المجلس العلمي بوجدة ينظم الجائزة الوطنية للأدب الإسلامي في دورتها الثانية


نظم المجلس العلمي بوجدة يوم 22 ماي 2004 الجائزة الوطنية للأدب الإسلامي، وقد حضر هذا الحفل جمع كبير من المثقفين والأدباء بالإضافة إلى رجال السلطة المحلية وعلى رأسهم والي ولاية وجدة أنجاد. وقد نال الجائزتين الثانية والثالثة -بعدما حجبت الأولى- كل من ذ.سعيد ساجد الكرواني عن بحثه الموسوم بـ(لحظات مع أشعار آمنة المريني: رؤية في التأويل) والأستاذ مداني عدادي عن بحثه: تأملات نقدية في أعمال نجيب الكيلاني.

وقد ألقى كل من د.مصطفى بنحمزة رئيس المجلس العلمي ود.حسن الأمراني رئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية بالمغرب العربي ود. إدريس ناقوري نائب رئيس رابطة الأدباء المغاربة ، ألقوا كلمات أثنوا فيها على هذه المبادرة.

وعلى هامش هذه التظاهرة الثقافية تم تكريم ثلاثة قراء هم : القارئ أحمد خجو العروسي، والقارئ يحي عباس والقارئ مصطفى منشار.

كلمة د. مصطفى بنحمزة

رئـيــس الـمجلس العلمي بـــوجدة

< الإسلام هو أساسا كلمة، والمدخل إلى الإسلام كلمة ومعرفة الله عن طريق الكلمة

< لا شك أن الذين يراهنون على الموسيقى الصامتة الآن من خلال مدارس غربية لا يقصدون فقط الإحسان إلى جانب الموسيقى بقدر ما يقصدون تغييب الكلمة

بسم الله الرحمن الرحيم السيد والي الجهة الشرقية عامل عمالة وجدة أنكاد السادة رؤساء المصالح السادة نواب الأمة.

إن هذا اللقاء يوشك أن يصبح تقليدا يتمناه المجلس العلمي، يحاول من خلاله أن يمد يده إلى كل المواهب الأدبية في مغربنا كله، من خلال إعلانه عن جائزة سنوية للأدب، وقد سبق أن حضر كثير منا مناسبة مماثلة منحت فيها جوائز لبعض الأدباء نساءا ورجالا.

واليوم نعرج على مجال آخر هو مجال النقد، وقد أعلن عن جائزة ، تحاول أن تلم بقضايا الأدب الإسلامي. وتعهد وتكفل بذلكلجنة متخصصة من أساتذة الجامعة الذين نظروا في البحوث المقدمة.ولم يكن القصد أبدا هو التوقف عند شخص معين أو تكريم شخص معين بقدرما كان القصد هو استحسان جميع الكاتبين من أجل الالتقاء حول موضوع من المواضيع الأدبية.

وفعلا فقد توصل المجلس إلى شيء من ذلك واستكتب وكتب الناس ما شاء الله لهم أن يكتبوا، والمهم من هذا هو أن المجلس العلمي يرى أن مجال عمله هو كل شعب الحياة وكل اهتمامات الناس مادام هذا الإسلام في حد ذاته شاملا ، ومادام الإسلام قد كان له انعكاس على الأدب منذ جاء الإسلام. ومنذ تنزل القرآن أصبح عندنا أدب إسلامي موصول الصلة ووثيق الصلة بالقرآن الكريم وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أدب له ميزاته وخصائصه. ثم هذا الأدب تفرع مفهومه وانداح ليشمل كل أدب إنساني يأخذ بتلك القيم التي جاء الإسلام للإعلاء من شأنها ، وأصبح مجال الأدب الاسلامي هو كل الإنتاج الأدبي الإنساني الذي لا يتعارض مع توجه الشريعة الإسلامية. ونحن إذ نحاول أن نقف مثل هذه الوقفات التي يظن البعض أنها من اختصاص ومن عمق اهتمام جهات أخرى ومؤسسات أخرى لها اختصاص بالأدب، قلت نحن إذ نقف هذه الوقفة ، فنحن نرى أننا أجدر بها مادام هذا الإسلام في ذاته وفي حقيقته هو الكلمة. الإسلام هو أساسا كلمة، والمدخل إلى الإسلام كلمة ومعرفة الله عن طريق الكلمة . ولذلك اتفق علماؤنا على أن الإعجاز القرآني هو السبيل الوحيد إلى توحيد الله عز وجل، ولذلك عرض القرآن على الناس أن يأتوا بمثله، وعرض عليهم أن يأتوا بعشر سور مفتريات من مثله ثم عرض عليهم أن يأتوا بسورة من مثله، فتوقف الناس وعجزوا فكان القرآن معجزا أي نسبهم إلى العجز والتوقف عن أن يأتوا بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا.

