إن الله خلق الخلق بحكمته الباهرة وبإرادته الحرة المنفردة وبعلمه المطلق المحيط بكل شيء وجعل سنة التفضيل في خلقه سارية، ففضل آدم وذريته أيما تفضيل وقال في شأنه: {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا} واجتبى من ذرية آدم الأنبياء والمرسلين واصطفى منهم حبيبه محمد صلى الله عليه وسلم وجعله القدوة الهادي دون إخوانه المسلمين وميز رسالته بأن جعلها رسالة خاتمة كاملة خالدة وأخيرا رحمة للعالمين وقال فيها {ورحمتي وسعت كل شيء} فاتسع مجالها حتى شملت كل شيء وطمع فيها كل شيء حتى إبليس اللعين فخص بها رسوله الكريم وأكرم بها من أتباعه من قال فيهم تعالى: {فالذين آمنوا به (أي برسوله) وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون} (الأعراف : 157).
لكن مقام الفلاح لا يتم إلا بتطبيق الشريعة الغراء مضبوطة كاملة شاملة في نطاق مقتضيات قوله تعالى: {إياك نعبد وإياك نستعين} التي تعد المنطلق الأساسي لقوله تعالى: {فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا} (هود : 112)
لقد استطال التفضيل كل شيء وشمل الأيام والساعات والشهور… وفضل من بين الشهور شهر رمضان وفرض صيامه على أمة القرآن وجعله شهرا كاملا جمع فيه من الفضائل ونعوت الخير مالم يجمعه في أي شهر كان، فهو شهر الصيام وشهر القيام وشهر الرحمة وشهر المغفرة وشهر العتق من النار وشهر الصبر وشهر المواساة وشهر صلة الأرحام وشهر ملئ المساجد ودور القرآن، حتى قال بعض السلف الصالح: “إن رمضان في الأيام كالنبي محمد صل الله عليه وسلم في الأنام”.
مدرسة الإيمان:
إن فريضة الصيام هي بحق وحقيقة مدرسة الإيمان إذا أعطاها الصائم حقها وأداها كما أمر بها وتجاوز حدود صوم العوام الذي يقف عند الإمساك عن شهوتي البطن والفرج دون الاهتمام بما سواها إلى صيام الخواص الذي يتجاوز ما سبق بصيام الجوارح كلها القلب والبصر والسمع واللسان.. فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو شاتمه أو قاتله فإنه يقول إني صائم إني صائم. وبذلك يحقق الغاية من الصيام في قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} ( البقرة: 182) تلك التقوى التي تعد جماع كل خير فمن أراد الدنيا فعليه بالتقوى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب} (الطلاق: 2- 3) ومن أراد الآخرة فعليه بالتقوى {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى} (البقرة: 196) ومن أراد العلم النافع فعليه بالتقوى: {واتقوا الله ويعلمكم الله} ومن أراد المعية الربانية التي لا تعطى إلا لأهل الله فعليه بالتقوى {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون} ومن أراد الحصول على الولاية فعليه بالتقوى {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون}. ومن أراد أن يقذف الله في قلبه نورا يفرق به بين الحق والباطل فعليه بالتقوى {يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا}. وهكذا لو تتبعنا مقتضيات التقوى لطال بنا المقام ولما رشفنا من معين بحرها إلا أقل ما يقال.
شهرالصبر:
لما كانت التقوى هي الغاية القصوى من فريضة الصيام فإن الصبر من مقتضياتها. يقول تعالى: {والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون} (البقرة: 176) لأن الصبر ينمي في الصائم قوة التحمل على ضبط انفعالاته وتقوية إرادته لكسب مناعة ضد المعصية بجميع أشكالها وأنواعها وكل مسارب مغرياتها من شهوات النفس وشبهات الجن والإنس. يقول صلىالله عليه وسلم في إحدى خطبه: “أيها الناس: قد أظلكم شهر عظيم فيه ليلة خير من ألف شهر جعل الله صيامه فريضة وقيام ليله تطوعا من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه هو شهر الصبر والصبر ثوابه الجنة” (رواه ابن خزيمة في صحيحه).
