إشراقة – وفود الرحمان


تتحرك المشاعر، وتشتد الأشواق إلى أول بيت وضع للعبادة والدعاء، والتذلل والبكاء، والتضرع والانكسار للواحد القهار، قال تعالى : {إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين}(آل عمران : 96).

هناك بجوار البيت العتيق حيث فيض النور، ومهبط الرحمات الغامرات الوافرات تكون ضيافة الرحمان.

قال  : “الحجاج والعمار وفد الله إن دعوه أجابهم وإن استغفروه غفر لهم” رواه ابن ماجة.

لَبَّيْكَ وسعديك يا مجيب نداء الرحمان، وأبشر بالخير بين يديك وأنت في طريقك إلى بيت ربك.

قال  : “إذا خرج الحاج حاجا بنفقة طيبة ووضع رجله في الغرز فنادى لبيك اللهم لبيك ناداه مناد من السماء لبيك وسعديك زادك حلال، وراحلتك حلال، وحجك مبرور غير مأزور، وإذا خرج بالنفقة الخبيثة ووضع رجله في الغرز فناد لبيك اللهم لبيك ناداه مناد من السماء لا لبيك ولا سعديك زادك حرام، وراحلتك حرام وحجك مأزور غير مأجور” رواه الطبراني في الأوسط.

إن المسلم يغيب عن أهله في رحلة الخير هذه لتغيب ذنوبه في بحار عفو الله تعالى.

قال  : ” ما من محرم يضحى يومه يلبي حتى تغيب الشمس إلا غابت ذنوبه فعاد كيوم ولدته أمه” رواه ابن ماجة.

وفي رواية : “من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه” متفق عليه.

إنها رحلة مباركة ميمونة مرحومة، يدخل فيها المسلم إلى بحبوحة رحمة الله.

قال  : “إن الله ينزل على  أهل المسجد في كل يوم وليلة عشرين ومائة رحمة، ستين للطائفين، وأربعين للمصلين وعشرين للناظرين” رواه البيهقي وحسنه.

إن شعائر الحج تعتبر إحياءا لهدي الأنبياء من أعظم القربات والطاعات، الدالة على التأسي والاقتداء، الحب والوفاء لسنن المرسلين والأنبياء.، وعلاوة على هذه الشعائر تأتي أضحية العيد لتكرس وتأكد هذا الإحياء وهذا التأسي، فمن أراد الأضحية ورأى هلال ذي الحجة فعليه أن يمسك عن شعره وأظفاره.

قال  : “من كان له ذبح يذبحه فأهل هلال ذي الحجة فلا يأخذ من شعره، ولا من أظفاره شيئا حتى يضحي”. رواه مسلم

وإذا وجد سعة ولم يحي هذه السنة فهو محروم من فضل صلاة العيد.

قال  : “من وجد سعة فلم يضح فلا يقرب مصلانا” رواه احمد والحاكم والبيهقي.

ومن أراد أن يُضحي فلا يضحي حتى يصلي.

قال  : “من ذبح قبل الصلاة فليعد ذبحا، ومن لم يذبح فليذبح على اسم الله”. متفق عليه.

والأضحية قربة إلى الله ينبغي أن تكون سليمة من العيوب والنقص.

قال  : “أربع لا تجزئ في الأضاحي : العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ضلعها، والكسير التي لا تنقي : أي الهزيلة”. للحديث أطراف في مسند أحمد.

فلهذا كان  لا يذبح إلا السليمة السمينة، عن أنس ] قال : “ضحى رسول الله  بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده واضعا قدمه على صفاحهما وسمى الله وكبر” رواه مسلم.

وكان  يضحي بالجيد لأجل التكافل، قال  : “من ضحى منكم فلا يصبحن بعد ثالثة وفي بيته منه شيء، فلما كان العام المقبل قالوا : يا رسول الله نفعل كما فعلنا العام الماضي؟ قال : كلوا، وأطعموا، وادخروا، فإن ذالك العام كان بالناس جهدا فأردت تعينوا فيها”. متفق عليه.

إن لكل زمن عبادة وأفضل عبادة يوم النحر ذبح الأضاحي، قال : “ما عمل آدمي من عمل يوم النحر أحب إلى الله من إهراق الدم، إنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض، فطيبوا بها نفسا”. رواه الترمذي.

وأجر الأضحية شامل يعم من ضحى ومن أعسر فلم يضح ،لأن النبي ضحى عن نفسه وعمن لم يضح من أمته، ذبح رسول الله كبشا وقال : “باسم الله والله أكبر، اللهم هذا عني وعن من لم يضح من أمتي”.  رواه أبو داود والترمذي.

عبد الحميد صدوق

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>