لأننا نريدها أن تدك الأرض تحت أقدام الظالمين ، ويريدونها أن تدك الأرض تحت أقدام الرجال أجمعين ..
لأننا نريدها أن تزلزلها تحتهم بأقدامها الصلبة لا خلاخيلها المجلجلة وقدها المياس المائل المميل لكل الجائعين..
لأننا نريدها أن تكسر أقفال العبودية لسماسرة اللحوم ، ويريدونها أن تكسر أقفال البيت والطاعة لزوجها بالمعروف وتسلم المفاتيح لكل العابرين لتضاريسها بلا رسوم ، بلا ولــي ، ولا تعاليم مصنفة في أسفارهم من بقايا الغابرين وأساطير الأولين ..
لأننا نريدها حلوة نضرة في بيت بعلها ليعف عن محارم إخوانه من العازبات والمتزوجات ، ويغدق كل حرمانه، نزواته بل حاجاته الإنسانية الآمنة ، على امرأة واحدة تساوي في خلابتها الدنيا بأكملها ..
ويريدونها دمية ” بــاربـي ” بألف شكل ولون من طبقات الشيميكولور ، وألف رقعة من رقع مصممي الهلوسات الكاسية العارية، فنحن مع سبق فسوقهم وعصيانهم ظلاميون ..
لأننا نريدها نجمة بيتها وأهلها وجيرانها وحيهـا وبلدها وأمتها جمعاء ، نجمة متألقة في سمائهم إيثارا ، عطاء، تضحية في خفر واستحياء دون أن يعني ذلك منها انمساحا ..
ويريدونها ” سيني ستار ” أمراضهم ونزواتهم الشاذة و العنينـة ، ويفضلونها بهلوانا عاريا راقصا لاعبا في مجامعهم المعتمة الملوثة ، ليرددوا في غمرة دوخاتهم على وقع رقصاتها وهي الذبيحة الغافلة الذاهلة عن مصيرها ، وهم في عز العربدة : (بـيس بـيس لـو القعدة بتـحلو) !!..حتى إذا أفاقوا كما تقول المغنية الراحلة أم كلتوم (بعد زوال الرحيق وإذ الفجر مطل كالحريق وإذ الدنيا كما نعرفها ، وإذ الأحباب كل في طريق) ..وحتى إذا اجتذبتهم حياة السكينة والفضيلة ، أداروا المقود بعيدا عن حشرجاتها وهي تستحيل لا عظما لحيما بل رميما ، ملفوظة من آلاف الأفواه الناهشة لنظارتها حتى النسغ ..
ولأننا نرفض لها هذا المأثم الجاحد في عز عزلتها ، فنحن مع سبق جحودهم وقسوتهم وعبثهم ظلاميون ..
لأننا نريدها أن تمشي حسيرة البصر عن فضول الأنام ، لا حسيرة العين عن المناكر والمظالم باعتبارها خليفة الحي القيوم الذي عينه لا تنام ، ولا حسيرة النفس والكرامة عن كل مصادر الإذلال ، ولا حسيرة اليد عن رد العدوان، ولا حسيرة الرجل عن الزحف إلى ميادين العلم والعرفان ، فنحن مع سبق إصرارهم ومكائدهم ظلاميون..
ولأننا كذلك ولأنهم كذلك، ولأن الأيام بيننا سجال، ولأن الحق يقع على الباطل فيزهقه، فإننا نمضي إلى غدنا المشرق، غد الإنسان الرسالي لا المرأة فحسب ، بثبات الحق وعون الحق ،ويمضون إلى حتفهم الأليم، إلا أن يتغمدهم الله برحمته، و يؤوبوا إلى صراط الذين أنعم الله سبحانه وتعالى عليهم ، غير الغضوب عليهم ولا الضالين من أصحابهم ..
وقبل ذلك ، فهم كحمير الطاحونة، ينطلقون في دعاويهم التحررية الكاذبة حول المرأة ، ويسيرون يسيرون ليعودوا إلى نفس نقطة الانطلاق.. فما أبأس الطريق، وما أحقر الحصاد ..
وصدق حيدر موسى عبد العظيم في كتابه الرائع “أزمة إنسان ” حين قال عن هؤلاء وأعمالهم الشبيهة كما قال سبحانه وتعالى {بسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء} :
(إن كل اعتقاد وكل ممارسة وكل شعيرة وكل عرف ليس له علاقة بخدمة نافعة يجب أن يحذف من حياتنا العلمية والعملية).