الشرفاء عند الله


كثير من الناس  يعتقدون أنهم بمجرد انتسابهم لسلالة  شريفة  أصبحوا شرفاء فعلا، فيفتخرون بهذا النسب، ويبيحون لأنفسهم تصرفات لا يقبلها شرع ولا عقل ولا أخلاق.

- فمنهم من يتسول باسم الشرف، ويجمع الأموال وينفقها فيما حرم الله.

- ومنهم من يجلب النساء باسم الشرف فيزني ويفسق.

- ومنهم من يبيح لنفسه وأهله المال العام بانتمائه لأحزاب  تريد تعطيل نصوص قرآنية قطعية الدلالة ويريد أن ينادى عليه بمولاي كذا.

- ومنهم تارك الصلاة

- ومنهم مانع الزكاة

- ومنهم….. ومنهم….. ظانين أن انتماءهم للشرفاء سيغني عنهم من الله شيئا.

فهل هؤلاء هم فعلا شرفاء؟ وهل ينفعهم شرفهم هذا يوم لا ينفع مال ولا بنون؟

إذا سلمنا أن الشرف نزل على علي ] مثلا، فهذا يعني أن أبناء وأحفاد علي شرفاء، فهل كلهم شرفاء؟ وهل هم وحدهم الشرفاء؟

الصالحون منهم شرفاء بدون منازع، شرفاء بصلاحهم، وشرفاء بنسبهم.

أما دونهم فلا علاقة لهم بالشرف، لأن الشرف يعني الإيمان والتقوى والخوف من الله، ويعني الصدق والأمانة والتوكل على الله، ويعني العفة والقناعة والحياء من الله.

باختصار، الشرف يعني اتباع محمد  وقد قال   للثلاثة الذين التزم أحدهم أن يصوم ولا يفطر، والتزم الثاني أن يقوم الليل ولاينام، والتزم الثالث أن يعتزل النساء ولا يتزوج. فقال لهم  : >أما إني أخشاكم لله وأتقاكم له، ولكني أصوم وأفطر وأقوم وأنام وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني<(1).

صح أن الرسول  جلل فاطمة وزوجهاوابنيهما بكساء وقال : >اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذْهِبْ عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا<(2).

فاطمة الزهراء هذه، أحب الخلق إلى رسول الله  يقول لها أبوها : >يا فاطمة بنت محمد اعملي فإني لا أغني عنك من الله شيئا، من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه<، أحب الخلق إلى رسول الله لا ينفعها انتسابها إن لم تعمل صالحا، فماذا عن غيرها؟

وعندما أنزل الله عليه  : {وأنذر عشيرتك الأقربين} جمع قريشا وقال لهم : “يا معشر قريش، اشتروا أنفسكم، لا أغني عنكم من الله شيئا.. يا بني عبد مناف، لا أغني عنكم من الله شيئا. يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئا, ويا صفية عمه  رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا، ويا فاطمة بنت محمد، سليني ما شئت من مالي، لا أغني عنك من الله شيئا(3).

وروى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها : “أن قريشا أهمهم شأن المخزومية التي سرقت فقالوا : من يكلم فيها رسول الله ثم قالوا من يجترئ عليه إلا أسامة ابن زيد حبُّ رسول الله، فكلمه أسامة، فقال رسول الله : يا أسامة أتشفع في حد من حدود الله؟ ثم قام فخطب فقال : إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها”.

ومن هنا نجد أن الانتساب العرقي لا ينفع إن لم يكن مشمولا بطاعة الله عز وجل. قال تعالى في شأن نوح عليه السلام : {ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق، وأنت أحكم الحاكمين. قال يا نوح إنه ليس من أهلك، إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين}(هود : 46) نفى الله انتسابه لأبيه لأنه عَمَلٌ غَيْرُ صالح . ومن هنا لم تنفعه بنوته لنوح فكان من المغرقين في الدنيا، ويوم القيامة مع أ هل النار. أسأل الله السلامة والعافية.

…………………………..

1- رواه البخاري

2- سير أعلام النبلاء ج2 ص : 88

3- نساء حول الرسول لمحمد موسى رمضان ص : 17

ذ. محمد رفيق

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>