وكل هذا يحتاج إلى نية خالصة وأعمال صادقة. يقول صلى الله عليه وسلم: “من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه” من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه.
إن الصبر كما يعودنا ويقوي إرادتنا على فعل الخير وإخلاص العمل لله يعودنا أيضا على محاربة الشر بابتعادنا عن كل الرذائل بما فيها المخالفات الشرعية والعادات السيئة التي تعود عليها البعض كالتدخين وتعاطي المخدرات بجميع أشكالها وألوانها وأنواعها التي تسبب الإدمان وبالتالي تصل بالإنسان إلى الإذعان للشيطان وجند الشيطان ومن لف لفهم من المنافقين والانتهازيين والذين يثرون على شقاء الآخرين.
التحذير مما يفسد الصيام أو يقلل من أجره:
لكن فضل الصيام لا يمكن الحصول عليه إلا بالقيام به كما أمر الله وكما جاء به رسوله الكريم الذي يحذرنا من مبطلات الصيام غير الطعام والجماع أو يقلل من أجره وفضله يقول صلى الله عليه وسلم: “الصوم جنة فإذا كان صوم يوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو شاتمه أو قاتله فليقل إني صائم” (رواه الشيخان).ويقول أيضا: “من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه” (رواه الشيخان).
الغبش الذي طرأ على صوم الأمة:
هكذا نرى أن مدرسة الصوم تعودنا على الفضائل كالصبر والصدق والإخلاص والحياء والمحاسبة للنفس والمراقبة لرب العزة في السر والعلانية وتنمية الشعور بالإحساس بالآخرين بل بالمسلمين جميعا في كل مكان كما تعودنا أيضا على محاربة الرذائل في القول والعمل والجوارح وتريد منا هذه المدرسة بأن يصاحبنا هذا الجهد وهذه المجاهدة في كل وقت وحين حتى يأتينا اليقين.
لكن للآسف الشديد نرى حاضرنا المزري يتجه غير هذا الاتجاه ويجعل للعبادة مواسم خاصة وكأننا تقمصنا شعار غيرنا “اعط ما لله لله وما لقيصر لقيصر” بل تجاوزنا الخط الأصفر إلى الخط الأحمر وأصبحنا نسمع في كل مكان هذا للدين وهذا للدنيا هذا للدين وهذا للسياسة هذا للدين وهذا حتى أصبحت حياتنا مجزأة ممزقة كما قيل نرقع ديننا بدنيانا فلا دين يبقى ولاما نرقع.
وحتى ما هو للدين جعلنا له مواسم محدودة وأوقاتا معلومة فنرى أكثر الناس في رمضان يشمرون على ساعد الجد فيصومون النهار ويقومون الليل ويحافظون على الصلوات في أوقاتها ولا سيما العشاء المتبوعة بالتراويح تلك التراويح التي أصبحت في مفهومنا أولى من الفرض فإذا اقتصر على تسليمتين أو ثلاث لإقامة درس أو محاضرة ترى البعض يغضب ويفر قائلا حرمونا من التراويح من غير أن يعي المسكين أن طلب العلم فريضة والتراويح سنة والأولى الجمع بينهما فيحضر الدرس والمحاضرة ويعود إلى منزله ليصلي من الليل ما شاء الله له أن يصلي.
وهكذا غابت عنا الأولويات في ديننا وأصبحنا نقدم ما يستحق التأخير ونؤخر ما يستحق التقديم لكن بالرغم من ذلك نثمن الأمر ونطالب الاستمرار فيه.
لكن الذي لا يقبل عقلا ولا شرعا ولا منطقا هو أنه لمجرد ليلة السابع والعشرين من رمضان يبدأ العد التنازلي في عدد المصلين فتفتر الهمم وتضعف العزائم ويعود أمر الأمة إلى ما كان عليه من قبل رمضان كأن القيامة قامت والحساب قد انتهى وفاز من فاز وخسر من خسر.
