عـودة تائب


من بين النصوص الفائزة في مسابقة جائزة محمد الحلوي للمبدعين الشباب

عـودة تائب

نفضت غبار الكسل والخمول، وضعت نهاية لحياة المجهول، رفعت قدمي وضعتها على عتبة الندم، فعبت من غابة الاستفهام : ترى ما لهذه الوجوه يكسوها السرور، وأنا ومن أنا ولماذا تعشش في قلبي سحب كثيفة من القلق؟ كان واضحا أنني أبحث عن شيء ما، بحثت وبحثت كانت أمامي عدة طرق وقفت ناقة سيري حائرة، سلكت طريق >طوبى للغرباء< لعلني أنتشل من براثين الجهل نفسي. كانت فقاعات غبار الذنوب تتطاير كلها وطئت قدمي أرض العودة والتوبة، تناثرت خيوط الزمن كورقات الخريف الذابلة يوما بعد يوم، أزمعت على العودة وعلى عاتقي حقيبة ألم أجرها في يأس وقنوط ولساني لا يفتر عن الآية الكريمة {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفِر الذّنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم} كانت الطريق شاقة وكل ما فيها يوحي بالوحدة والغربة حتى كدت أستسلم لنوازع النفس الأمارة بالسوء.

أيها السائر، أيها السائر وحدك لم تركت المتاع والتمتع وسلكت طريق الزهد والتقشف؟ قلت : أبَعْد كل هذه المسافة أستسلم؟ كلا! عقدت العزم على مواصلة السير والمسير رغم كثرة الآهات والزفير، لم أجد أمامي إلا بقايا الرماد، قلت لعل في الرماد جذوة عصمة أصطلي بها من قر النزوات والغرائز وأستطيع التخلف عن ركب التقدميين الحداثيين حيث الكعب العالي والأجساد الكاسية العارية و… آه لقد وصلت حافة الهاوية في زمن الجهل والتفسخ، صوت الامارة بالسوء يصرخ : لقد جرفك تيار الظلام فعد إلى سابق عهدك. وضعت قطن الاخلاص في أذني، نداء الفطرة جاء كصوت غريق في وحل الزمن المر الماجن، تقدم إلى الأمام واكتشف نفسك في غابة العشق المرير وقف مستضيئا بشموع الأمل في الوصول كانت هذه الكلمات تنزل بردا وسلاما على قلبي الذي نسفته الأيام نسفا وتركته المعاصي هشيما تذروه رياح العودة والأمل في الوصول.

عبد الواحد الطالب

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>