حزب الله اللبناني والمعية الربانية الُممَكِّنة


في يونيو1993  نشرت جريدة “المحرر” العربية ، الصادرة بفرنسا نقلا عن الصحافة الأمريكية خبرا بالغ الخطورة على منطقة الشرق الإسلامي ، مفاده أن هناك تعاونا حثيثا تم عبر التوقيع على اتفاقية في واشنطن بين وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وجهاز المخابرات الصهيوني ” الموساد “من أجل (تعزيز التعاون بينهما في منطقة الشرق الأوسط . وتتناول مواد الاتفاقية  التجسس على كل الأوضاع الاقتصادية في دول الشرق الأوسط من حيث وضعيتها الاقتصادية مواردا وصناعة وتصديرا ومعاملات ، مع التركيز على مشاكل المديونية والبطالة ، والعجز في الموازنة العامة ، ومشكلات الأداء الاقتصادي ، وتزايد عدد السكان ، وربطها بالهيكل العام للاقتصاد الوطني في كل دولة . ويتم تنفيذ هذه الاتفاقية عبر إعداد الدراسات اللازمة لغزو أسواق المنطقة اقتصاديا ، باعتماد سياسة إعلامية قريبة من حاجيات المستهلكين بهذه الدول ، والاعتماد على رجال الأعمال وأصحاب الثروات بالمنطقة،  بإعداد رسم بياني شامل بعدد رجال الأعمال وأصحاب الثروات في المنطقة المؤثرين اقتصاديا حتى تقوم وكالة الاستخبارات الأمريكية بجذبـهم إلى الفلك الأمريكي) انتهى الخبر .

مع مطلع سنة 2004 ستصدر الإدارة الأمريكية أوامرها للسلطة الفلسطينية لمحاكمة عاجلة وصارمة لفلسطينيين متهمين بقتل رجال مخابرات أمريكيين كانوا يتواجدون بالأراضي الفلسطينية. وقد توعدت الإدارة الأمريكية السلطة الفلسطينية بالويل والثبور إن هي تهاونت في تنفيذ أوامر السيدة أمريكا، والفلسطينيون و المسلمون قاطبة يعرفون بالتفصيل الممل طبيعة ما ينتظر السلطة الفلسطينية من ويل وثبور خاصة بعد تفجيرات نيويورك !!. فهل هناك أوضح وأوقح من هذا الإرهاب الأمريكي ضد دولة صاحبة حق وأرض وسيادة ، هي الدولة الفلسطينية ، رغمأنف إسرائيل ؟ .

لقد رأينا في الفقرة السابقة طبيعة الإصرار والترصد في التجسس الأمريكي الصهيوني على منطقة الشرق الإسلامي وعلى رأسها الأراضي الفلسطينية المحتلة، فكيف يجرم المدافعون عن أراضيهم ضد المتلصصين والمخربين، ألا يقول المثل المغربي ” الهاجم يموت شرع ” ، وأهم وأحكم من ذلك قوله سبحانه في سورة الممتحنة : “لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين  ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين، إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون “. وهل يتواصل هذا العدوان على القانون الدولي من طرف الإرهابيين الحقيقيين أمريكا وإسرائيل بلا رادع ؟.. أليس من حق الفلسطينيين وكل المسلمين أن يتعقبوا فلول  الاستعماريين الجاثمين على أراضيهم بالقوة أو استهبالا من منطلق التلاقح الحضاري والعلاقات الديبلوماسية الملغومة،  أم أن حق المتابعة والاختطاف والمحاكمات الجائرة بغوانتنامو وغيرها من المنافي الأمريكية الصهيونية حكر على أمريكا وإسرائيل فقط؟؟!!..

إن الراصد لهذا الإرهاب السائب لكلا الكيانين المرتزقين لا يمكنه إلا أن يقتنع بالمنطق الرباني العادل والصائب والوحيد،  منطق السن بالسن والعين بالعين والإرهاب بالإرهاب والاستعمار بالجهاد والمقاومة، وإذا كانت  صيحات الخيانة التي تصدر بين الفينة والأخرى عن بعض الأنظمة العربية والداعية إلى وقف المقاومة والارتكان إلى موائد المفاوضات الاستسلامية تصب في  هذا المنطق الذي لا يعترف بالكرامة والحقوق المطلقة  إلا للأقوياء ، فإن هذا المنطق لن يجد من رد أفحم وأنجع لإخراسه من رد حزب الله اللبناني المجاهد ، هذا الرد الذي غير معادلة موازين القوى التقليدية جذريا وأعطى الخطاب الإسلامي كل القوة والعنفوان، وأعاد إسرائيل إلى حجمها الطبيعي ، حجم المعتدي المتوجس ، لشعوره الدفين بتهافت  ادعاءاته . وقد شكلت عملية تبادل الأسرى مع إسرائيل مؤخرا ، والتي قاد حزب الله اللبناني فصولها بشموخ واعتداد باهر بالذات المسلمة الشديدة على الظالمين ،  الدليل الحاسم على أولوية خيار المقاومة لضمان أفضل رقعة للتفاوض بعزة وكرامة عند الضرورة.  وفي غمرة هزائمنا المترادفة تتبعنا بكل الزهو  من خلال   المنابر الإعلامية المحلية و الدولية ، محطات الصفقة التي أخرست أمريكا وسحبت غطرسة إسرائيل من كل تصريحاتها التي تميزت  بالعبارات المحسوبة والأقوال المقرونة بالأفعال على غير عادة الكيان الصهيوني حين يتعلق الأمر بالمسلمين بمختلف أطيافهم باستثناء المقاومة الفلسطينية الباسلة !!.

فهل بعد هذا الحدث القوي الدلالة، من توقيع حزب الله الماجد، وما ترتب عنه من تمريغ لأنف العدو سنـظل أسرى مقولة القوة الأبديةلأمريكا وإسرائيل التي لا تقهر؟؟..

إن حزب الله و المقاومة الإستشهادية بالأراضي المحتلة أدركا أن إخلاص العبودية لله وإفراده بالتوكل وأسباب النصرة باب أكيد للتخلص من عبودية الأصنام الجديدة  ، ولنا قبل التوقف عند المقاومة اللبنانية أو الفلسطينية الباسلة  وسلوكياتها الربانية المبهرة أن نعود إلى عهود النبوة الشامخـة مع سيدنا إبراهيم ، من بين فيض من الأمثلة العظيمة، لترسيخ اليقين بأن أولياء الله هم الغالبون،  فقد كان إبراهيم عليه السلام أمة وحده، تحدى طواغيت زمانه ودمر آلهتهم  واستخف بأقسى عقوباتهم التي قضت برميه في النار، وفي المقابل كان عبدا لله في كل الابتلاءات التي حلت به ، فاستحق المعية الربانية ..

ترى هل في السلطة الفلسطينية وهي المرمية من حصار لحصار ومن إهانة لإهانة من يتدبر في سيرة سيدنا إبراهيم .. ومؤخرا في سيرة بواسل حزب الله اللبناني ، قبل الرضوخ “للبلطجة” الأمريكية  ؟ .

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>