فإلى نفسي وإلى هؤلاء أقول : إذا كنا نعبد رمضان فإن رمضان يموت كما يموت الجميع وإذا كنا نعبد الله فالله حي لا يموت وعبادته سبحانه لا تقتصر على شهر ولا على يوم ولا على موسم ولا على أية لحظة من أيام الله بل عبادته يجب أن تكون مستمرة لاستمرار دقات القلب ولحظات العين وتعداد الأنفاس . يقول صلى الله عليه وسلم: “ما تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسب وفيم أنفقه وعن علمه ماذا عمل به”
نعم أخي أختي: واصل مسيرتك الرمضانية وتمسك بالفضائل التي اكتسبتها وحافظ على تلك الطاعات وذاك الفضل العظيم الذي أكرم الله به حبيبه المصطفى وأمته واعبد ربك بما عبدك به حتى يأتيك اليقين وتفوز مع الفائزين {وفي ذلك فليتنافس المتنافسون} (المطففين: 26).
البعثة وبداية نزول القرآن:
قبل مغادرة مدرسة رمضان لابد من التعريج على حدثين هامين يزيدان رمضان شرفا ورفعة هما :
1- بعثة الرسول الكريم
2- نزول القرآن العظيم
بعثة الرسول الكريم:
إن الله سبحانه وتعالى بعث رسوله الكريم على فترة من الرسل وفي الوقت الذي تعطشت البشرية فيه إلى المنقذ الذيينقذها من ظلام الكفر والوثنية والإلحاد، ظلام التمزق والحيرة والهلع، ظلام الطغيان والاستبداد والاستعباد.
نعم بعثه في هذه الفترة الحرجة ليعيد إلى الحياة رونقها وجمالها وقيمتها ويعيد إلى البشرية إنسانيتها فيهدي به الضال ويرشد الحائر ويجمع به القلوب المتنافرة ويوحد به الامم الممزقة ويرد به للإنسانية كرامتها وينشر به رحمته المهداة إلى خلقه رحمة الرسالة الخاتمة والعامة والخالدة التي أتت بمنهج كامل ينظم حياة المخلوق سواء على المستوى الكوني أو الاجتماعي أو التشريعي وسواء في عالمي الغيب أو الشهادة.
بدء نزول القرآنالكريم:
إن رمضان يسمى شهر القرآن ففيه نزلت أول آية {اقرأ باسم ربك الذي خلق}(العلق: 1).
في تلك اللحظة الخالدة التي التقى فيها أمين الأرض بأمين السماء وتفجرت تلك الأنوار لتنير الطريق لهذا المخلوق إذ جعله المولى مصدر الهداية ومنبع السعادة {كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير} {كتاب لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد}.
يتلوه النبي الكريم على القاصي والداني على الصغير والكبير على الأمي والعالم على الذكر والأنثى على الجن والإنس ليغسل به أدران الجاهلية الجهلاء والضلالة العمياء وينظف العقول مما علق بها من خرافات وأوهام ويعلم الناس كل الناس -إلا من أبى- ما ينظم لهم وينفعهم في جميع شؤون حياتهم وما يسعدهم السعادة الأبدية في حياتهم الأخروية.
نعم أنزله المولى على رسوله الكريم معلنا به مولد أمة ومبعث رسالة جامعة لهداية إلانس والجن رافعا بها راية الحق ممزقا وماحقا راية الباطل معجزا به البشرية على طول مسارها التاريخي يتحداهم بأن يأتوا بسورة من مثله ويستعينوا بمن شاءوا من غير الله ثم يعلنها صريحة واضحة لكل متكبر جبار في كل زمان ومكان {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن ياتوا بمثل هذا القرآن لا ياتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا}.
