بعد مرور سنة على (اليوم الدراسي الأول حول التعليم الابتدائي الأصيل)  الذي ترأسه السيد وزير التربية الوطنية بثانوية القرويين بفاس : {وَذَكِّرّ فإنّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الـمُومِنِين …}


قال الدكتور محمد يسف باسم جمعية العلماء في كلمة الافتتاح :

(إن فراغ الساحة من التعليم المغربي الوطني الأصيل قد أفضى إلى شيء غير يسير من الفوضى والاضطراب، ويوشك أن تكون له عواقب لا يمكن التكهن بمفاسدها، إن لم يتدارك الأمرَ عقلاءُ الأمة وأهلُ البصيرة والحكمة فيها) .

وقال السيد الحبيب المالكي وزير التربية الوطنية:

(إننا ندرك القيمة التاريخية والحضارية والدينية والثقافية والتربوية لتعليمنا الأصيل، وينبغي أن ندرك ذلك دائما).

ينص الميثاق الوطني للتربية والتكوين في مادته 88 على ما يلي:

(تحدث مدارس نظامية للتعليم الأصيل من المدرسة الأولية إلى التعليم الثانوي، مع العناية بالكتاتيب والمدارس العتيقة وتطويرها وإيجاد جسور لها مع مؤسسات التعليم العام).

ولتفعيل بعض مضامين هذه المادة أسست لجنة مشتركة بين جمعيات العلماء ووزارة التربية الوطنية ،عقدت عدة لقاءات من أجل بلورة رؤية علمية متقدمة للنهوض بهذا القطاع الذي ظل متعثرا بسبب التهميش الذي أصابه خلال الفترة الماضية، بعدما كان منارة تخرج العلماء وكبار الساسة والمثقفين في هذا البلد .

وكان من بين أهم محطات هذه اللجنة وإنجازاتها تنظيم اليوم الدراسي الأول عن التعليم الابتدائي الأصيل في 7 ربيع الأول 1424هـ/ 9 ماي 2003م بثانوية القرويين بفاس. وقد عبرت الكلمات الافتتاحية والختامية – التي نشرناها بالنص في المحجة عدد 194/195- عن النية الصادقة في تطوير هذا القطاع ، حيث قال الدكتور محمد يسف في كلمته نيابة عن جمعية العلماء: (للعلماء استعداد للشراكة مع وزارة التربية الوطنية في كل خطوة تخطوها في اتجاه تثبيت هذا المكتسب ، ولن نقصر أبدا في الاضطلاع بمسؤولياتنا كاملة في هذا الصدد .وقال الدكتور الحبيب المالكي : (لقد وضعنا إطار التعامل والعمل المشترك بيننا، وفي هذا السياق أقول لكم إن اللجنة المشتركة التي حضرت لليوم الدراسي الأول ستنكب على دراسة كل الصيغ العملية لإنجاز وتطبيق التوصيات التي اتفقنا عليها وذلك في أقرب وفت ممكن).

وقد قدمت في هذا اليوم الدراسي ورقات مهمة تنم عن أهمية الجهد المبذول في اتجاه التطوير وهي : واقع التعليم الأصيل وآفاقه للأستاذ عبد الرحمن الرامي مدير مديرية البرامج والمناهج بوزارة التربية الوطنية ، ثم بطاقة حول تشخيص وضعية التعليم الأصيل وآفاق تنميته وكانت محور المناقشة في الورشة الأولى، ثم ورقة الورشة الثانية وهي مواصفات المتعلم والأغلفة الزمنية ووحدات برامج التعليم الأصيل، وأخيرا ورقة الاختيارات والتوجهات المعتمدة في الارتقاء بالتعليم الأصيل.

وتركزت التوصيات على ثلاثة محاور:

أولا : مواصفات المتعلم.

