تفقه في دينك : الزواج ومقدماته


الزواج ومقدماتهيعتبر الزواج عبادة يستكمل الإنسان بها نصف دينه، ويلقى بها ربه على أحسن حال من الطهر والنقاء. فعن أنس ] أن رسول الله  قال : “من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه، فليتق الله في الشطر الباقي” رواه الطبراني والحاكم وقال : صحيح الإسناد.

لذلك نجد الإسلام قد رغب فيه وذلك لما ينتج عنه من آثار نافعة تعود على الفرد وعلى المجتمع، لأن الغريزة الجنسية من أعظم الغرائز وأشدها عنفا، وهي تدعو صاحبها دوما لإشباعها بأي طريقة كانت، لهذا فإن الزواج هو أفضل وسيلة لإشباع الغريزة، وبذلك تسكن النفس وتهدأ، ويستريح البدن من الاضطراب، ويكف الإنسان عن ارتكاب الفواحش، ويقبل على ما أحل الله تعالى.

قال عز وجل : {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون}.

الخطبة من مقدمات الزواج الأساسية

الشرط الأول :

- أن تكون خالية من الموانع الشرعية مثل أن تكون ذات محرم، أو معتدة، أو مخطوبة.

الشرط الثاني :

ألا يسبقه غيره إليها بخطبة شرعية.

شروط إباحة الخطبة :

> الخطبة على الخطبة  :

يحرم على الرجل أن يخطب على خطبة أخيه، لما في ذلك من اعتداء على حق الخاطب الأول وإساءة إليه، وقد ينتج عن هذا التصرف الشقاق والبغضاء بين الأسر، والاعتداء الذي يروع الآمنين.

فعن عقبة بن عامر، أن رسول الله  قال : “المؤمن أخو المؤمن فلا يحل له أن يبتاع  على  بيع أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه حتى يذر” رواه مسلم وأحمد.

ومحل التحريم ما إذا صرحت المخطوبة بالإجابة، وصرح وليها الذي أذنت له، حيث يكون إذنه معتبرا.

وحكى الترمذي عن الشافعي في معنى الحديث : إذا خطب الرجل المرأة فرضيت به وركنت إليه، فليس لأحد  أن يخطب على  خطبته، فإذا لم يعلم برضاها ولا ركونها، فلا بأس أن يخطبها.

وإذا خطبها الثاني ـ بعد إجابة الأول ـ وعقد الثاني عليها أثِم والعقد صحيح، لأن النهي عن الخطبة، وليست شرطا في صحة العقد، فلا يُفسخ بوقوعها غير صحيحة.

قال داود : إذا تزوجها الخاطب الثاني فُسخ العقد قبل الدخول وبعده تشبتا بظاهر الحديث.

> النظر إلى المخطوبة :

مما يسعد الحياة الزوجية ويجعلها محفوفة بالهناء والسرور أن ينظر الرجل إلى المرأة قبل الخطبة، ليعرف جمالها الذي يدعوه إلى الإقدام على الاقتران بها، أو قبحها الذي يصرفه عنها إلى غيرها، والحازم لا يدخل مدخلا حتى يعرف خيره من شره قبل الدخول فيه.

قال الأعمش : كل تزويج يقع على غير نظر فآخره هم وغم.

وهذا النظر ندب إليه الشرع ورغب فيه.

فعن المغيرة بن شعبة : أنه خطب امرأة فقال له رسول الله  : “أنظرت إليها؟” قال :لا، قال :”أنظر إليها، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما” أي أجدر أن يدوم الوفاق بينكما. رواه النسائي وابن ماجة والترمذي وحسنه.

وعن أبي هريرة ] أن رجلا خطب امرأة من الأنصار فقال له رسول الله  : “أنظرت إليها؟” قال: لا، قال : “فاذهب فانظر إليها، فإن في أعين الأنصار شيئا” قيل صِغَر، أو عَمَش.

> المواضع التي ينظر إليها :

ذهب الجمهور من العلماء إلى أن الرجل ينظر إلى الوجه والكفين فقط، لأنه يستدل بالنظر إلى الوجه على الجمال أو الدمامة، وإلى الكفين على خصوبة البدن أو عدمها.

والأحاديث لم تعين مواضع النظر، بل أطلقت لينظر إلى ما يحصل به المقصود والدليل على ذلك ما رواه عبد الرزاق وسعيد بن منصور. أن عمر بن الخطاب ] خطب إلى علي ابنته أم كلثوم فذكر له صغرها فال : أبعث بها إليك فإن رضيت فهي امرأتك. فبعث بها إليه فكشف عن ساقها فقالت : لولا أنك أمير المؤمنين لصَكَكْتُ عينيك.

وإذا نظر إليها ولم تعجبه فليسكت ولا يقل شيئا، حتى لا تتأذى بما يذكر عنها، ولعل الذي لا يُعجبه منها قد يُعجب غيره.

> نظر المرأة إلى الرجل :

وليس حكم النظر مقصورا على الرجل، بل هو ثابت للمرأة أيضا، فلها أن تنظر إلى خاطبها فإنها يعجبُها منه مثل ما يعجبُه منها.

قال عمر : “لا تزوجوا بناتكم من الرجل الدميم، فإنه يعجبهن منهم ما يعجبهم منهن”

> التعرف على الصفات :

هذا بالنسبة للنظر الذي يعرف به الجمال من القبح، وأما بقية الصفات الخلقية فتعرف بالوصف والاستيصاف، والتحري ممن خالطوهما بالمعاشرة أو الجوار أو بواسطة بعض أفراد ممن هم موضع ثقته من الأقرباء كالأم والأخت وقد بعث النبي  أم سليم إلى امرأة فقال : “أنظري إلى  عرقوبها وشمي معاطفها”(1) وفي رواية “شمي عوارضها”(2) رواه أحمد والحاكم والطبراني والبيهقي.

قال الغزالي في الاحياء : ولا يستو صف في أخلاقها وجمالها إلا من هو بصير صادق. خبير بالظاهر والباطن, ولا يميل إليها فيفرط في الثناء، ولا يحسدها فيقصر، فالطباع ماثلة في مبادئ الزواج ووصف المزوجات إلى الإفراط أو التفريط.

وقال من يصدُق فيه ويقتصد، بل الخداع والإغراء أغلبه والاحتياط فيه مهم لمن يخشى الله على نفسه التشوف إلى غير زوجته.

———-

1- معاطفها : ناحية العنق

2-  العوارض : الأسنان في عرض الفم، وهي ما بين الأسنان والأضراس، وواحدها عارض، والمراد اختبار رائحة الفم.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>