شعر: الدكتور جابر قميحة
قصيدة ألقيت في مدينة طنطا المصرية أثناء مظاهرة حاشدة تحدث فيها شيخ المجاهدين أحمد ياسين إلى المتظاهرين عبر الهاتف المحمول، وأكملها الشاعر بعد وفاة شيخ المجاهدين ابتداء من البيت الخامس والستين
قم عطر الفجر بالإسرا وياسينا
وعانق الفجر في شوقٍ وفي لهفٍ
واجعل مدادك من ماء القلوب وصُغْ
وأطِّر اللوحةَ الشمَّاء من مهجٍ
“أحمدْ ياسينُ” سَميُّ المصطفى شَرُفتْ
شيخ قعيد وفي الإيمان قوته
يحقق النصر من “كرسيِّه” أبداً
عروش ظلمٍ تولاها أباطرة
تفديك يا سيدي الدنيا وما جَمَعَتْ
لانتْ عظامك يا “ياسينُ” من هَرمٍ
فخذ لعظمك عظمي كي تشد به
ولو قبلت دمائي سُقْتُهَا مدداً
لانت عظامك، لكن لم تلن أبداً
وابيض شعرك لكن قد جعلتَ لهم
فما وهنتَ بسجنٍ ساوموك به
فعشت فيه مهيباً شامخاً أبداً
يخشون طيفك في الأحلام يُفْزِعُهُمْ
هم أحرص الناس من جبن ومن ضعةٍ
سمعتُ صوتك في طنطا يُشْنِّفُنا
“يا أهل مصرَ- وفي الذكرى لنا عبر
إنا على العهد ما جفتْ عزائمنا
فهز صوتُك منا كل خالجةٍ
لا بل ملايينَ ذابت في محبتكم
ها هم أسوُدك يا يسينُ قد نهضوا
همُو “حماسٌ” بروح الله قد زحفوا
فامضي حماسٌ بخيل الله واقتحمي
امضي سعيراً، وخوضي الهولَ،وانتصري
ولتزرعي الرعبَ جمراً في مضاجِعهم
يا فتيةٌ رصدوا للِه أنفسَهم
قالوا “الجهادُ سبيلٌ لا بديلَ له
هانت جُسومُهمُو في الله فانطلقوا
فمَادتِ الأرضُ حتى غُصَّ جانبُها
فما عليها سوَى أشلاءِ من هتكوا
أما الشهيد ففي الجنات مَنْزِلُهُ
يا أحمدَ المجدِ يا ياسينُ معذرةً
فلتعفُ عنَّا فإنّ العفو مكرمةٌ
فقد بُلينا بحكامٍ غَدَوْا أُسُداً
الآمرونَ بلا أمرٍ يُطاعُ لهم
لا تَذْكُرَنَّ بِهِمْ إلا جبابرةً
قد أنكروا الحقّ والأجدادَ من سفهٍ
واستعبدوا الشعب واجتاحوا كرامتَه
ثم ازدَهَوْا ببطولاتٍ مزيفةٍ
قالوا “السياسة فنٌ نحن سادتُه
قالوا “الزعامة فينا” قلتُ “ويلكُمو
فانهض “يَسينُ” وعلمهم فقد جهلوا
أن الزعامةَ إصرارٌ بلا وَهَنٍ
أن الزعامةَ إيمانٌ وتضحيةٌ
أن الزعامة إيثار ومَرْحَمَةٌ
“أحمدُ يسينُ” وأنتَ اليومَ مَفخرةٌ
أنت الزعيمُ بحق لا الأُلي فرضوا
فالكلُ من ظلمِهم قد بات مُغترباً
ولا كرامةَ إلا للأُلَي سجدوا
أنتَ الزعيمُ بحق لا الأُلي خَضعوا
قالوا “الدنَّيةُ خيرٌ مِنْ مُنىً بَعُدَتْ
“مُقابلُ السلم أرضٌ كيْ نقيمَ بها”
واستمرءوا الذلَّ في ضعفٍ وفي خورٍ
يا ليتهم نهجوا نهجاً دعوتَ له
لكنهم آثروا الدنيا وزينَتها
اتركهْمُو لمصيرٍ سوف يَبْغَتُهُمْ
واللهُ إذْ ما يشأ تنفذْ مشيئته
هذا نذيرُ قضاءٍ لا مردَّ له
يا سيدي، وعبيرُ الفجر يغْمرنا
فانسابَ منها تباشيرٌ تُناجينا
إني أرى النصرَ من قربٍ ينادينا
نظمتُ ذلك من عامين قد مضيا
وَدَّعَتَ دُنياكَ والمحرابَ مُبتسمًا
غالوك بالغدر لا تعجب فقد جُبلوا
حكامَنا يا نَشَامَى العارِ واأسفا
هنتمْ وخنتمْ وسالمتم عدوّكمُو
واليوم ننْعَى إلى الدنيا رجولتَكم
فوحدوا الزيَّ في جلسات قمتكم
فوحدةُ الزيِّ رمزٌ من توحدكم
üüüüüüüüüüüü
ورتل الفتح والأنفال والتينا
واكتب على الشفق الوردي “يا سينا”
حروف “ياسينَ” ريحاناً ويسمينا
تزينها، وبنور من مآقينا
به العروبة، واخضرت بوادينا
لم يعرف العجز والإذعان واللينا
فأين منه “كراسٍ” حُكِّمَتْ فينا؟!