ثانيا : بناء المناهج  وإعداد الكتاب المدرسي ومن أهم ما جاء في هذا المجال:

أ- دعم الدولة للكتاب المدرسي للتعليم الأصيل بشراكة وتعاون مع وزارة الأوقاف وبعض الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، لأن خضوع هذا النوع من الكتب للمسار العادي في التأليف قد لا يشجع المؤلفين ودور النشر.

ب-  التركيز على إدماج الأنشطة التعليمية والاستثمار الأمثل لتكنولوجيا الإعلام والتواصل في تدريس العلوم الإسلامية.

ثالثا : مواصفات المدرسين :

وقد تم الاتفاق على إنجاز مايلي :

- التكوين الإسلامي العلمي العميق والمتجدد للمدرسين .

- التكوين التربوي والبيداغوجي خاصة في طرق تدريس المواد الإسلامية.

- إنشاء قسم خاص بشعب الدراسات الإسلامية بمؤسسات تكوين الأطر التربوية العليا بمؤسسات تكوين الأطر التربوية العليا لإعداد أساتذة التعليم الأصيل.

- عقد دورات للتكوين المستمر خاصة بأساتذة التعليم الأصيل لتجديد قدراتهم وكفاءاتهم المهنية والتربوية .

- فتح سلك التبريز في ديداكتيك الدراسات الإسلامية لتكوين باحثين مختصين يسهمون في الرفع من المستوى البيداغوجي في تدريس الدراسات الإسلامية سواء في التعليم الأصيل أم التعليم العام .

ولمتابعة تنشيط عملية الشراكة بين العلماء والوزارة ،قال السيد الوزير: (وفي هذا السياق أقول لكم: إن اللجنة المشتركة  التي حضرت لهذا اليوم الدراسي الأول ستنكب على دراسة كل الصيغ العملية لإنجاز وتطبيق التوصيات التي اتفقنا عليها وذلك في أقرب وقت ممكن، وبالتنسيق مع وزارة الأوقاف على تخصيص اليوم الدراسي الثاني الذي  سيهم التعليم الإعدادي والثانوي حتى تكتمل الصورة ونخلص بالتالي إلى مخطط متكامل يشمل كل الأسلاك).

وبعد عام على هذه التوصيات والوعود بإنجازها والنيات الطيبة التي صاحبتها نتساءل مع المتسائلين الغيورين على هذا التعليم الأصيل :

1- ماذا أنجز من هذه التوصيات على أرض الواقع ، مقارنة مع ملفات أخرى جرى الإعداد لها -ويجري حتى الآن- على قدم وساق تهم التعليم العام؟

2- ما مصير “اللجة المشتركة” ؟ وكم عقدت من اجتماعات لمتابعة تنفيذ هذه التوصيات ؟

3- ما هي (الصيغ العملية) التي أعدتها “اللجنة المشتركة” لـ (إنجاز وتطبيق التوصيات) ؟

4-  هل تم ذلك فعلا كما وعد السيد الوزير (في أقرب وقت ممكن) ولم نعلم به ؟ أم أن هذا (الوقت الأقرب) لما يمكن بعد؟ وما الذي منع من ذلك ؟

5-  هل خصص  (اليوم الدراسي الثاني الذي  سيهم التعليم الإعدادي والثانوي حتى تكتمل الصورة ونخلص بالتالي إلى مخطط متكامل يشمل كل الأسلاك) كما وعد السيد الوزير ، ومتى كان ذلك وأين؟

أسئلة وأسئلة وأسئلة ….. يكثر وضعها ويقل الجواب عنها (في أقرب وقت ممكن).

إن ما يحتاجه التعليم الأصيل اليوم -وقبل اليوم-هو تفعيل التوصيات وعدم الاكتفاء بالطابع المهرجاني، وذلك حتى تتقوى لدى الناس الرغبة في اختيار التعليم الأصيل لمستقبل أبنائهم وتتحقق “النيات الطيبة” على أرض الواقع، ويثمر التعليم الأصيل ثماره الزكية، أمنا للبلاد وسعادة للعباد .

{إن هذه تذكرة، فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا}.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>