{وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولّيتم فإنما على رسولنا البلاغ المبين، الله لا إله إلا هو وعلى الله فليتوكل المومنون}
موالاة الكافرين والمنافقين
إن العقيدة الإسلامية حينما تُدرك وتُفهم وتستوعب في النفس، فإن من طبيعتها أن تُشعر المؤمن بأنه على الحق وهذا يعطيه اقتناعا بأن الإسلام هو الحل وإنه حينما تزداد الأيام تقدما، والكشوف العلمية توسعا، وتطرأ هنا وهناك أحداث، نزداد استيقانا من أن الإسلام هو الحق وهو الحل. كل مرة نكتشف أن ديننا صحيح، وأن مخالفته آفة من الآفات، وأنها تؤدي إلى الكوارث العظيمة. هذه المسألة نحن مطمئنون إليها وليس عندنا في أي حكم من أحكام الشريعة الإسلامية ارتياب أو شك، الأحكام التي زُيّنَتْ لنا بأنها غير مخالفة للشريعة، وفيها إنقاذ للاقتصاد كالربا مثلا، فإننا مطمئنون لحرمتها مهما دافع المدافعون عنها فإنهم لن يدافعوا في نهاية المطاف إلا عن واقع سيء مريض، أو إنهم أناس جهلة يريدون لهذه الأمة أن تتردى أكثر مما هي متردية.
كل مرة نكشف أن الإسلام يبرز حجته وذاته. لما توقفت الآن البشرية مع السيدا كان المبرأ هو الإسلام. والكنيسة في الحقيقة كانت متورطة فهي ما كان لها موقف صريح من هذا الشذوذ الجنسي ومن هذه العلاقات الآثمة، فهي ساعدت وأعانت على الاختلاط وشجعت عليه. الكنيسة أصبح فيها الآن قساوسة ورهبان شواذ ويدافعون عن الشذوذ كما هو الشأن بالنسبة لبريطانيا. ولا يزال هؤلاء الناس يعتقدون بأنهم يستمتعون بحريتهم الكاملة وأن الشعوب الإسلامية محجَّر عليها ومضبوطة ومنكمشة ومتزمتة لأنها لا زالت تحافظ على القرآن. إنهم تجاوزوا بمراحل هدي القرآن وتوجيهه. لكن إلى أين أدَّى الأمر؟ أدى الأمر إلى أن تقع الكارثة والنكبة والمصيبة، وأن يبحث الناس عن حلول وحلول، ولكن الحل دائما في محاربة هذه الآفة لن يكون إلا بالإسلام الذي يرفع شعار العِفَّة أبداً على مستوى الفرد والمجتمع.
… هؤلاء الناس جمعوا أموالا وأصبحت لهم قوة، وأصبحوا يدافعون في بعض الدول عن وجودهم، وفي بعض المرات أصبح أباطرة المخدرات أقوى وأغنى من الدول نفسها، وأصبحوا يعرضون على بعض الدول أن ينقذوها من الديون. إذن فإزالة المخدرات لم يعد بالأمر السهل، ولا أصبحت تكفي هذه الإجراءات السهلة العادية التي تسمعون عنها. لكن الإسلام كان منذ مدة متشددا في قضية التبغ فقط. كان العلماء المسلمون يقولون إن التبغ حرام، بعض الساقطين والمائعين كانوا يقولون إنه مكروه. ولكن الآن عرفنا أن التبغ لا يمكن أن يستحق من الحكم إلا التحريم، وجميع المحافل الفقهية الإسلامية قالت بأن التبغ حرام. لو أننا تشددنا في التبغ أكنا يمكن أن نصل إلى المخدرات. من أين جاءت آفة المخدرات؟ من التساهل في الدخان. إننا في كل الويلات والكوارث نكتشف أن الإسلام هو الحل. الإنسان المجنون الأحمق الموجود في الغرب الذي اعتدى على كل الكائنات والذي نقل جُنُونه إلى الحيوانات حتى انقرضت، لأن الإنسان أصبح يُطْعِمُ هذه الحيوانات أشياء من النجاسات والقاذورات والأشياء المُنْتِنَة والأَزْبَال… هذا الآن شيء فظيع ومخيف في العالم الغربي. ما كان يمكن أن يقع مثله أو شيء قريب منه في الإسلام. فقهاء المسلمين كانت لهم أحكام رائدة في الحيوان وخاصة دجاج البادية لأنه يأكل من نجاسات الإنسان، فلذلك يُحْبَسُ قليلاً حتى ينْظُف ويطْهُر. وكان الفقهاء يمْنَعُون منعا باتا أن يوضع الدَّجَاجُ في الماء الساخن لأن جَسَدَها يصبح نجسًا بالكامل. تصوروا أنهم لو عرفوا هذه الأحكام عندنا لعرفوا أن هدي الإسلام عظيم جدا، وأنه فعلا يحافظ على صحة الإنسان، وأن هذه الآفات كلها لا يمكن أن تكون معروفة في الإسلام. هذا هو الذي يُكْسِبُ المسلم اقتناعًا أنه على الحَقّ، وهذا الذي يكسبه انتماء لهذه الأمة ولهذا الدين. انتماؤك للإسلام واعتزازك به يجعلك تهتم بقضايا المسلمين وبواقعهم وبالآفات التي تلاحقهم.
