التقينا بالشيخ أحمد بن محمد الحجامي (1318هـ) القادم من الريف (قبيلة بني زروال في شمال البلاد) لتلقي العلم بالقرويين، لدراسة التفسير والحديث والفقه والتوحيد والمنطق.. وعاش فترة الكفاح والمقاومة ـ بالسلاح والسياسة ـ وعاصر زعاماتها.
وعن الخطوة الأولى للقرويين على طريق العلم ـ كان سؤالنا.
< كيف وصل العلم إلى القرويين؟؟
يقول الشيخ الحجامي :
- وصل العلم إلى القرويين من مصر عن طريق تونس، فتلمسان في الجزائر. وأيضا من الأندلس، أما من مصر، فقد نقله ابن قاسم المصري تلميذ الإمام مالك، الذي أقام عنده في المدينة عشرين عاما ـ وهو الذي نقل المدونة التي ألفها سحنون، ثم من تونس نقله أسد بن الفرات.. وأما من الأندلس فقد نقل عن طريق يحيى بن يحيي الليثي الأندلسي، وإليهما -هو وابن قاسم- يعود الفضل في اتباع أهل المغرب المذهب المالكي.
لقد انتقل العلم إلى القرويين من هنا وهناك على أيدي الرجال والوفود. خاصة تلك التي كانت تأتي من الجزيرة العربية إلى المغرب في عهد المولى إدريس، وأيضا عن طريق من اعتنق الاسلام من أهل الكتاب أمثال الشيخ “نيجارا والشيخ المنجور” وغيرهما..
وهكذا استقر العلم في فاس وفي مسجدها ـ القرويين ـ ليشع منه وينتشر.
< وعن الطريقة التعليمية في القرويين؟
- لم يكن التعليم في القرويين منتظما أول الأمر، فكان الطالب يدخل المسجد ويجلس في أي حلقة يختار، ويتلقى العلم عن من يختار من العلماء والمشايخ الذين يزخر بهم المسجد.
وقد اعتنى علماء القرويين ـ كثيراـ بتدريس الفكر والأصول والفقه وما يتعلق بها من علوم أخرى كالتوحيد والعروض والمنطق، أما تدريس التفسير والحديث فلم يهتموا به كثيرا بادئ الأمر، بالرغم من وجود حلقات له تعقد فيما بين العشاءين.
< ولا يخلو الحديث مع أحد ـ من أبناء القرويين ـ من تذكر الاستعمار الفرنسي، وما صاحبه من الكفاح، وما كشف عنه من الدروس. فيقول الشيخ الحجامي… متذكرا :
- عندما أحكم الاستعمار الفرنسي قبضته على البلاد وجد عند البربر قضاة يقضون بين الناس بالعرف وليس بالشريعة الاسلامية، فأبقاهم الاستعمار على ما هم عليه، وكان يهدف من وراء ذلك إلى تنصير هؤلاء البربر شيئا فشيئا ومن ثم تنصير الشعب بأسره، فقام الشباب من طلاب القرويين يعلنونها جهادا إسلاميا ضد المستعمر وخططه التنصيرية، وكان على رأسهم علال الفاسي -رحمه الله- أحد زعامات حركة مقاومة الاستعمار.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن كل أبناء فاس وقفوا في وجه المستعمر وقاوموه، وانتظموا في حركة الجهاد ـ حسب قدراتهم فمنهم من قاوم بالسلاح ومنهم من قاوم بالأساليب السياسية.
> عن مجلة الأمة القطرية
عدد شعبان 1402هـ