فإذا كان القرآن ذاته كلمة، ورسالة الإسلام كلمة ـ فإن للكلمة قيمة ليست لها في أي توجه من التوجهات ، هو جانب فني، هو تمام الخلق كما عبر بذلك بعض الأدباء وبعض المفسرين، “الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان” قال علماؤنا إن الخلق وإن تمام الخلق هو البيان، فتمام خلق الله للإنسان أن علمه البيان، فيصير البيان مظهر توحيد لله تعالى وبيان عظمته. في هذا الدين تشرف الكلمة وتكون لها أهمية وقيمة ورسول الله  قال: إن من البيان لسحرا ،إن من الشعر لحكما وإن من البيان لسحرا.أو كما قال .

والناس أخذوا من الرسول  هذا التقدير للبيان واهتموا به، وكتب المسلمون في البيان ما لم تكتبه أمة أخرى في البيان وفي تجلياته وفي نظرية النظم وفي كل النظريات البيانية .

إن الأمة الإسلامية علمت قيمة الكلمة وعبرت بذلك عن حضارتها وعن شفوفها ، لأن الأمة التي تحترم الأدب والفن والقيم الجميلة هي بالتأكيد أمة متحضرة، فالعرب لم يكونوا في جاهليتهم الجهلاء يقدسون إلى جانب الكعبة شيئا كما قدسوا القصيدة التي كتبوها بالذهب وعلقوها على جدار الكعبة وهو أشرف مكان. فقد كتبوها بأشرف معدن وعلقوها في أشرف مكان إيماء إلى قيمة الكلمة عندهم، قلت إن الأمة الإسلامية تفننت في الكلمة وعبرت بها، وجاء الأدب الاسلامي -المضاهي للأدب الشعبي- ، موصولا بفهوم الأدب الشعبي، فكانت الأم تهدهد ابنها وتعلمه وترقصه ولكنها تصب في أذنيه كلمات تتصل بالوحي، فكان الأطفال في محاضن أمهاتهم يتعلمون المعاني والقيم العليا، وكانت امرأة من بيت النبوة تنشد وهي ترقص ابنها.

واشتهر تداول هذا الأدب على المستوى الشعبي و على المستوى المتخصص ومستوى الأدباء ، أصبح شيئا معروفا وأصبح يسهم في تربية الأمة وتنشئتها، ونحن الآن نحس أكثر من أي وقت مضى بأننا مضطرون أن نعود من جديد إلى الكلمة النظيفة ، الكلمة القيمة، الكلمة الجميلة، الكلمة الرائعة لنستعملها ، ونحن نريد أن نخطو بهذه الأمة خطوات إلى الأمام، ولا شكأن الذين يراهنون على الموسيقى الصامتة الآن- هذا اتجاه أصبح يفرض الآن، من خلال مدارس غربية ، وأصبح يبشر به- لا يقصدون فقط الإحسان إلى جانب الموسيقى بقدر ما يقصدون تغييب الكلمة، فإذا غابت الكلمة من الأنشودة ، أو من هذه الألوان التعبيرية إذا غابت أو انحدرت ، أو تضعضعت فمعنى ذلك أن الأمة تفقد وسيلة، وتفقد أداة من أدوات التربية. فالناس لا يربون فقط بالخطبة وبالدرس ، بل قد يربون بالأنشودة ، وبالأغنية الهادفة، بكل هذه الأشكال التي قننها العلماء. أشير فقط إلى أن أحد علماء المغرب وهو الشيخ أحمد زروق رحمه الله في كتابه :” القواعد” وهو كتاب وضع فيه ثماني ومائتي ( 208 )قاعدة تحدث فيه عن جوانب كثيرة خص بعضه بالسماع وبآداب السماع وما يشترط في هذا الإنشاد ، وكان بعض العلماء كتبوا في هذا الإنشاد والسماع، ومنهم القيصراني الذي له كتاب وهو كتاب يجب أن يطلع عليه الناس، كيف يكون السماع وكيف تكون الكلمة التي ترفع مستوى الناس.

إذن لهذا السبب قلت، نحن نفتح ذراعنا، ونعلم أن هذا المجال له رجاله ومتخصصون فيه، ولكن نريد أن نلتقي معهم على هذا المستوى وعلى هذه القاعدة من أجل أن نكون في خدمة الكلمة من هذه الزاوية،وهو جهد أيضا يضم إلى سائر الجهود الخيرة التي تنشد الارتقاء بذوق هذه الأمة وبمستواها من أجل أن يكون العمل مشتركا، لكن من مواقع متعددة ومن زوايا متعددة.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>