“المداومة على العمل الصالح” آثارها والأسباب المعينة عليها


الحديث: عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل” متفق عليه.
وعن مسروق قال: سألت عائشة رضي الله عنها  أي العمل كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: “الدائم” متفق عليه.
وعنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلن إذا عمل عملا أثبته، وكان إذا نام من الليل أو مرض صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة”(رواه مسلم)

 التوضيح والبيان: وبهذا يتبين أن العمل الصالح من الأشياء التي يلزم حصولها كي يعتبر الإنسان مؤمنا ولو ادعى أنه مؤمن وترك الأعمال الصالحة مما يجبر الفرائض إذا نقص منها شيء. فإنه لا يعتبر مؤمنا لأنه لم يأت بالعمل الصالح، قال تعالى: {والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات…}

وأفضل الأعمال وأحبها إلى الله تعالى ما داوم عليه صاحبه. والمداومة على الأعمال الصالحة في الشريعة الإسلامية من الأهمية بمكان، ولها  آثار متعددة.

  آثار المداومة على الأعمال الصالحة:

1- دوام اتصال القلب بخالقه: مما يعطيه قوة وثباتا وتعلقا بالله وتوكلا عليه, ومن ثم يكفيه الله همه {ومن يتوكل على الله فهو حسبه}

2- تعهد النفس عن الغفلة: وترويضها على لزوم الخيرات حتى تسهل عليها, ومن ثم تصبح ديدنا لها لا تكاد تنفك عنها رغبة فيها, وكما قيل: “نفسك إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية”.

3- إنها سبب لمحبة الله للعبد وولاية العبد لله : قال تعالى: {إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين} من ذنوبهم على الدوام, والمتنزهين عن الآثام.

4- سبب للنجاة: إن المداومة على الأعمال الصالحة سبب للنجاة من الشدائد, فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم فقال: “يا غلام، ألا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن؟ فقلت: بلى فقال: “احفظ الله يحفظك، حفظ لله تجده أمامك، تعرف إليه في الرخاء يعرفك في الشدة” أخرجه الإمام أحمد.

5- تنهى صاحبها: إن المداومة على  صالح الأعمال تنهى صاحبها عن الفواحش, وعن أبي هريرة ] قال: جاء رجل إلى النبيصلى الله عليه وسلمفقال: “إن فلانا يصلي بالليل, فإذا أصبح سرق، فقال: إنه سينهاه ما تقول” أحمد والبيهقي.

6- سبب لمحو الخطايا: إن المداومة على  الأعمال الصالحة سبب لمحو الخطايا والذنوب. والأدلة على هذا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: “من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه, وإن كانت مثل زبد البحر” متفق عليه.

7- سبب لحسن الختام: وأن المداومة على الأعمال الصالحة سبب لحسن الختام، ووجه ذلك أن المؤمن يصبر على أداء الطاعات. كما يصبر على المعاصي والسيئات. محتسبا الأجر على الله عز وجل، فيقوى قلبه على  هذا، وتشتد  عزيمته على فعل الخيرات، فلا يزال يجاهد نفسه فيها. وفي الانكفاف عن السيئات فيوفقه الله عز وجل لحسن الخاتمة.

8- سبب للتيسير  في الحساب: إن المداومة على الأعمال الصالحة سبب للتيسير في الحساب وتجاوز الله تعالى  عن العبد. فعن ربعي بن حراش قال: اجتمع حذيفة وأبو مسعود فقال: حذيفة: “رجل لقي ربه فقال ما عملت؟ قال: ما عملت من الخير، إلا أنني كنت رجلا ذا مال، فكنت أطالب به الناس، فكنت أقبل الميسور وأتجاوز عن المعسور، فقال: “تجاوزوا عن عبدي” قال أبو مسعود هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول. البخاري ومسلم.

9- من داوم على  عمل صالح ثم انقطع عنه بسبب مرض أو سفر أو نوم كتب له أجر ذلك العمل: أخرج البخاري بسنده عن أبي موسى الأشعري  قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا” قال ابن حجر: هذا في حق من كان يعمل طاعة فمنع منها، وكانت نيته – لولا المانع- أن يدوم عليها. فتح الباري. وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ما من امرئ تكون له صلاة بليل فغلبه عليها نوم إلا كتب الله له أجر صلاته وكان نومه صدقة عليه” النسائي.

 الأسباب المعينة على المداومة على الأعمال الصالحة:

1- أعمال عباد الرحمن: الأعمال الصالحة من صفات عباد الله المؤمنين، وإنما كانت من صفات المؤمنين، لأن أبعد الناس عن المداومة على صالح العمل, إنما هم المنافقون وذلك راجع إلى أنهم لا يرجون بأعمالهم رحمة الله.

2- العزيمة الصادقة: من الأسباب المعينة على الأعمال الصالحة: العزيمة الصادقة على لزوم العمل, والمداومة عليه أيا كانت الظروف والأحوال وهذا يستلزم نبذ العجز والكسل اللذين هما داءان يُرْدِيان بنشاطه إلى الخمول وحياته إلى الخمود ما لم يتدارك نفسه – بعد الاستعانة بالله- بإرادة قوية وعزيمة صادقة, ينتشل فيها نفسه من تلك الوهدة.

3- القصد وعدم التشدد: من الأسباب المعينة على  الأعمال الصالحة: القصد في الأعمال، وعدم الإثقال والتشديد على النفس، فإنه أدعى للمداومة وأضمن لها, إذ أن النفس البشرية تركن إلى الراحة والدعة فمتى باغتها الإنسان بأعمال تثقلها ماتت وانقطعت بخلاف ما إذا سايرها بما يستطيع، وعودها على لزوم الخير رويدا رويدا.

وكلما رأى في نفسه خفة ورغبة إلى الخير, راد ما لا يثقلها، وكما قيل: “قليل دائم خير من كثير منقطع” قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: “خذوا من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا” متفق عليه.

 ما يؤخذ من الحديث:

1- المداومة على الأعمال الصالحة دليل على إيمان المرء.

2- المداومة على الأعمال الصالحة أحب الأعمال إلى الله.

3- لا يحسن بمن داوم على عمل صالح أن يتركه.

4- وجوب التدرج وسلك مسلك اليسر على النفس.

ذ. الحسين فليو

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>