يكفي في وصفه قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لعلي لما سأله عن المخرج من الفتن التي ستكون كقطع الليل المظلم فقال له :
كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخير ما بعدكم وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل من تركه من جبار قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله وهو حبل الله المتين والذكر الحكيم والصراط المستقيم وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسن ولا يخلق من كثرة الرد ولا تنقضي عجائبه ولا يشبع منه العلماء ولا تختلف به الآراء من قال به صدق ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل ومندعا إليه هدي إلى صراط مستقيم.
هذا هو الوصف الكامل للمنهج الشامل الذي بعث الله به رسوله الكريم لينتشل البشرية من وهدتها الساحقة ويرفعها إلى القمة السامقة قمة العبودية الخالصة للواحد الأحد التي تحرس الإنسان كل الإنسان من عبودية ما سواه فيعيش في دنياه حرا طليقا لا يعترف لسلطان عليه إلا سلطان الله أو من أذن له في شرعه حسبما هو مبين في منهجه.
هذا هو منهج الله الذي كلف به خلقه ويمكن لقائل أن يقول إذا كان الأمر هكذا فلماذا نرى أحوال المسلمين في الوقت الراهن تدعو إلى الأسى والأسف دويلات متفرقة وأهواء متباينة وزعامات متطاحنة متقاتلة وأحزاب متعددة متناحرة تأخر في كل الميادين، جمود في كل حركة، فساد في المرافق محسوبية في كل مجال، بطالة ضاربة الأطناب، استبداد واستعباد من كل مسؤول مسؤول، طغيان وتجبر على كل ضعيف مستضعف، جبن كامل وخوار تام عن رد أبسط اعتداء خارجي ولو كان من لدن شذاذ الآفاق الذين ضرب الله عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله لكنهم استأسدوا علينا وأصبحت دول الطوق كما يسمونها حارسة أمينة لإسرائيل محاصرة حصارا تاما لإخوانهم -إن لم يكونوا في الدين يكونوا في الطين- وقل ما شئت وعبر بما شئت في هذا المضمار.
مقارنة بين الأمس واليوم:
لكن قبل الجواب عن كل هذا وغيره وما خفي منه أعظم تعالوا لننصت بأذن واعية إلى تلميذ المنهج الرباني عمر بن الخطاب ليضع أصبعنا على الداء والدواء فيقول: “إنا كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام فمهما نطلب العزة بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله”(رواه الحاكم).
والواقع ينطق والتاريخ يشهد كيف كان عمر ومن معه وكل من أتى بعده يطلب العزة بالإسلام وبمنهج الإسلام ولا يريد بغير الإسلام ومنهج الإسلام بديلا.
وكيف أصبحت الأمة الإسلامية بعد أن ألقت بمنهج ربها جانبا واستبدلته بهرطقة بشرية شرقية أو غربية اشتراكية أو ليبرالية، وطنية أو قومية، إنسية أو جنية… فإنا لله وإنا إليه راجعون.
ركعت وسجدت كل فئة إلى مذلها الذي يخيفها من أبناء جلدتها ويوهمها أنه الحارس الأمين لمصالحها فأعطت بالأدبار لأمتها واستمرأت الذل والهوان وظنت أن عزتها في التمسح بأعتاب المنظمات والهيآت الشرقية أو الغربية وأصبح الكل يستجدي العطف والرحمة والمساعدة من الذين فقدوا كل إحساس إنساني حتى على أنفسهم وأهليهم ولا هم لهم إلا رفع شعار الغاب : شعار المخلب والناب شعار “البقاء للأقوى” فالقوة والغلبة هي العدل والرحمة عندهم.
وهم يعلمون علم اليقين أن الذي يعكر صفو حياتهم هي هذه المبادئ الإنسانية التي جاء بها هذا الدين الذي يجعل الناس سواسية كأسنان المشط لا فرق بين عربي وعجمي إلا بالتقوى: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} (الحجرات: 13) لذا فهم يتربصون بها الدوائر ويتحينون الفرص لاستئصالها من الوجود -ولن تكون لهم إن شاء الله-.
