه حتى أنه بات يفضل أنياب الروكان في عرض البحار على البقاء في بلاده دون معنى ولا هدف واضح بعدما بلغ منه اليأس والبؤس المادي والوجداني والفكري كل مبلغ، واسودت الدنيا في عينيه فلا يكاد يرى نوراً في عتبة الضياع والعبث الذي أضحي يغزو حياتنا في كل مناحيها : العائلية والتربوية والاجتماعية والترفيهية…..

كدت أن أصاب بالإحباط مع هؤلاء الشباب المجني عليه لولا زيارتي الأخيرة لمدينة وجدة فقد أعادت لي الأمل زيارتي لبعض المساجد في المدينة ووقوفي على حرص وتشجيع الأطفال والشباب والشابات على حفظ كتاب الله تعالى وتعلم القرآن وانكباب الكبار والكهول على تعلم الكتابة والقراءة في دور محو الأمية وحضور الدروس الدينية والتربوية.

كل هذه الأنشطة موجودة ولله الحمد في جميع المدن والقرى المغربية وبمبادرات أهل الخير والفضل إلا أن ما وقفت عليه في وجدة هو عمل مكثف خاص بفصل الصيف قام به أهل الخير والفضل بتنسيق مع المجلس العلمي للمدينة وثلة خيرة من مثقفيها وعلمائها.

وتوج هذا العمل النبيل بإقامة حفل قرآني بهيج برحاب مسجد عمر بن عبد العزيز يوم الأحد 28غشت احتفاءاً بالمئات من الأطفال والطفلات  من وجدة ونواحيها القريبة قضوا صيفهم في رحاب بيوت الله يحفظون أجزاءاً من كتاب الله تعالى.

وقد سهر على تنظيم هذا الحفل البهيج المجلس العلمي للمدينة بتعاون مع لجان دور القرآن والمساجد والعديد من المحسنين كما تميز الحفل بحضور رئيس المجلس العلمي ونخبة من رجال السلطة والمثقفين وأهل العلم والفضل.

وتم تكريم ثلاثة من كبار مقرئي المدينة وسلمت لهم جوائز نقدية مهمة.

كما تم تكريم أول رجل وامرأة التحقا بدروس محو الأمية وقدمت لكل واحد منهما تذكرة للقيام بعمرة في شهر رمضان. تخلل الاحتفال البهيج أناشيد وأمداح نبوية أداها الأطفال المحتفى بهم بأصواتهم الندية واختتم الحفل بتقديم جوائز رمزية للأطفال.

هكذا إذن تفضل مدينة وجدة أن تختتم موسمها الصيفي في أجواء ربانية ونفحات إيمانية بينما فضل البعض اختتام الموسم بأجواء شيطانية وشهب شهوانية استعداداً لدخول موسم مدرسي جديد؟.

{فهل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون}.

ذ.عبد القادر لوكيلي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>