مع الأسف الشديد هذا الإحساس الذي غاب في حياة المسلمين اليوم جعل الناس لا يهتمون ولا يكترثون لما يقع لإخوانهم في الدين والعقيدة، هذه شعوب تُسْحَق صباح مساء.فلا يفعل المسلمون أي شيء لصالح هؤلاء ليتحقَّق التأييد والمناصرة ولو بالكلمة الطيبة. إنكم حينما تجدون في نقطة من الأرض شعبا يدافع عن كيانه ووجوده ضد أكبر قوة غاشمة في تلك المنطقة ضد جيش مدجج بالسلاح، وحينما ترون هذه الفئة القليلة تثبت ثباتا عظيما وتلاحق أولائك الجند الظالمين وتلحق بهم الخسائر. إن هذا فقط وحده يبعث في النفوس العِزَّة، وهذا أمل لجميع الشعوب المستضعفة. بعض الصحف لا تتحدث عن الشيشان وما يقع فيها وعن بطولات الشيشانيين الخالدة، بل تتكلم عن مسائل تافهة مثل طلاق ملكة بريطانيا عن زوجها. وفي المقابل تجد هناك سكوتا مطلقا عن قضية الشيشان وعن قضايا المسلمين الأخرى في الهند وفي فلسطين.
العالم الآن أصبح يتراصُّ على أساس إلغاء الإسلام. وهذه هي الغاية وهذا هو المطلب، فأوروبا كانت تنتظر فرصة مثل هذه لتضخِّم الأشياء وتعظِّمها وتقول للناس كفانا من هذا الإسلام، لأنه أصبح قرين التطرف والعنف والإرهاب. وبدل أن نعالج قضية خاصة هي قضية فلسطين، فلنعمم القضية ولنقل إنه حيث ما وجد صاحب دين يجب أن نُوقِفه عند حده. انفجاراتٌ وقعت في القدس مثلا، وشعب لا يزال يطالب بحقه. على كل حال وقعت هذه الأشياء كما تقع في ايرلندا وبريطانيا وفي جهات كثيرة من العالم. العالم الغربي دائما يضخِّم الأشياء فيما يتعلق بالإسلام.
إن القضايا الصغيرة التي تقع في دول العالم الإسلامي تُتّخذ منطلقاً للحصول على نتائج أكبرمن ظاهرة “التطرف”. ولنتكلم عن “الأصوليين” كلهم في العالم، ولكن ليس هناك عنف ولا تطرف ولا شيء من هذا القبيل أكثر من تطرف إسرائيل. إن اللوبي الإسرائيلي يجمع الدعم والمال لدولة إسرائيل ولازالت تموّل به. وقد أعطيت لها الأموال جهارا نهارا. إذن هذه هي القوة الظالمة في الأرض والتي تريد أن تُسْكت المسلمين وتسيطر عليهم حيثما وجدوا. أقول إن أمريكا دائما على الحق وعلى الصواب وأتباعها وأذنابها معها على صواب!! في عرف الأنا الغربية.
فهل موالاة هؤلاء وأمثالهم تُبْقِي للإيمان بقية؟!