الشيخ تعيلب.. صاحب “فتح الرحمن في تفسير القرآن”


دائمًا ما ارتبط علم التفسير في وعيي -وربما وعي كثيرين- بأعلام وأئمة السلف، فلم أكن أسمع بكلمة “مفسر” حتى يعود الذهن قرونًا ماضية ليستحضر أسماء ابن كثير والقرطبي والنسفي والرازي والزمخشري.. وغيرهم من أعلام المفسرين، حتى لم أكن أتصور في فترة الصبا مفسرًا من هذا العصر.

لم أكن أعرف لهذا سببًا مقنعًا والأمة لم تخلُ أبدًا من مفسر، فقد كان الشيخ الشعراوي ملء السمع والبصر، وكان اسم سيد قطب يلهب الخيال، وربما عاد ذلك إلى أن صفة المفسر توارت عند كل منهما لحساب صفات أخرى، فقد كان الشعراوي نجمًا في الدعوة الإسلامية، كما كانت صورة المفكر الثائر غالبة على الشهيد سيد قطب فغاب جانب المفسر عني رغم شهرة تفسيره “في ظلال القرآن”.

بعد ذلك تعرفت في الجامعة على أسماء مثل الطاهر بن عاشور وتفسيره “التحرير والتنوير”، ومحمد رشيد رضا وتفسيره “المنار”، والشيخ سعيد حوى وتفسيره “الأساس”… وغيرهم ممن انتموا زمنيًّا إلى القرن العشرين وبعضهم ما زال حيًّا -مثل الشيخ الصابوني- أمدّ الله في أعمار من بقي ورحم من مات.. وكانت إحدى أمنياتي أن أتعرف على مفسر من الأحياء وأقابله وجهًا لوجه.. ومضى الزمان.. تخرجت في كلية الآداب وابتعدت عن دراسة علوم العربية والتفسير إلى الصحافة، وكان من حظي أن أهدى بكتاب -من سبعة مجلدات- في التفسير كانت تحمل عنوان “فتح الرحمن في تفسير القرآن” للشيخ عبد المنعم تعيلب.

وكان أول ما جذبني في الكتاب -قبل أن أقرأه- أن صاحبه لا يحمل لقبًا تراثيًّا، وأن ليس هناك في تعريفه ما يقول إنه من السلف الراحلين، أمد الله في عمر الرجل، فكانت الهدية مضاعفة؛ سبعة مجلدات في التفسير وصاحبها ما زال حيًّا.. كان هذا وكانت أمور كثيرة أعقبتها زيارة للشيخ عبد المنعم تعيلب، أول مفسر أجلس بين يديه وتراه عيناي.

المفسر.. وكفى

وإذا أردت أن أعرف بالرجل فلن أجد له سوى صفة “المفسر”؛ فتفسير القرآن الكريم هو المشروع الذي أوقف عليه الشيخ تعيلب حياته، وقضى فيه نصف قرن أو يزيد، من أجل تقديم تفسير مبسط ومعاصر وملتزم بأسس وقواعد التفسير لمسلم العصر الحديث، وقد بدأ مسيرته في هذا المشروع بسبعة كتب أصدرها في سلسلة أسماها (تفسير القرآن حسب مطالبه) ترجم بعضها للغة الإنجليزية، ثم وضع أسس أول قسم للتفسير في جامعة الملك عبد العزيز بالمملكة العربية السعودية، ثم أنجز تفسيره للقرآن الكريم في سبعة مجلدات، وأنفق عليه عشر سنوات كاملة، كما شارك في وضع تفسير معاني القرآن الكريم بالإنجليزية، وهو المشروع الذي تبنته رابطة العالم الإسلامي، ولكن لم يطبع إلى الآن، وهو ما يحتاج لبيانٍ أفضل أن أسبقه بتعريف الرجل أولاً.

بقلم: حسام تمام

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>