على الهزيمة ما زالوا مقيمينا
وصفوةُ الناس من قومي وأهلينا
ومن جهاد على درب النبيينا
عظماً وَهَى منك حتى تأسوَ اللينا
تنساب في جسمك الواني شرايينا
قناة عزمك في لقيا أعادينا
من النهار سواداً حالكاً طينا
وما استجبتَ لهم كي تقبل الدونا
وكنتَ سجانهَم إذ كنتَ مسجوناً
حتى غدا ليلهم بالسهد مشحوناً
على حياةٍ، ولو ذاقوا بها الهُونا
عَبْرَ الأثير كنورٍقد سرى فينا
فلْتَذْكرونا، ولا تنسوا فلسطينا
عن الجهاد، ولا كلَّت أيادينا”
وأصبح الألفُ والألفان مليونا
من الصعيد تحييكم إلى سينا
يَفدُون مسرى رسول الله والدينا
“لبيك لبيك يا أقصى لقد جِينا”
فلن يعيدَ الحمى إلا المضحّونا
فالنصر حقٌ لمن باللهِ يمضونا
حتى يعيشوا حيارى لا ينامونا
فبايعوا ربهم غُرًّا ميامينا
والموتُ في اللٍه من أسَمى أمانينا”
وفجّروها براكينا براكينا
بما تَمزّق من أبناء صهيونا
عِرْضَ الطهارةِ والأوطان باغينا
طوبى له حين يلقى حُورها العينا
فالقلبُ من حُزنه قد بات مطعونا
لِمَا بدا من قصورٍ مؤسفٍ فينا
على الشعوب نَعاماً في أعادينا
فالأمرُ أضحى لأمريكا وشارونا
من البغاةِ كفرعونٍ وقارونا
وحقّروا عينَ جالوتٍ وحطينا
وصادروا الفكرَ واغتالوا القوانينا
بها انتكسْنا وعِشنا في مآسينا
وقد صنعنا لنا منها أفانينا”
سحقًا لذئب غدا بالنابِ راعينا”
أن الزعامةَ ليست لَهْوَ لاهينا
لا أن تكون بما جمّعتَ مَفْتُونَا
وقدوةٌ بكتابِ الله تَهْدِينَا
وأن تجوع لكي تُقْرِي المساكينا
يشدو بها اليومَ دانينا وقاصِينا
زعامةَ القهرِ تُغمينا وتُردِينا
والحرُ في أرضِه قد عاش مَطحوناً
وَهَلَلوا للزعيم “الأنْسِ” آمينا
وَسَلَّمُوا الأرض منكوسين راضينا
منالها مستحيلٌ أن يُدَانِينَا
فما رأينا لهم في الأرضِ تمكينا
وآثروا أن يكونوا في الأذلينا
إذن لعزُّوا وكان النصرُ مضمونا
وليأكلِ الشعبُ زقُّوماً وغِسلينا
يأتي عليهم ولو كانوا شياطينا
فأمره ليس يعدو “الكاف والنونا”
خاب الذين افتروا واستبعدوا الدينا
وقد كتبْنا على الآفاقِ “ياسينا”
وتجعلُ الجَدْبَ من حبٍّ بساتينا
واللهُ ناصرُنا، لا عبدَ يخزينا
واليوم صرتَ شهيدًا في أراضينا
وأنتَ تمضي إلى الجناتِ ميمونا
على النذالة فاغتالوا النبينا
بُوءوا بدمِّ يسينٍ مثلَ شارونا
وصار ظلمكمو طبعا وقانونا
وما استحقتْ من الأشعار تأبينا
حتى تَغيِظُوا به أبناءَ صهيونا
هيا ارتدوه فَسَاتِينًا فَسَاتِينَا