وأكبر شاهد على ذلك ما يلاقيه المسلمون في جميع أنحاء العالم في ديارهم وديار غيرهم من تقتيل وتذبيح وإحراق بالقنابل المدمرة المحرمة عندهم دوليا كما يزعمون ولا تباح إلا عند المسلمين مع بعضهم البعض وفي أرض المسلمين وتدمير أبناء المسلمين.
نعم كل هذا يتم باسم الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان والحداثة والعولمة إلى غير ذلك من الأسماء والمسميات التي لا يضبط معناها إلا السيد المطاع بالحديد والنار والخراب والدمار.
وإذا لم تصدق فافتح أذنيك لتسمع أنين المعذبين في سجون الطغاة المتجبرين ولا سيما في عهد قوانين العم سام الذي يسم كل عمل أو قول لا يناسبه بالارهاب وإن كان السمع لا يفيدك في شيء لأن التعتيم الإعلامي العالمي على مآسي المسلمين في كل مكان شيء مسلم به ومتفق عليه في جميع أنحاء العالم وعلى جميع مستويات وسائل الإعلام لأن كل من قال كلمة حق دفاعا عن المظلومين إلا ووصه العم سام بالإرهاب ومعاداته للسامية ومحاربته للديموقراطية وخرقه لحقوق الإنسان و…و…
وفي التو تعطى الأوامر للأذيال من أجل تحقيق ما يريد وما يرضي العم سام ويتنافس الجميع في تحقيق مراده للحصول منه على شهادة حسن السلوك وإلا وضع في لائحة الإرهاب أو حماية الإرهاب.
يدل على ذلك ما يلاقيه المسلمون في البوسنة والهرسك التي استشهد بغصتها المجاهد علي عزت رحمه الله وبورما التي لا يعلم ما يقع فيها إلا الله وأفغانستان والباكستان والشيشان وفلسطين وكاشمير والسودان والفلبين وأندونسيا وما العراق عنا ببعيد الذي جاءه الأمريكان على عجل ليحرروه من استبداد صدام شفقة على العراقيين المساكين ولعابهم يسيل على آبار البترول وعيونهم تنهمر بالبكاء دموع التماسيح على العراقيين ودموع الحسرة والألم خشية على الغنيمة أن ينزعها الأشاوس من بين أنيابهم واللائحة طويلة حتى أصبح دم المسلمين أرخص دم في العالم فإلى الله المشتكى.
وأخيرا إذا كان الأمر كما يرى ويسمع أما آن الأوان لأمة القرآن أن تراجع نفسها وتعود إلى منهج ربها لعل الله يخرجها مما هي فيه ويعيد لها عزتها ومجدها وكرامتها.
أما آن الأوان لحكام العالم بأن يراجعوا حسابهم مع شعوبهم في ظل منهج الله قبل فوات الأوان ويعلموا أن عزهم ومجدهم في ارتباطهم بشعوبهم والحرص على محبتهم وتحبيب أنفسهم لهم.
فيا أمة القرآن ويا أتباع سيد الأنام والله لن تجدو العزة والسؤدد والمناعة إلا في منهج القرآن وفي الاقتداء بسيد الأنام.
فهيا بنا جميعا صغارا وكبارا ذكورا وإناثا حكاما ومحكومين أغنياء وفقراء أقوياء وضعفاء نستظل براية القرآن ونرفعها خفاقة في أعالي السماء بالتطبيق العملي للمنهج الرباني حتى يراها كل حر في العالم فيردد معنا شعار الخلود : لا إله إلا لله محمد رسول الله. ويرفع معنا راية تحرير الإنسان من عبودبة أخيه الإنسان ويردد معنا قولة عمر بن الخطاب لوليه على مصر عمرو بن العاص: “ياعمرو متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا”.
ونضع اليد في اليد من أجل أن نطبق في حياة الناس كل الناس ما رسمه ربعي بن عامر في جوابه لرستم قائد جيوش الفرس في القادسية لما قال له ما الذي جاء بكم إلى أرضنا وبلادنا تركتم صحراءكم وطمعتم في خيرات أرضنا. فقال له ربعي بن عامر : إن الله ابتعثنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة.