عاش عزيزا، ومات شهيدا


مساء السبت 26 صفر الخير 1425، يستقبل هاتفي المحمول رسائل الكترونية مقتضبة، بعثها إلي بعض الأصدقاء (لا إله إلا الله، محمد رسول الله) (لقد عاش الرنتيسي عزيزا، ومات شهيدا) (الإرهاب الصهيوني، يغتال قائد حماس الدكتور الرنتيسي)

أقرأ، وأسمع الخبر، فأشرد طويلا، يصعب التصديق بموت طبيب الأطفال د. عبد العزيز الرنتيسي، بعد أقل من شهر على استشهاد الشيخ المجاهد أحمد ياسين رحمه الله.

يا إلهي، إلى هذا الحد تبلغ درجة صلافة واستخفاف الصهاينة، بهذه الأمة، فيعيثون فسادا في الأرض، ويقترفون أبشع الجرائم وأفظع المجازر، في حق الشعب الفلسطيني الأعزل وتغتال أياديهم الآثمة، رموز المقاومة وقادتها، دون أن يجدوا من يوقفهم عند حدودهم، ويقطع دابر شرهم هل تكفي بيانات الشجب والإدانة؟ وهل بالتأثر والحزن والتضامن العاطفي، نستطيع أن نقدم لإخواننا في فلسطين الدعم الحقيقي؟

إن دولة الكيان الصهيوني، مسنودة من طرف البيت الأسود الأمريكي، الذي لم يكتف فقط بحماية أولئك القراصنة واللصوص، بل يقوم بتشجيعهم، ومشاركتهم في عملياتهم الإرهابية الخسيسة. والتاريخ العسكري الذي ميز عدوة الشعوب أمريكا، منذ أن قامت على أنقاض الموروث الثقافي للسكان الأصليين الهنود الحمر. يعلمنا أن الويلات المتراكمة الأمريكية هي العدو الاستراتيجي للأمة العربية والإسلامية (أحب من أحب وكره من كره)

هذه الويلات الأمريكية، تسببت في الكثير من المآسي، للكثير من شعوب العالم، في فيتنام والشيلي والصومال وباناما وكمبوديا و السلفادور وغريندا وفلسطين حيث ساهمت باقمارها الاصطناعية في عملية جبانة استهدفت الدكتور عبد العزيز الرنتيسي وقبله الشيخ المجاهد أحمد ياسين، والعراق التي تقترف في حق شعبه المذابح تلو المذابح والمجازر تلو الأخرى.

بعد نشرة أخبار مساء السبت بالقناة الثانية والأولى، التي أذيع فيها خبر استشهاد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، ببرودة دم، وبشكل عابر وكأن الأمر يتعلق بأحداث وقعت بجزيرة الوقواق!! صدمتنا قناتانا العموميتان ببث مواد، لم تراع ما تتعرض له الشعوب العربية والإسلامية من ألم وحزن (…) أقفلت كغيري جهاز التلفزة لأن السهرة لم تكن لنا، كما يَدَّعون، فنحن في قمة الأسى واللوعة، جراء استشهاد أحد قادة المقاومة الذين نعتز بوجودهم في هذا الزمن الردئ… وكيف يكون التضامن والإدانة إذا لم نحترم شعور أشقائنا الفلسطينيين عبر فضائياتنا.. التي تشن حملة شرسة قصد عزلنا عن قضايانا المصيرية والحيوية. والإجهاز على البقية الباقية من حسنا العربي والاسلامي.. يقول المثل المغربي(عار الجار عْلَى جارو) وهكذا عندما يصاب أحد جيراننا بمكروه، يكون أهم شيء نواسيه به هو تفادي كل ما من شأنه أن نظهر معه فرحين. فَتُمسك النساء على طلي أكفهن بالحناء، ونكتم على صوت فيه غناء أو ضحك لكن، أن تتعمد وسائل إعلامنا العمومي المرئي، بث سهرات ترقص من خلالها على جراح الشعب المغربي المكلوم بفقدان رمز من رموز المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني، هذا يشي بغير قليل من التشفي والاستخفاف بشعورنا العربي والإسلامي.

وهكذا يجد ضحايا العدو، من يعلن أيام حداد وساعات صمت، ومن يتبرع لهم بالدم، ومن يترحم عليهم في حفلات دينية ومن يوقد لهم الشموع ويذرف عليهم الدموع. ومن يكلل قبورهم بالورود… فأرواحهم غالية(!) أما أرواح إخواننا بفلسطين فرخيصة عند إعلامنا العمومي.. لكن عند الله عز وجل غالية جدا، جدا، فماذا نقول، وفلسطين تواجه الوحوش الهمجية؟ الشعب المغربي سيقول أن الشهيد الدكتور الرنتيسي وهو يستقبل الصواريخ بدمه الحار، وبإيمانه الراسخ، هو أكثر حضورا من هؤلاء الغثاء… إن المغاربة الأحرار يحبونك أيها الشهيد العزيز (حَيّا و حَيًّا).

فأنت وأمثالك من استطاع أن ينحت كلمة الانتفاضة بقوة في صخرة القاموس الدولي، انتفاضة هي تاج فوق رأس انتفاضات في زمن الذلقراطية التي تريد أن تفرضها الويلات المتراكمة الأمريكية

إنك تعرف أيها الشهيد أن الحياة الحقيقية تنتظرك في أمكنة أخرى، بعيدا عن هذا الذل العربي والهوان الذي أصابنا من الرأس إلى القدمين ولا بد أن ندرك أن الحرب أزلية بين السنبلة والمنجل وبين الزجاج والحجر وبين النور والظلام.. فلو وضعوا الشمس في اليمين والقمر في اليسار لا تراجع عن قرار المقاومة, فما اغتصبه الأعداء بالقوة لا يرجع إلا بالقوة والمرء يموت إما على “وْلاَدُو” أو “بْلاَدُو..”

رحم الله الشهيدين الشيخ أحمد ياسين والدكتور عبد العزيز الرنتيسي، ولعنة الله على الخونة والعملاء و…. الغثاء.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>